تعاني أمريكا منذ فترة من ندرة وجود ساسة العيار الثقيل، من شاكلة فرانكلين روزفلت وجون كينيدي وجورج بوش الأب، أو على الأقل بيل كلينتون وباراك أوباما، وهذه المشكلة في أوجها اليوم، فنظرة سريعة على الديمقراطيين، الذين ترشحوا لانتخابات 2020، أو ينوون الترشح لها، تجلب التشاؤم لأنصار هذا الحزب، فالسيناتور برني ساندرز، اليساري الإشتراكي، يعتبر أحد أبرز المرشحين، وهو في نهاية السبعين من عمره، ومع أنه كاد أن يطيح بهيلاري كلينتون، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في الانتخابات الماضية، عندما استطاع أن يجذب شريحة الشباب، إلا أنه ليس ذات المرشح السابق، فهناك غيره ترشحوا بذات الأجندة هذه المرة، ويملكون الكاريزما وأفضلية السن، وبالتالي فالراجح أن حظوظه هذه المرة لن تكون مثل المرة السابقة. وبجانب برني ساندرز، هناك عضوة مجلس الشيوخ، اليزابيث وارين، وهي إلى حد ما، نسخة من أوباما، إذ أنها تمثل أقصى اليسار، ومع أن هناك من حاول، ولا يزال يحاول، أن يصنع منها خليفة لهيلاري كلينتون، إلا أن الفرق بينهما كبير، فهيلاري تحمل تاريخا سياسيا محترما مقارنة بوارين، ومنذ أن أعلنت وارين ترشحها، لم تستطع حتى اليوم تغيير الصورة النمطية عنها، فقد كانت تفتقد للرصانة، والقدرة على مخاطبة الجمهور كما ينبغي لمرشح رئاسي، ومع أنني لست من معجبيها، إلا أنني كنت أتوقع أن تبلي جيدا، خصوصا وأنه كان لديها وقت طويل لذلك، ولكنني حقا تفاجأت من رداءة أدائها، ولذا لم يوفرها الرئيس ترمب من التنمر، فهو محترف في الرد على خصومه، وهي تعتبر من أشرس خصومه وأكثرهم حدّة. يتغنى الديمقراطيون بأن جوزيف بايدن سيترشح للرئاسة، وأظنه سيفعل، وبايدن هو نائب الرئيس أوباما، الذي عمل قبل ذلك عضوا في مجلس الشيوخ لمدة طويلة، ولا أعرف سر هذا الحماس له، فهو سياسي جيد بلا شك، ولكنه، من وجهة نظري، لا يملك المؤهلات اللازمة، التي تؤهله لمنصب الرئيس، فهو سيصبح في نهاية السبعينات من عمره، مع حلول الانتخابات الرئاسية القادمة، علاوة على أن الإعلام بدأ يكشف بعض أسراره، كعادته في ملاحقة نجوم السياسة، وهي أسرار ستضر بايدن، إذ يتهم بأن له زلّات لسان، يفهم منها أن لديه موقفا عنصريا، وسبق أن كتبت وقلت إن ما يسمى ب»زلات اللسان»، هي مواقف في العقل الباطن يفضحها اللسان في لحظة تجلٍّ، والغريب أنه من أكثر الساسة اتهاما لترمب بالعنصرية!، وسنواصل الحديث.