أولى الملك (المؤسس) عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وأبناؤه الملوك من بعده، المسجد النبوي الشريف جل العناية والاهتمام، وبذلوا الكثير في عمارته، خدمةً للإسلام والمسلمين، كما أولوا المعالم الخاصة بالمسجد النبوي أيضًا جل عنايتهم وعلى رأس هذه المعالم المحراب النبوي الشريف. محراب الإمام ويعتبر «محراب الإمام»، من المعالم البارزة في المسجد النبوي الشريف وهو موضع صلاة الإمام، ويُسمى المحراب النبوي، ويقع هذا المحراب في الروضة الشريفة على يسار المنبر النبوي، يُستدل به على القبلة، ويقوم فيه إمام المسجد النبوي ليصلي بالمسلمين. التحول من بيت المقدس ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى إلى بيت المقدس ستة عشر، أو سبعة عشر شهرًا بعد هجرته من مكة إلى المدينة.. وقد كان مُصلاه آنذاك في نهاية المسجد من الشمال مقابل باب عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم أمره الله تعالى بالتحول إلى الكعبة، كما في قوله تعالى: [وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ]، فتحول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وجعل قبلته إلى الكعبة، فغيَّر موقع مُصلاه صلى الله عليه وسلم من شماليِّ المسجد النبوي إلى جنوبيِّه وصلى بضعة عشر يومًا إلى أسطوانة عائشة أم المؤمنين. ثم تقدَّم صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلى مُصَلاَّه الأخير الذي استقرَّ عليه بالقرب من الأسطوانة المعروفة بالمخلّقة، بينه وبين المنبر الشريف أربعة عشر ذراعًا وشبرًا، وبينه وبين جدار الحجرة الشريفة ثمانية وثلاثين ذراعًا، وبينه وبين جدار القِبْلَة ممر الشاة. نسبته للنبي ونُسب هذا المحراب للنبي، صلى الله عليه وسلم؛ لوقوعه بالقرب من المكان الذي كان يصلي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أن المحراب لم يكن مبنيًا بناءً يُميِّزه عن سائر أجزاء المسجد النبوي، وإنّما كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم الوقوف في هذا المكان، يؤمُّ المسلمين حتى وفاته، ويجعل جدار المسجد النبوي سترة له . أول من بناه واستمر الأمر على ما هو عليه، حتى بناه عمر بن عبدالعزيز حينما كان أميرًا على المدينة في خلافة الوليد بن عبدالملك بأمر منه عام 88 - 91ه. وقال السمهودي: «ولم يكن للمسجد محراب في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء بعده حتى اتخذه عمر بن عبدالعزيز في عمارة الوليد واحتاط في أمره، وقال البُجَيْرَمِيّ الشافعي: «ولم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم، والخلفاء بعده إلى آخر المئة الأولى محراب وإنما حدثت المحاريب في أول المئة الثانية». وتعاقب خلفاء المسلمين على الاهتمام بجميع المعالم النبوية والتاريخية بمسجده الشريف، حتى جاءت الدولة السعودية فأولته كل العناية في ظل التوسعة التي شهدها الحرمان الشريفان.