كما سبق لي وأن كتبت في مقال سابق بأنه لا توجد انتخابات في كل بلدان العالم تستحوذ على اهتمام البلدان والشعوب بالقدر الذي هي عليه الانتخابات الرئاسية الأمريكية- وهذه حقيقة- مع أن هناك دولا كبرى كالصين وروسيا، لكنهما لا تملكان التأثير الذي تستأثر به الولاياتالمتحدة، بل وتهتم هي الأخرى بالانتخابات وتتابعها، وتؤيد أحدهما، وتتمنى سقوط الآخر. الآن، وبعد أن جلا غبار السباق الرئاسي، ووضحت الصورة، وأصبح (جون بايدن) هو الرئيس المنتخب، فعلى الجميع أن يحترم رغبة واختيار الشعب الأمريكي لرئيسه الذي يرى أنه الأصلح في قيادة بلد أشد ما يعانون فيه هذه الأيام هو (جائحة كورونا) والتي أعتقد بأنها هي التي كانت الكبوة الكبرى في سقوط فرس الرئيس (ترامب) ليخسر السباق. نجاح (بايدن) وسقوط (ترامب) أشعل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وجعلها تتنبأ بما ستكون عليه سياسة الرئيس الجديد، بل وبعضها قد حددت برنامجه وهو لم يصل إلى أعتاب البيت الأبيض، وبعضها خاض في العلاقة المستقبلية بين إدارة الرئيس الجديد وبعض الدول، وتنبأت بما لا يصدقه عقل، متناسين بأن العلاقات بين الدول لا تحتكم للأمزجة الشخصية، وأن المخاوف التي يدلي بها بعض المحللين حسب أمزجتهم وميولهم غير المبررة. وسائل الاعلام استبقت مباشرة الرئيس المنتخب وتحدثت عن أنه سينضم لاتفاقية (باريس) للمناخ من جديد، والعودة للاتفاق النووي، وسيلغي قرار الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وينهي حظر السفر على مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة من السكان، وسيعيد سياسة عهد (أوباما) بمنح أقدمية الهجرة والمهاجرين غير المسجلين الذين دخلوا الولاياتالمتحدة وهم أطفال، وهذا لم يذكره (بايدن) في خطابه الاحتفالي، ورجال السياسة الذين دخلوا معتركها وعاصروا عددًا من الرؤساء الأمريكيين ويتفهمون الدور الذي هو عليه أي رئيس قادم في السياسة الأمريكية، يتفقون على أن أي قادم للإقامة في البيت الأبيض لا يمكن له إلا أن يرعى مصالح أمريكا أولا، ويقول سمو الأمير بندر بن سلطان السياسي البارز، والذي كان سفيرًا للمملكة في واشنطن: (بأن الرئيس المنتخب جون بايدن لا تغيب عنه مصالح أمريكا في المنطقة بحكم معرفته بها من خلال خبرته كعضو في مجلس الشيوخ الأمريكي، وكنائب للرئيس الأمريكي الأسبق أوباما). وللذين يراهنون- من الأنظمة الداعمة للإرهاب والميليشيات الإجرامية- على دعم السياسة الأمريكية الجديدة لمشروعاتهم، وأن غيرهم سيقيمون تحت الضغط، واهمون ويحلمون بالمستحيل، ولا يدركون جيدًا طبيعة السياسة الأمريكية.. ونستشهد في ذلك بما صرح به (بلينكن) المساعد السابق ل(بايدن) ومستشاره الخاص، (بأن الولاياتالمتحدة ستراعي أكثر من أي وقت مضى حاجتها للحلفاء، ولا تتوقعوا رفعًا للعقوبات عن إيران) وأيضًا ما قالته السيدة (هاريس) نائبة الرئيس المرشح في حوارها مع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي الذي عبرت فيه عن فهمها للعلاقة الأمريكية السعودية وما يجمع البلدين من اهتمامات ومصالح مشتركة، حيث قالت (علينا الاستمرار بالتنسيق في مختلف المجالات التي نستمر بامتلاك رؤية مشتركة فيها) كما جاء في الزميلة (الرياض).