بعد ساعات محدودة يضرب جرس الإنذار في الولاياتالمتحدةالأمريكية لفتح صناديق الاقتراع لتحديد من سيكون الرئيس القادم. المرحلة استثنائية بكل المقاييس ومصدر الاستثناء أن التحديات التي فرضها الواقع على الشعب الأمريكي تتطلب إخراجاً استثنائياً يغيب عن المشهد من يصنعه، لأن القيادات الحالية من الحزبين قلقة ومتوترة والإعلام فقد الموضوعية لأنه إما مع أو ضد ولا أحد يستطيع مساعدة أمريكا إلا أمريكا لأن أوروبا القارة القديمة كما ينعتونها هي الأخرى تعيش أزمة تهدد أمنها واستقرارها وتحتاج لمن يساعدها، ولكن أمريكا الحليف الضامن خلال القرن الماضي منشغلة بأزماتها الداخلية. الحلم الأمريكي تحقق منه الكثير خلال النصف الثاني من القرن الماضي. ثراء لا مثيل له وتفوق علمي غير مسبوق وهيمنة القوة التي لا منافس لها ولكن كل ذلك لم يحل مشاكل العنصرية والفقر والتفاوت بين طبقات المجتمع، ومن بداية الألفية الثالثة بدأت بوادر تحديات التفكك من الداخل من خلال ارتفاع معدلات البطالة والأزمة الاقتصادية ومظاهر العنصرية والعنف المصحوبة بالفوضى وتراجع هيبة صورة أمريكا في الداخل والخارج وكل المؤشرات تنبئ بالأسوأ. لن تمر الانتخابات القادمة بسلام ومن أهم الأسباب أنه على عكس ما كان يحصل في الانتخابات السابقة حيث كان هناك موضوع/مواضيع في أجندة كل مرشح تخضع للنقاش والتمحيص المستفيض تساعد الناخب على انتخاب المرشح المتوقع أنه سيحقق بعض مطالبه. الحدث الطاغي في هذه الانتخابات وباء كورونا الذي شل حركة الاقتصاد بكل فروعه وموارده وتسبب في وفاة ما يقارب من ربع مليون أمريكي وأكثر من مليون شخص على مستوى العالم ومن الدول المتقدمة على وجه الخصوص ولا يوجد له لقاح معتمد حتى اللحظة. الإعلام والحزب الديموقراطي يحمل الرئيس ترامب مسئولية التأخر في الإفصاح عن فيروس كورونا، وهذا عامل قد تؤثر تداعياته على نتيجة الانتخابات ويخسر ترامب الرهان على كسب ولاية ثانية، ويكلف البداية من جديد في حلول للمشاكل التي تعيشها أمريكا من بداية القرن الحادي والعشرين. وفي كل مسيرة أمريكا منذ استقلالها عن العرش البريطاني كانت العنصرية حاضرة ببؤس وعنف وبدون حلول شافية فلا المال ولا القوة والتقدم الحضاري استطاع التغلب على فيروس العنصرية في ذلك البلد الذي يملك كل مقومات القوة والثراء والتفوق المادي، ولم يستطع ذلك إخراجها من عقدة العنصرية والعنف الذي عجزت مؤسساتها المدنية وفق نصوص دستورها العظيم من التغلب عليها. الكل يحبس أنفاسه خلال الساعات القادمة وينتظر نتائج الانتخابات وهل سيتم الاستلام والتسليم لمفاتيح البيت الأبيض حسب نتائج الاقتراع ويتجاوز الشعب الأمريكي أزمة الانتخابات وتنصب الجهود على إيجاد لقاح لوباء كورونا وينقذ العالم؟.. إنه اختبار صعب للمؤسسات وللديموقراطية في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. والعالم بأسره في الانتظار...!.