أعتقد أنه جاء الوقت ليكون من أولويات واجبات مؤسساتنا الثقافية والتعليمية والإعلامية واهتماماتها الآن هو تعزيز الوعي بتاريخ الوطن وأمجاده، فضلا عن تدبر مراحله التاريخية والاتعاظ بها، حتى الوقوف اليوم على معطيات التاريخ الحضاري لهذا الوطن، ثم تعميق الوعي بهذا الإرث الكبير من الأمجاد التاريخية والبعد الجغرافي لهذا الوطني في نفوس العامة والأجيال القادمة والشباب على حد سواء، خاصة في ظل الظروف السياسية الإقليمية الظاهرة على الساحة واللعب على وتر المورثات العثمانية أو الفارسية البالية من العهد القديم. فيجب على مؤسساتنا أن تعمق في نفوس ناشئتنا تلك التضحيات والجهود التي بذلها الآباء والأجداد، وفي مقدمتهم الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه لبناء الوطن، ولم شمله، وزرع الحب والإخاء مكان الكره والبغض والفرقة بين أبناء هذا الوطن. على المجتمع من خلال مؤسساته تعميق الوعي بين أفراده بضرورة رصد ومقاومة ما يتعرض له الوطن من حملات المغرضين الغائرين والهجمات العدائية الشرسة فضلاً عن الأعداء الناقمين، وتبصير أبناء الوطن بها، وبخاصة الشباب لإكسابهم القوة والعزيمة في الصد والمواجهة مع إدراكهم البعد التاريخي والإرث الوطني الكبير والغزير لهذا الوطن كوحدة لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً وهي المملكة العربية السعودية. على مؤسساتنا الاجتماعية المختلفة التعليمية والإعلامية أن تبين للناشئة من أبنائنا وبناتنا أن تاريخ الإسلام مرتبط بهذا الوطن ارتباطًا إيجابيًا، وأن موطن الإسلام الناصع انطلق من أرض المملكة، وأن مقدسات المسلمين مسؤولية عظيمة تتحملها المملكة وشعبها بحب وشرف؛ ليكون ذلك قدر هذا الوطن وأبنائه وقيادته الحكيمة ومن هنا فإنه يحب على أبناء هذه البلاد المحافظة على هذه الريادة التاريخية العربية الإسلامية وتأصيلها في نفوس النشء وأجيالنا القادمة. إن مسؤولية مؤسساتنا الثقافية والإعلامية في تأصيل الانتماء للوطن لا تقتصر على الصعيد الداخلي فقط رغم أهميته، ولكن على هذه الجهود الثقافية والإعلامية وأن تسعى إلى تحقيق صورة المملكة وشعبها على الصعيد الخارجي وأن تعكس الصورة الحقيقة لأبناء هذا الوطن ولا يمكن أن يحقق لبلادنا ووطننا مكانًا على خريطة العالم ما لم تسوق هذه الثقافة في صورتها الناصعة بأسلوب مميز مبتكر يعكس جمالنا وأخلاقنا وعرقتنا وإنسانيتنا وعالميتنا.