وصلني عبر الواتساب مقطعان أعدهما من الفيديوهات المؤسفة والفاجعة، والحديث عنهما على درجة عالية من الأهمية، وتكمن أهميتهما بالدرجة الأولى في افتقاد بعض الأبناء لأدنى معاني الإنسانية مع كل أسف، ثم فيما تضمناه المقطعان من سلوكيات مأساوية صدرت تجاه الآباء الذين بلغوا من العمر عتيًا وتستدعي ظروفهم الصحية الوقوف إلى جانبهم لتلبية احتياجاتهم الخاصة والقيام بالمتطلبات التي يصعب عليهم القيام بها، لقد أثرت تلك الفيديوهات في النفس تأثيرًا بالغًا لم استطع تجاوزهما دون أن أبدي رأيًا فيهما ولا أشك أن أحدًا ممن رأى تلك الفيديوهات إلا وتأثر بها إلى حد كبير، فدرجة الجحود التي بلغت بهؤلاء الأبناء ليس بالأمر الهين ولا يمكن أن نجد لها ما يبررها حتى في أسوأ الأحوال، المشاهد تحمل بين فقراتها أقبح مواقف النكران، ومسامع تدمي القلب، أنا شخصيًا لم أكن أتوقع مصداقية كامل ما احتواه هذا المقطع لولا أن مثل تلك الأفعال قد تكرر فعلها وتكاثر تداولها بين الناس، ولهول فحوى هذا المقطع وفظاعة ما فيه جعلني أتوقف عن إكماله واكتفيت بما سمعت من موقف دنيء من أبناء عاقين أقل ما يمكن أن نطلق عليهم أنهم فاقدو الإحساس ومجردون من أبسط مقومات الإنسانية. المقطع الأول اختصر فيه الشاهد والراوي الذي تفاعل مع الموقف قصة معاناة أم مع زوجة ابن تم طرد هذه الأم من المنزل على إثر خلاف بينهما، هامت على إثر ذلك هذه الأم على وجهها في الطرقات تندب حظها وهي تكفكف دموعها التي تساقطت على أرصفة الشوارع، تتساءل عن مصيرها المحتوم، المقطع الآخر لأم تشتكي وبحرقة ألم وحدتها ببن صمت الجدران، تشكي عدم سؤال الأبناء عنها في ظل هذه الظروف الصعبة، وقد بلغ بها الحال ذات يوم أن دفعتها الظروف والحاجة إلى الاتصال بمركز العمليات الأمنية وقت الحظر تستأذنهم للسماح لها بالخروج فقط كي تشتري رغيف خبز تسد به آلام الجوع الذي ألم بها، مثل هذه التصرفات بدت لي وكأنها تسير في اتجاه تصاعدي، فنحن لم نكن نسمع بها سابقًا إلا في المجتمعات الغربية البعيدة كل البعدعن الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة، فما الذي غيَّر الحال، سؤال بسيط لكن الجواب عنه كبير وكبير جداً. * فاصلة: «هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ».