عكس التحرك السريع لمواجهة تداعيات كورونا وانخفاض النفط من خلال إيقاف بدل المعيشة وزيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15% ، أهمية القرارات لمنع الدخول في مرحلة كساد لمدة طويلة ينعكس على عدم النمو وارتفاع نسب البطالة لأرقام غير مسبوقة مما يؤدي إلى تبخر الإنجازات التي تحققت خلال الخمس سنوات الماضية، مثل ارتفاع نسبة تملك المواطنين في الإسكان من%43 إلى 57%، وتمكن الاقتصاد من إيجاد وظائف لأبناء وبنات الوطن، ونمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة 23% و لاشك أن هذه القرارات الصعبة تحافظ على القوة المالية للدولة ومدخراتها، مما يعطي الفرصة للعوده لرحلة النمو و التنمية مرة أخرى بشكل سريع وتحقيق مكاسب أكبر بدلا من الدخول في كساد طويل وهو الأمر الذي يهدد العالم. ورغم ضخامة التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا إلا أن السعودية اختارت أخف القرارات ضر ًرا على مواطنيها ومنها بدل غلاء المعيشة المؤقت الذى أقرته الحكومة بصفة مؤقتة في وقت كانت مستويات التضخم عالية ونظراً للأحوال الاقتصادية في العالم وتراجع مستويات المعيشة فقد أنتفى الغرض من البدل. ورأت الدولة أنه في ظل خيارات المستهلكين المتعددة يمكن رفع نسبة القيمة المضافة من %5 إلى %15 . وكان تخفيض الإنفاق بحوالي 30 مليار ريال إجراء طبيعي؛ ضمن خطط تخفيف التداعيات التي خلفتها أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد، وعلى الرغم من قوة التحديات إلا أن الحكومة ظلت ملتزمة بالوفاء برواتب وبدلات موظفيها ، ورصدت مبلغ 177مليار ريال لتعزيز قطاع الصحة، وتخفيف أثر الجائحة على القطاع الخاص والمحافظة على رواتب الموظفين فيه. مواطنو المملكة أوفياء وتعول الدولة بشكل كبير على تفهم مواطنيها لقراراتها، وخصوصًا في ظل الأزمة الحالية، عرفانا منهم للتضحيات والقرارات الشجاعة والمصيرية التي قامت بها منذ اليوم الأول في جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد. وقد راعت عدم تأثر الأسر الضمانية والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية بالقرارات، حيث تولي الدولة هذه الفئات جل اهتمامها وتحرص بشدة على ألا تطالهم أية تأثيرات. وقد كان من الممكن أن تكون المملكة في وضع اقتصادي أصعب مع هذه الأزمة لولا الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها ولي العهد منذ العام 2015، بما فيها تنويع مصادر الدخل عبر تنمية الإيرادات غير النفطية وتقليل الاعتماد على البترول والتركيز على الاستثمارات وهو ما جنب البلاد هذه الأيام سيناريو كارثي كان يمكن أن يصل حد الإفلاس. وعلى الرغم من عمق الأزمة الحالية التي خلفتها جائحة فيروس كورونا المستجد على اقتصادها واقتصاد العالم، إلا أنه لا خيار أمام المملكة سوى مواصلة الإصلاحات بجدية كاملة والمضي في معالجة الأزمة في إطار مؤسسي ومحترف. كما لم تلجأ الدولة إلى خفض علاوات أو رواتب الموظفين كما كان يقترح كثير من الاقتصاديين وكما كانت تتوقع الصحف الأجنبية كذلك؛ بل عالجت الأزمة بحكمة لا تضر المواطن ولا تؤثر على مسار التنمية. ولاشك ان مراجعة مزايا موظفي الهيئات الحكومية من شأنه أن يخفف من الإنفاق على الهيئات والمؤسسات والبرامج الحكومية مما يساهم في تحمل جميع الموظفين للإجراءات المتخذة.