موضوع هذا المقال مرور سريع من مكتبتي بالمنزل التي أعتكف فيها التزاماً للأوامر والتوصيات الصحية بعدم الخروج من المنزل إلا في حدود ضيقة جدًا من أجل المشاركة في تجنب الإصابة بمرض كوفيد-19 ومتابعة الأخبار المتنوعة عن هذه الجائحة وعن الأمراض الأخرى وعن شؤون الحياة خارج المنزل من خلال وسائل التواصل الرقمية والسوشال ميديا والقلق الذي يعم العالم في مجالات الاقتصاد والسياسة والتصدي لجائحة كورونا. * المشهد الأول: تسارع المبادرات التي اتخذتها المملكة من بداية الأزمة والتي أصبحت شبه مرجعية يشار إليها من قبل أجهزة إعلام ومعلقين في دول أخرى يرافق تلك المبادرات تغطية إعلامية من خلال المؤتمرات الإعلامية من وزارة الصحة والداخلية تطورت لتشمل وزارات وهيئات أخرى، وهذا المشهد جديد على المجتمع السعودي بالدقة والشفافية والحضور ولم يكن موجوداً حتى في مواسم الحج في السنوات الماضية بالشكل الذي برز خلال أزمة جائحة كورونا، وهذه تجربة نحتاج لها في المستقبل، وقد ذكرت في تغريدة على تويتر بأن د. محمد عبدالعالي الذي تعرفنا عليه من خلال المؤتمرات الصحفية اليومية هو هدية كورونا للإعلام السعودي، وهذا شيء يثبت أننا قادرون على الطرح بموضوعية وشفافية مقنعة.. ولعل في خطورة الحدث ما أضطر الجهات المعنية لتقديم من هو أفضل ما عندها ليقوم بالدور المطلوب. * المشهد الثاني: الإعلام الخارجي ومن منحه الله القدرة على معرفة اللغة ويستطيع متابعة ما يحدث على المسرح العالمي يجد أن أوروبا تعاملت مع حدث كورونا بداية بشكل خجول وعندما اشتدت الأزمة وأصبحت المستشفيات تعجز عن استقبال المصابين، والمقابر غير قادرة على الاستقبال والدفن بالطرق الرسمية الحزينة حتى وصلت إلى نقل الجثث في شاحنات نقل كبيرة ودفنها في حفر جهزت لذلك الغرض بشكل جماعي، وبذلك كشف الحدث عن أبشع ما كانت تخفيه أوروبا بشكل أعادها لمشاهد الحرب العالمية الثانية والمشهد لم ينته بعد فالآتي أسوأ اجتماعياً بارتفاع معدلات البطالة بكل تبعاتها الآنية والاضطرابات الأمنية والفوضوية الخلاقة كما نعتوها في أيام الرخاء. * وفي شمال أمريكا وهذا أهم المشاهد الملفتة بسبب الإعلام الأمريكي المضطرب لأن أمريكا لازالت المهيمن بسياسة القطب الواحد في العالم من بعد سقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي.. صالت وجالت وعبثت كثيراً حتى أتت أزمة كورونا وكشفت عن نقاط الضعف وتضع قيادتها للعالم على المحك بمجيء ترامب صاحب الصوت العالي والعصى الغليظة المحرومة من أسلوب الدبلوماسية الهادئة وتوظيف قدراتها القوة الناعمة بفن الدبلوماسية العالية وأصبح الشعار أمريكا أولاً.. من بداية ولايته ناصبه الإعلام والحزب الديموقراطي العداء، أرادوا ازاحته قبل نهاية ولايته ولكنهم فشلوا.. ومن بداية العام 2020م حلت كورونا ربما بقدرة إلهية لتصحيح أمور كثيرة في عالم تسوده هيمنة القوة وبعد أن تجاوزت الوفيات من كل الجنسيات والأغلبية العظمى من أوروبا الغربية والولايات المتحدةالأمريكية وعجز الجميع عن الظهور بعلاج يوقف النزيف ويحد من الأضرار في كل الاتجاهات التي تتنظر المجتمع الدولي وتضع علامات استفهام كبيرة عن.. ماذا بعد كورونا؟ في شبه اجماع عالمي بأنه سيكون مختلفاً تماماً عن ما قبل بأضرار وتداعيات لا يستطيع أحد استشراف عواقبها بعد..! الرئيس ترامب أكبر نقاط ضعف أمريكا في هذه المرحلة ولكنه أحسن الموجودين.. وتظل بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط الأقرب بحكم اللغة السائدة في المنطقة والاستثمارات والاقتصاد المتشابك والمرتبط بصناعة الطاقة وأي قيادة أمريكية تدرك ذلك. * والمشهد الأخير حول أفريقيا التي لازالت أخبار كورونا عنها شحيحة جداً وإذا انتشر الوباء بسرعة في القارة السمراء فقد تكون الكارثة أسوأ وأخطر بسبب التخلف وهشاشة نظامها الصحي.. وأخيراً في هذا المرور السريع ما يثبت ترابط العالم في الرخاء والشدة ولا مفر من العولمة بما لها وما عليها.. والله لطيف بعباده.