سأكون واقعية وأمارس -كعادتي- النظر من زاوية أخرى وأحتاج خيالكم معي، فمن شاهد فيلم (Contagion) الأمريكي إنتاج عام 2011م ويرى حال العالم اليوم مع»فيروس كورونا» يُدرك أن الفيلم المُتخيل يتحدث عن واقعنا اليوم أمام جائحة «كورونا» ما يعني الخيال المبني على العلم يحمل رؤية لما يمكن أن يكون ولو بعد سنوات قلّت أو زادت!!. وأبدأ من القطب الشمالي والقطب الجنوبي المعروف أنهما يحتاجان لآلاف السنين كي يذوبا وإن اختلف كل منهما في التركيب، فالقطب الشمالي محيط مُتجمد، والجنوبي يابسة «أنتركتيكا» تكسوها طبقات ثلجية بارتفاع 2 كيلو متر، لكن ماذا لو ذاب القطبان خلال سنوات؟!، لا تقولوا مستحيل، لأن ارتفاع الغازات الدفيئة حالياً في الجو أدى إلى ارتفاع حرارة سطح الأرض، وهو ما يُسمى بالاحتباس الحراري وهذا كفيل بالتغيير المناخي ليتجه به إلى سخونة الجو الكافي لذوبان الجليد يومياً، ومنذ سنوات إلى عام 2019 وعلماء المناخ والاحتباس الحراري يدقون ناقوس الخطر بأن البشرية على الأرض معرضة للخطر! وحكومات العالم وإن أبدى قادتها الاهتمام بهذه الأزمة في مؤتمرات المناخ إلا أنها لم تخفض أسباب ارتفاع الاحتباس الحراري!. وقد يتساءل بعضكم ما الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى ارتفاع الاحتباس الحراري؟!، لستُ عالمة لكن اجتهدت في القراءة، فهي مُكونة من ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز والميثان والأوزون والكلوروفلوركابرون وبخار الماء، وتتواجد في الغلاف الجوي وبشكل معقَّد تمتص الأشعة التي تفقدها الأرض مما يؤدي إلى تسخين جو سطح الأرض، والحركة الصناعية والمواصلات الجوية والبرية والبحرية وتلاعب يد الإنسان في الغابات وقطع الأشجار من أهم مسببات زيادتها، والمفاجأة أن الصين التي انطلق منها «فيروس كورونا» تعتبر أكبر الدول المسببة في انبعاث الغازات الدفيئة! نتيجة ضخامة العجلة الصناعية فيها! وضخامة استخدام المواصلات العامة وحركة الطيران تبعاً لارتفاع النسبة السكانية والمساحة الجغرافية، وقيسوا ذلك على جميع دول العالم!. وأعود للقطب الشمالي والجنوبي اللذان يحفظان توازن الحياة على الأرض! فسخونة المناخ نتيجة زيادة نسبة الغازات الدفيئة تُهدد الجليد في القطبين بالذوبان وتخيلوا لو ذاب الجليد في القطب الجنوبي فقط أو شيء منه خاصة مع تدمير غابات الأمازون في قارة أمريكا الجنوبية وهي رئة الأرض المطهرة من ثاني أكسيد الكربون! ماذا سيحدث في البشرية!؟.. عن موقع العربية نت نقلاً عن موقع «ساينس إنسايدر» للأبحاث فسيؤدي إلى ارتفاع مياه سطح البحر إلى 66م، أي غرق مدن ساحلية كاملة مثل نيويورك وشنغهاي ولندن والإسكندرية وغيرها نتيجة فيضانات مروعة! بالتالي سيهلك بعض سكانها ويضطر الناجون للنزوح لأماكن أخرى ويشكلون ضغطاً سكانياً! وستنتشر الفوضى في الأرض، وستتسرب مياه المحيطات والبحار إلى المياه الجوفية والأنهار ما يعني قلة المياه الصالحة للشرب، أما ذوبان الجليد في القطب الشمالي فسيؤدي إلى التسمم البشري بالزئبق؛ حيث يحتوي القطب الشمالي على نسبة عالية من الزئبق! ناهيك أن ذوبان الجليد سيؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بالكرة الأرضية فتتبخر الأنهار والبحيرات في العالم وتحول المناطق الخضراء إلى صحارٍ والمزيد من العواصف والفيضانات والأعاصير بشكل متكرر! كل هذا على وشك الحدوث ربما ليس دفعة واحدة، فعلماء المناخ العام الماضي أخذوا يحذرون من نقطة تحول تتعرض لها الكرة الأرضية ولا يمكن الرجوع عنها لو استمر ارتفاع الاحتباس الحراري!. ويبدو أن «فيروس كورونا « قدم معروفاً لعلماء المناخ وللبشرية من حيث لا يعلمون؛ فقد أجبر معظم حكومات العالم على إيقاف حركة الطيران والمواصلات العامة وعجلة المصانع في العالم مع حظر التجول والعزل المنزلي مما أدى إلى تقليص الغازات الدفيئة في الهواء خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأشار العلماء إلى أن جودة الهواء في الصين بعد توقف المصانع وحركة المواصلات العامة أدى إلى تحسن الهواء بنسبة 21 % أما قنوات مياه مدينة فينيسيا بإيطاليا الملوثة نتيجة المراكب السياحية والقوارب التي لا تتوقف باتت نقية جداً اليوم، وقيسوا ذلك في كل أنحاء العالم خلال أسابيع قليلة، فماذا لو استمرت الإجراءات الحكومية في العالم لأشهر حتى الحصول على لقاح وعلاج لهذا الفيروس «الشيطاني» فإن البيئة أكثر المستفيدين وبالتالي البشرية، وإن كانت فترة مؤقتة لكنها كفيلة لإعادة شيء من التوازن للغلاف الجوي للكرة الأرضية كما ستجعل الحكومات تنظر للتغيير المناخي بجدية، فالقرارات المؤجلة في تخفيض عجلة الصناعة وحركة المواصلات العامة أجبرها فيروس حقير أن توقفها؛ وإن كانت تعتبر كارثة اقتصادية على العالم أجمع ولكنها تروض جشع الإنسان الاقتصادي الصناعي الذي يتضخم على حساب البيئة وبالتالي البشرية! أخيرا، بدلاً من زعم أن «فيروس كورنا» صناعة بشريّة كحرب بيولوجية اقتصادية بينما العالم أجمع قد تضرر اقتصادياً منه! ماذا لو تساءلنا: هل هو صناعة بشرية لإجبار العالم على خفض الاحتباس الحراري وإن كان له ضحايا! أم حكمة إلهية للحفاظ على حياة الإنسان من الزوال بكوارث بيئية مروعة كان يقترب منها!؟ العلم والمستقبل سيتكفلان بالإجابة.