ترتفع الأصوات المنذرة بالكوارث التي تنتظرها الأرض؛ بسبب التغيرات المناخية والتسخين الحراري، ومع ذلك تظل البشرية موصدة آذانها وماضية في ممارساتها المستنفذة لصبر الطبيعة، التي تبدو وقد بلغت درجة من الغضب وآخذة في تسريع الدمار، ومن ذلك الملاحظات التي سجلت مؤخراً من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهي الهيئة الحكومية الدولية التابعة للأمم المتحدة، [1] [2] والمكرسة لتزويد العالم برؤية موضوعية وعلمية لتغير المناخ، وتأثيراته ومخاطره الطبيعية والسياسية والاقتصادية، وخيارات الاستجابة الممكنة، حيث وبالدراسة لتكوينات الجليد بأقصى شمال كندا أو ما يُسمى "الجليد السرمدي Permafrost"، قد لوحظ أن تلك التكوينات آخذة في الذوبان، وهو أمر كانت الدراسات السابقة قد تكهنت بحدوثه ليس قبل عام 2090، أي بعد 71 عاماً من الآن، لكن هذا الذوبان غير المتوقع للجليد السرمدي يقرع أجراس الإنذار؛ لأن حدوثه يعني التسريع المهول للكوارث، حيث إن ذوبان تلك الكتل الجليدية يؤدي لا محالة إلى ارتفاع منسوب مياه البحار، وبالتالي إغراق سواحل القارات؛ إذ يتوقع ارتفاع منسوب المياه ل70 متراً، وهو غرق يعادل طوفان نوح ولا نجاة منه، إضافة إلى ذلك فإن الكتل الجليدية تخفي تحتها كميات هائلة من الفيروسات المغرقة في القدم، وإن انطلاقها يعني طوفاناً من الأوبئة والكوارث الصحية التي ستجتاح الأرض، وتهدد بقاء الأنواع، ومنها الإنسان، أيضاً فإن تلك الكتل تحبس تحتها كميات من غاز الميثانين والزئبق، وهما أشد خطورة من غاز الدفيئة المسؤولة الآن عن التسخين الحاصل، وإن انطلاق الميثانين سيعني ارتفاع حرارة الأرض بشكل لا يمكن التكهن به؛ لأن علماء المناخ يناشدون الدول الآن الحرص على عدم ارتفاع حرارة الأرض لما يتجاوز 1.5، إلا أن ذلك المطلب يبدو مستحيلاً الآن مع زيادة استهلاك الطاقة الحالي، وما سينجم عن ذوبان الجليد في القطبين، وإن ما تم رصده في كندا لا يزيد على مثال مما ربما يحدث في كامل شمال الكرة الأرضية في شمال روسيا وشمال أوروبا وجرينلاند وفي القطب الجنوبي. أجراس تُقرع وربما لا مجيب، والأدهى ربما لا نجاة من هذا التسارع، فبذوبان الجليد السرمدي لا شيء يمنع من ذهاب الحياة التي نتوهمها سرمدية، وفي النهاية ربما لا يبقى شيء سرمديا، ولا مناص من قيامات صغيرة تتبعها القيامة الخاتمة. فهل من مجيب يبطئ هذه العجلة المجنونة بممارسات صغيرة تتناول تغيراً لنمط حياتنا، وتقليص استهلاك الطاقة، والاعتماد الكامل على التكنولوجيا التي يبدو أنها لم تنجح حتى الآن في تقديم حلول الإنقاذ.