تعد قضية عدم توافق مخرجات التعليم وتأهيل الخريجين مع احتياجات سوق العمل من أكثر التحديات التي تواجه المملكة منذ عشرات السنين، ومع التطور التقني الذي أصبحنا نعيشه اليوم والتحول الرقمي الذي غزا معظم القطاعات المختلفة أفادت إحدى الدورات المتخصصة في التميز الوظيفي بأن 50% من الوظائف المستقبلية غير موجودة حاليًا، في حين أفاد أحد المختصين في مؤتمر الجودة والذي أقيم بجدة يوم أمس بأن 35% من الوظائف الحالية سيختفي خلال السنوات القليلة القادمة، أي أن هناك وظائف ستلغى وتندثر وأخرى ستستحدث وتظهر بشكل جديد، مما يعني أن قضية توافق مخرجات التعليم وتأهيل الخريجين مع متطلبات سوق العمل أصبحت أكثر صعوبة وخصوصًا في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر الحالي. دراسات اختفاء الوظائف بسبب التقدم العلمي والتكنولوجي تتواصل بالرغم من الإشارة بأن هناك وظائف جديدة ستصبح مطلوبة، ولكن السؤال المهم من المسؤول عن مراقبة ومتابعة تلك المتغيرات في الميدان ومن الذي سيضبط ذلك الإيقاع بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل خلال الفترة القادمة والتي ستتحكم فيها التقنية بشكل كبير؟ ومن الذي سيحدد أعداد الوظائف المتوقع توفرها في المجالات المطلوبة في كل عام وخصوصًا في مجال البرمجة وإعداد التطبيقات وأمن المعلومات وتحليل البيانات. بلاشك فإن هناك العديد من التقنيات المختلفة والحديثة ستحتاج إلى وظائف متخصصة لتشغيلها أو صيانتها كالطباعة ثلاثية الأبعاد أو الأجهزة ذاتية الحركة، كما أن العديد من الأعمال ستصبح عن بعد ولا حاجة لتوفير مقرات خاصة بها مثل التعليم أو التسويق أو الاستشارات أو الاتصالات أو المبيعات، وقد أوضحت إحدى الدراسات بأن التعلم الاجتماعي العاطفي لبعض المهارات كالتعاون والتواصل وحل المشكلات سيكون مستقبلاً أهم بكثير من المناهج التقليدية وهذ ما أوصى به تقرير للمنتدى العالمي الاقتصادي والذي أكد على أهمية تعليم الأطفال المهارات الاجتماعية والعاطفية حتى ينجحوا في العمل مستقبلاً مشيراً إلى أن وظائف المستقبل لن تعتمد على القراءة أو الكتابة والحساب بل على تنمية موهبة التكيف والقدرة على الإبداع وحل المشكلات مشيراً إلى أن من بين 16 مهارة تم تحديدها على أنها مهمة للأطفال نجد أن 12 مهارة تعتمد على التواصل الاجتماعي والعاطفي. لا يكفي أن نعرف الوظائف التي ستختفي أو تلك التي ستكون مطلوبة خلال السنوات القادمة بل يجب أن نعمل على التخطيط للمستقبل بحيث نتمكن من الاستفادة من أخطاء الماضي والتنسيق بين الجهات التعليمية وجهات العمل بمختلف أنواعها بحيث تقدم مخرجات تحصل على فرص عمل مباشرة فور تخرجها ولا تبقى عدة سنوات تبحث عن عمل وتندم إن أضاعت جزءا من عمرها في تعلم مجال ليس له احتياج في سوق العمل.