الحرية شيء جميل، ولكن لا توجد حرية مطلقة، فهناك حدود يجب ألا تمس، وفي مقدمتها ضوابط الدين والشريعة، والأخلاق والقوانين، وحقوق حريات الآخرين، فالحرية يجب أن تكون منظمة في إطار معين لتُحقِّق أهدافها ولتضمن السلام والأمان للنفس البشرية ولجميع أفراد المجتمع. من الناس مَن يعتبر الحرية أمر مطلق، ولا يحق لأحد أن يعترض على أي تصرف يقوم به، وإن تجاوز به حدود الآخرين، وقد يستغل بعض أولئك بعض مراحل التحول والتغيير وبعض الإجراءات التي تصدر والتغييرات التي تطرأ في بعض الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إضافةً إلى التطور التقني الذي طغى على أسلوب الحياة المعاصرة، فإن قام شخص بمخالفة معينة أو سلوك مشين أو خروج عن المألوف، فهو لا يكتفي بأن يقوم به في الخفاء، أو بعيداً عن أعين الناس، بل أصبح يفتخر به ويقوم بتصوير ذلك السلوك ونشره عبر وسائل التواصل الاجتماعية، فإن تم الاعتراض عليه فإنه يبادر بالرد على مَن يعترض عليه بأنه حُر، ومن حقه أن يفعل ما يشاء، وأن يُخالف كما يشاء، فالضرر سيقع عليه، بل إن بعض أولئك يتخذ من تلك المجاهرة بالسلوكيات الخاطئة والمخالفات وسيلة للشهرة وتحقيق الذات كما يعتقد. تلك المجاهرة المقيتة تعود لعدة أسباب منها: ضعف الوازع الديني وحالة الفراغ والخواء النفسي التي يعيشها البعض والتقليد الأعمى لما يتم مشاهدته في بعض المواقع وشبكات التواصل الاجتماعية، ورغبة البعض الجامحة في الاستعراض والشهرة، والهروب من الواقع، والعيش في العالم الافتراضي الذي يُشجِّعهم للقيام ببعض الأفعال المخلة والدخيلة على مجتمعنا، وجميع تلك السلوكيات لا تؤثر فقط على الذوق العام، بل وعلى هوية المجتمع، وعاداته وتقاليده التي تتوارثها الأجيال. هناك مقاطع يتم نشرها في وسائل التواصل الاجتماعية مؤخراً لبعض الأفراد الذين يقومون ببعض السلوكيات المخالفة للشرع والعرف والعادات والتقاليد، غير أن مصدر مسؤول في النيابة العامة أكَّد في تصريح بشأن أحد تلك المقاطع المتداولة، والتي فيها مساس بالقِيَم الدينية، ومجاهرة بمخالفة الآداب العامة والسخرية منها، حيث أشار المسؤول أنه تم تحريك دعوى جزائية عامة ضد صاحب ذلك المقطع، وتم القبض على المتورطين واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم، كما أكد أن النيابة العامة تتابع كل ما ينطوي على المساس بالقيم الدينية والآداب العامة، ويُشكِّل جريمة تحت طائلة المساءلة الجزائية وفق الأنظمة والتعليمات ذات العلاقة. قبل حوالى عامين قال خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- عند افتتاحه لأعمال السنة الثانية من الدورة السابعة لمجلس الشورى أنه: «لامكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالاً، ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال».. تلك الكلمات يجب أن يستوعبها الجميع، وخصوصاً بعض أولئك الذين يسعون لاستغلال مرحلة التغيير والتحول التي نعيشها اليوم، لمحاولة نشر الانحلال.