تبنى مجلس النواب الأميركي قرارا بالاعتراف رسميا ب"الإبادة الجماعية للأرمن"، في خطوة رمزية لكن غير مسبوقة اثارت غضب تركيا. وعلا التصفيق والهتاف عندما أقر المجلس بأكثرية 405 أصوات مقابل 11 القرار الذي يؤكد اعتراف الولاياتالمتحدة ب"الإبادة الأرمنية"، في سابقة في الكونغرس حيث طرحت منذ عقود نصوصا مماثلة بلهجة مباشرة لكن لم يتم تمريرها. ووجه النواب الأميركيون بعد قرارهم هذا، صفعة ثانية إلى أنقرة من خلال تبني قانون يفرض عقوبات على تركيا بسبب عمليتها العسكرية ضد الاكراد في شمال شرق سوريا. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إنه يشرفها الانضمام إلى زملائها في "إحياء ذكرى واحدة من أكبر الفظائع في القرن العشرين: القتل المنهجي لأكثر من مليون ونصف مليون أرمني من رجال ونساء وأطفال الأرمن على يد الاتراك". ويعتبر الأرمن أن القتل الجماعي الذي تعرضوا له بين 1915 و1917 كان حملة "إبادة"، وهذا ما تعترف به ثلاثين دولة فقط. وتنفي تركيا بشدة الاتهامات بارتكاب إبادة وتقول إنّ أرمنا وأتراكا قتلوا نتيجة للحرب العالمية الأولى. وتقدر انقرة حصيلة القتلى بمئات الآلاف. وجاءت رد فعل أنقرة سريعا، إذ رفضت أنقرة اعتراف مجلس النواب معتبرة أنه "خطوة سياسية لا معنى لها". وحذرت من أنها يمكن أن تضر بالعلاقات بين البلدين "في وقت حساس للغاية" للأمن الدولي والإقليمي. وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان "نعتقد أن الأصدقاء الأميركيين لتركيا الداعمين لاستمرار التحالف والعلاقات الودية سيقومون بالمحاسبة على هذا الخطأ الفادح وسيحاكم ضمير الشعب الأميركي المسؤولين" عن القرار. من جهته، اشاد رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان بقرار مجلس النواب الأميركي، مشيرا إلى أنه "خطوة جريئة نحو خدمة الحقيقة والعدالة التاريخية تريح الملايين من أحفاد الناجين من الإبادة الجماعية للأرمن". "لن يحدث مجددا" في 2017 ، انتقد الرئيس الأميركي الجديد حينها دونالد ترامب عمليات القتل التي تعرض لها الأرمن باعتبارها "واحدة من أسوأ الفظائع الجماعية في القرن العشرين". لكن تمشيا مع السياسة الأميركية منذ أمد طويل لم يستخدم كلمة "إبادة". وقبل انتخابه في 2008 ، تعهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، لكنه لم ينفذ وعده خلال ولايتيه الرئاسيتين. وأشارت بيلوسي في تعليقات جريئة الثلاثاء في مجلس النواب إلى أن حقيقة "الجريمة الوحشية" تم إنكارها في معظم الأوقات. وقالت "اليوم دعونا نذكر بوضوح الحقائق في هذا المجلس ليتم حفرها إلى الأبد في سجل الكونغرس: الهمجية التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني كانت إبادة جماعية". وتبنى مجلس النواب قرارا تقدم به نواب ديموقراطيون وجمهوريون ينص على فرض عقوبات على كبار المسؤولين الأتراك الضالعين في قرار الهجوم، وعلى مصرف تركي تربطه علاقات بالرئيس رجب طيب أردوغان. كما يطلب النص من إدارة ترامب معاقبة تركيا لشرائها نظام دفاع صاروخيا روسي الصنع. ويأتي هذا القرار بعد ثلاثة أسابيع على بدء العملية العسكرية التركية ضد المقاتلين الاكراد في شمال سوريا، وذلك بعد انسحاب القوات الأميركية من هذه المنطقة. وتم تقديم مشروع قانون عقوبات مماثل في مجلس الشيوخ، لكن لم يتم إجراء تصويت بشأنه بعد. ودانت وزارة الخارجية التركية بشدة قرار مجلس النواب بالموافقة على العقوبات، مؤكدة أنه "لا يتماشى مع روح العلاقات" بين الحليفين في الحلف الأطلسي ويتعارض مع الاتفاق الذي توصلت له انقرة مع واشنطن بشأن سوريا. وكانت إدارة ترامب فرضت عقوبات أكثر تواضعا على تركيا بسبب عمليتها العسكرية، قبل أن ترفعها عندما تفاوضت مع انقرة على وقف لإطلاق النار. ورحّب نائب الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي جو بايدن بالتصويت. وكتب على حسابه في تويتر "عبر الاعتراف بهذه الإبادة الجماعية نحن نكرّم ذكرى ضحاياها، ونتعهد: هذا لن يحدث مجددا". وهناك بين 500 ألف و1,5 مليون أميركي من أصل أرميني، حسب تقديرات غير رسمية.