العمل الخيري هو ممارسة يتطلب توجيهُها ثقافةً واعية يتحلَّى بها فريقُ عملٍ متخصصٌ يبتعد بأدائه عن الارتجالية ويتوخَّى الشفافية والحوكمة، حتى تكونَ النتائجُ دقيقة ويتحقَّقَ له النجاحُ المرجو.. ولأن فريق العمل هذا يدرك أن لحظات السمو النفسي تتجلَّى حين يكون ذووها قناديلَ أمانٍ للمحتاجين والأرامل والأيتام، يعيشون حياة الآخرين ويخوضون تجارب ثرَّةً هدفُها أنسنة ثقافة المجتمع وتحفيز النفوس نحو استنباتِ معاني الخير والعطاء، مستصحبين رصيدهم المعرفي لترجمة تلك المعاني على أرض الواقع. كل هذه المفاهيم تتجلَّى في فرق العمل المتخصصة، فيبذلون جهدهم لترسيخها لدى الآخرين ويهيئونهم لاستزراعِ معاني التكافل والترابط المجتمعي منطلقين من مفهوم أن الصدقة لا تُنقص مالاً، وأنَّ العطاء لا يجلب فقراً، وأن عملَ الخير هو من أسمى العبادات، لقوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات). من هنا انطلقتْ جمعية البر بجدة عاقدةً العزم على تقديم كل السبل لتيسير جمع ووصول المساعدات إلى مستحقيها عبر باقة من الخدمات المتتالية التي تتلَّمس حاجات الفقراء وتوفِّر لهم الحياة الكريمة دون إراقة ماء وجوههم، متجاوزاً مسؤولوها الخدمات التقليدية المعروفة كالعلاج والإيواء والكفالة.. متجهين لإطلاق خدمة جديدة على مستوى المملكة تتمثل في (أجهزة الخدمة الذاتية). لقد جاءت هذه الخدمة بهدف تفعيل استخدام التقنية الرقمية والارتقاء بمستوى الخدمات للمستفيدين والمتبرعين على حد سواء، حيث يحدد المتبرعون عبر أجهزة الخدمة نوع التبرع، بينما يحصل المستفيدون على الخدمات المقدمة من الجمعية ذاتياً. ولعلنا نستحضر هنا قوله صلى الله عليه وسلم:»من سرَّ مؤمناً فقد سرَّني».. ونستذكر أيضاً قول الشافعي: وأفضلُ الناسِ ما بين الوَرى رجلٌ تُقضى على يدِه للناسِ حاجاتُ ستبقى عطاءاتُ الخير بلا حدود، وستبقى الطموحاتُ أكبرَ وسنرى بعون الله أثرَها كلَّ حينٍ، طالما أننا نبيحُ لأنفسنا أن نتنفسَ معاني الخيرِ لنفتحَ سُبل الرضا في النفوسِ الزكية، متوخِّين دائماً سُبل التفكير الإبداعي الذي يكلأُ الجميعَ بالخيرِ العميم.