(حذاء فيلليني)، هي رواية جديرة بالقراءة للكاتب المصري «وحيد الطويلة»، استعرضتُها وأنا أعمل على كتابي: (حكاية صرماية: العرب وثقافة الحذاء)، وهي رواية «تتقاطع وتتعامد عناوينهم مع عناوين سيرة المخرج الإيطالي فيلليني، إما بشكلٍ رمزي أو اعتباطي، وأي تشابه بين افتراءات السارد وبين حياة فيلليني واختلافاته، هو محض استعارة فقط»، كما ورد في الإشارة الختامية التي تذيل الرواية. ** ** تتحدَّث الرواية عن موضوع: «القمع والقهر»، وتَغوُّل رجال السلطة في الأنظمة الفاشية في تعذيب أفراد شعبها، ولكنها ليست رواية عن طرائق التعذيب الجسدي أو فساد بعض الأنظمة السياسية وجُبنها، بل عن شعب يحتمل أن يُعذَّب كله في سجون نظامه، فملَّ في انتظار دوره في التعذيب، حتى دفعه ملله/خوفه لخلق جلاده وسجنه لنفسه وبنفسه، عملاً بالمثل الذي يقول : «بيدي لا بيد عمرو»!! ** ** ويظهر في الرواية بطلها «مطاع»، وكأنه اختلق أحداثاً وهمية نكاية في جارته التي أحبها، لكنها فضَّلت عليه الضابط، أو أنه لم تكن هناك جارة من الأساس، وأنه اختلق أحداثاً وهمية لصياغة قصته الشخصية عن التعذيب فوضع فيها الجارة ضمن ما أضافه من شخصياته، حتى شخصية الجلاد الذي عذَّبه، ونام مع زوجته، حيثُ لم يكن هناك جلاد ولا تعذيب ولا زوجة أصلاً، وأن كل الأحداث مجرَّد أوهام تدور في رأس «مطاع» دون غيره، وكأنه باختلاقه واقعاً مفترضاً يهرب من واقع ربما يكون أكثر قسوة، يتعرَّض فيه ليس للتعذيب الجسدي، بل التعذيب والألم النفسي الذي يكون أحياناً أكثر قسوة وتأثير من الآلام الجسدية، التي يمكن أن يعاني منها الفرد. ** ** ويشترك في قصة «مطاع» ست شخصيات بخلافه، هم: «مطاع، أبوه، جارتهم، فيدريكو فيلليني، الجلاد، وزوجة الجلاد»، فيما اضطلع بلعب أدوار البطولة فيها كل من «مطاع والجلاد وزوجته»، وقد استخدم الروائي كل من ضمير المتكلم والمخاطب ليُعطي الفرصة للشخصيات الثلاث للتعبير عن قصتهم، عبر مونولوجات تتداخل بين الواقع والخيال، وتنتهي بلا شيء إطلاقاً. إنها الرواية واللا رواية، والواقع والخيال، تختلط كلها فلا تعرف هل تعيش الواقع، أم أن الواقع هو الذي يعيشك؟!. #نافذة: «فيلليني السينمائي هو سيِّد الاختلافات بامتياز. وفيلليني الرواية هو الاختلافات بلا سيِّد». الكاتب المغربي أنيس الرافعي