حققت حكومة المملكة العربية السعودية، ممثلة بوزارة الطاقة والثروة المعدنية بالتعاون مع شركة التعدين العربية السعودية (معادن) والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، أحلام المشروعات الاستثمارية في المنطقة الشمالية بمدينة "وعد الشمال الصناعية" التي توفر بيئة استثمارية دائمة وآلاف الوظائف وتفتح آفاق المستقبل أمام الشباب السعودي الطموح، وتنوع مصادر الدخل بما يحد من الاعتماد على النفط. ف"وعد الشمال الصناعية" التي تجاوزت استثماراتها 85 مليار ريال، تضم سلسلة من المنشآت والمرافق الصناعية المتنوعة، التي تحول الصخور إلى رافد اقتصادي تنموي كبير في المملكة، عبر استغلال خامات الفوسفات الوفيرة في المنطقة، والتي تعد المادة الأساسية في صناعة الأسمدة الزراعية، بعدما أظهرت الدراسات المسحية لجيولوجيا المعادن بأن هذه الصخور غنية في العديد من المكونات المهمة مثل: الفوسفات، والحجر الجيري، والدولوميت، والبحص، إضافة إلى الرمل والردميات التي تسهم بشكل كبير وفعال في مجال البناء. وتعد هذه المكونات أيضاً، عنصراً أساسياً في إنتاج حامض الفسفوريك، والأولومنيوم المصبوب، والأمونيا السائلة، ومواد الطلاء، وغيرها الكثير من المنتجات، إضافة إلى المنتج الرئيس المتمثل بالأسمدة الفوسفاتية. ومن أجل استثمار هذه الثروات المعدنية، تضم مدينة "وعد الشمال الصناعية" منظومة نموذجية متكاملة من المصانع والمنشآت، إذ توجد فيها "شركة معادن وعد الشمال للفوسفات" التي أسست باستثمار بلغ 30 مليار ريال، بملكية تصل لنحو 60% لشركة التعدين العربية السعودية (معادن)، و15% للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، و25% لشركة "موزاييك" الأميركية التي تعد أكبر منتج لأسمدة الفوسفات في العالم. ستضع "وعد الشمال" المملكة على سلم القوى المنتجة للفوسفات في العالم، إذ ينتج المصنع بقدرته التشغيلية، ثلاثة ملايين طن من الأسمدة على شكل منتجات جاهزة وهي: سماد فوسفات الأمونيوم، الأسمدة الفوسفاتية المركبة، و440 ألف طن على شكل منتجات تحويلية تشمل: حمض الفسفوريك النقي المستخدم في الصناعات الغذائية، وثلاثي بولي فوسفات الصوديوم المستخدم في تصنيع المنظفات، وفوسفات أحادي الكالسيوم المستخدم في تصنيع أعلاف الحيوانات، وكذلك فوسفات ثنائي الكالسيوم المستخدم في تصنيع أغذية الحيوانات، فيما تنتج شقيقتها مدينة رأس الخير ثلاثة ملايين طن أخرى من الأسمدة. وتشكل مرافق "وعد الشمال" خلية عمل متناغمة، حيث يوجد مصنع متخصص لحامض الفسفوريك، الذي يعد العنصر الأساس لمصانع المدينة العاملة في مجال صناعة الأسمدة، سواءً في "وعد الشمال" أو في مدينة رأس الخير الصناعية، اللتين تعتمدان بشكل رئيس على منتجات هذا المصنع، والذي ينتج مليون ونصف المليون طن بالطاقة القصوى، عبر ثلاثة خطوط إنتاج. كما يشمل دوره صناعات أخرى مثل إنتاج الملح الحمضي، والصوديوم، إضافة إلى استخداماته مليّناً مائياَ عالي الجودة. ويعمل المصنع الأكبر من نوعه في العالم، والمعروف بمصنع حامض الكبريتيك، الذي يعتبر حاضرة مدينة "وعد الشمال الصناعية" ومكّن المملكة من التواجد في الميادين الصناعية، في مجالات إنتاج الأسمدة الكيميائية، وصناعة الصابون المطاط المؤكسدة والنازعة للماء، إضافة إلى إنتاج الأصباغ، والخام البلاستيكي، إضافة إلى منتجات أخرى يوفرها عند استخراج الأحماض مثل صناعة بطاريات السيارات، التي تشكل سوقاً تجارياً كبيراً حول العالم. ويدار المصنع بكفاءات سعودية بعضها شق طريقه التعليمية والمهنية في كبريات الصروح العلمية في العالم، وبعضها تتلمذ في الجامعات والمعاهد الوطنية المتخصصة، والتي تديرها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، بشراكة استراتيجية مع "معادن". ولا تقتصر مرافق المدينة على ذلك، إذ يوجد مصنع تركيز نسبة الخام، الذي يقدم مجموعة من الصناعات التحويلية، وتبلغ نسبة إنتاجه فيه 5.3 مليون طن سنوياً منها نحو 15 ألف طن من الخام المركز يقدم إلى مصانع أخرى منها مصنع حامض الفسفوريك. وتضم المدينة مصنعاً للأمونيا الذي تم بدء التشغيل التجريبي فيه. وبينت "معادن وعد الشمال" أن قدرته الإنتاجية ستبلغ 1.1 مليون طن من الأمونيا سنوياً، وسيظهر أثرها المالي عند البدء في الإنتاج التجاري، فيما ستكتمل المدينة بمشروع فوسفات 3، الذي لا يزال قيد الدراسة، وسيؤمن طاقة إنتاجية إضافية تبلغ 3 ملايين طن من الأسمدة الفوسفاتية. ولمواكبة التطور التقني والصناعي، صممت مدينة "وعد الشمال" وفق أعلى معايير الأمن والسلامة وبتقنيات حديثة جداً تتوافق مع مواصفات الهيئة العليا للأمن الصناعي إضافة إلى بعد منشآتها عن المرافق الحيوية لتجنب مخاطر التلوث البيئي، إذ تضم المدينة منشأة خاصة بالتحميل والتفريغ للمواد التي تصلها عبر شبكة سكة حديد تابعة للخطوط الحديدية السعودية (سار)، إضافة إلى مستودعات تخزينية لحفظ المواد الكيميائية تعمل بتقنية عالية للحفاظ على المواد المخزنة، ومنظومة فرز حديثة تحفظ الجهد والوقت، ومستودعات خاصة بقطع الغيار للآليات الثقيلة العاملة في المشروع وصيانتها، إضافة إلى ورش صيانة ميدانية تشغلها أيد عاملة وطنية. وتوفر المدينة منطقة شاملة لمناولة المنتجات تدار بطريقة حرفية عالية، من خلال وحدات خاصة لحفظ السوائل، بطاقة استيعابية عالية وآمنة، إذ تعمل طواقم المدينة الفنية على تحصين المنطقة بنظم أمنية وبيئية مشددة، لضمان حفظ سلامة الموظفين والبيئة المحيطة.