أكد شعراء ونقاد عرب مشاركون في البرنامج الثقافي لفعاليات الشارقة الدولي للكتاب الدور الذي يلعبه العصر في غياب الهوية عن الشعر الحديث لا سيما الذي يكتبه الشباب، لافتين إلى أن الشعر انتقل من مرحلة الخطابة البلاغية، إلى واقع الكتابة على الورق، متوقفين عند أثر غياب جمهور الشعر وعزوفه عن حضور المجالس والأمسيات التي يقدمها شعراء الحداثة. جاء ذلك خلال ندوة أدبية حملت عنوان "قصائد معاصرة"، استضافت كلّ من: الشاعر الإماراتي عادل خزام الناقدة الدكتورة ميساء الخواجا الكاتبة والناشرة الإندونيسية أفينتي أرماند أدارت الندوة الشاعرة شيخة المطيري، وتطرقت إلى أثر التقنيات الشعرية الحديثة وغياب الاهتمام الذي تبديه دور النشر في طباعة الدواوين الشعرية لشعراء جدد. وفي مداخلة له أكد الشاعر الإماراتي عادل خزام على أن الأصوات الشعرية الحديثة ما زالت لم تجد هويتها بعد، مشيراً إلى وجود دور نشر كثيرة تبتعد عن نشر الدواوين الشعرية لا سيما للشعراء الجدد ما خلق حالة من الفجوة في هذا النوع من الأجناس الأدبية، وقال خزام:" يختلف شعر المنابر الذي يحتاج إلى خطابة وتأثير بلاغي في الإلقاء عن ذلك المكتوب على الورق، في وقتنا الراهن بتنا نلمس غياب هذا النوع من الشعر لا سيما بين أوساط الشباب، فالشعر يعاني على حساب الانتاجات الأدبية الأخرى كالرواية مثلاً وهذا يؤدي إلى غياب جمهور الشعر". ولفت خزام إلى وجود دخلاء على كتابة الشعر ممن يمتلكون أدوات مغايرة لما كان الشعراء في السابق يمتلكونها، مشيراً إلى أن الجزء الأعمق في القصيدة مفقود بل وتحتاج التجارب الشعرية الحالية إلى تراكم في التجربة، وقال: "الشاعر هو من يتحدث عن نفسه من خلال قصيدته"، مؤكداً وجود العديد من النماذج الناجحة التي وضعت لها موطئ قلم في سجل الشعراء أصحاب القصيدة المتمكنة لكنهم قلة. من جانبها شارت الناقدة الدكتورة ميساء الخواجا إلى أن الشعر عليه أن ينزل من برجه العاجي ويخاطب القضايا التي تمسّ الناس، مؤكدة ضرورة ألا ينشغل الشاعر بهمّه الشخصي سواء كان وجدانياً أم اجتماعياً، بل يجب أن ينفتح بقصيدته على الآخرين ويتحدث معهم من خلال إبداعاته ويطرح قضاياهم المشتركة. وقالت الدكتورة الخواجا: "إن الشعراء الذين يعانون من حالة من الانفصال الوجداني والاجتماعي هم من يعانون من عقدة في ابتعادهم عن مناقشة القضايا الكبرى والمهمة من خلال إبداعهم الشعري، ولو نظرنا إلى المنجزات الشعرية الآن نجد أن الكثافة الإبداعية واللغوية التي صاغها الشعراء قديماً لم تعد موجودة الآن، إذ بتنا نرى قصائد لا تحمل في طياتها شغفاً، فضلاً عن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء التقني الذي يزدهر يوماً بعد يوم ويساهم في خلق شعراء لديهم جماهير بأعداد ضخمة". بدورها أشارت الكاتبة والناشرة الإندونيسية أفينتي أرماند، إلى أن الجيل الجديد يعاني من حالة التهميش، لافتة إلى أن الشباب باتو يقتربون من فقدان حاستهم الإبداعية التي وصفتها بأنها منطلق للجمال والمنجزات الأدبية الشعرية بوصفها المحرّك الأساسي الذي يُلزم صاحبه لإتمام مشروعه. وقالت أرماند: "الكتابة هي ارتباط بين جمال اللغة وقضاياها ولا يستطيع أي شاعر أن يبتعد عن قضاياه الإنسانية والعاطفية الملحّة، بل عليه أن يندمج معها ويقدمها بشكل إبداعي يخدم الحراك الشعري الذي يفتقر إلى أصوات شبابية تدعمه بقصائد مهمة ذات مضامين واسعة تلغي الفارق والهوّة الحاصلة في هذا المجال، ناهيك عن الدور الذي يجب على الناشرين أن يقوموا به من خلال دعم الأصوات الشعرية الجديدة وتقديم النصح لهم لإكمال مسيرتهم".