الخان الأحمر ليست البداية، فكثيرًا ما تصدى الشعب الفلسطيني للتحديات التي واجهته، في مقدمتها تحدّيات السلطة الاسرائيلية التي لا حصر لها، والتي بدأت ببداية الاحتلال ولا تزال بالتهجير القسري لأكثر من نصف الشّعب الفلسطيني بإقامة المذابح وهدم البيوت وزرع الألغام في الأنقاض حتى لا يعودوا إليها، وإقامة الأسوار والحواجز على الممرات، وقمع المقاومة الشّعبيّة السّلميّة مع التّركيز على الشّباب والأطفال، وإقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة وجلب اليهود إليها من كل الأنحاء، واعتبار تنمية الاستيطان اليهوديّ قيمة قوميّة والعمل على تشجيعه وبخطّة مدروسة للغاية بعيدةً كلّيًا عن العشوائيّة؛ والهدف من خلاله تحقيق: إجهاض قيام دولة فلسطينية مستقبلاً بقطع الأراضي الفلسطينية ومنع التّواصل الجغرافي بينها، العمل على ربط المستوطنات اليهوديّة بعضها ببعض، مُحاصرة القدس بالكامل بالمستوطنات، بناء أحياء يهودية داخل أحياء عربيّة لِيَتَحَقّقَ مُحاصرتها وإعطاؤها الصّبغة اليهوديّة. تسير الخطّة الاستيطانيّة الإسرائيليّة بتوسع غير مسبوق وما حقّقته في السّنة الأخيرة يفوق عشرة أضعاف ما تمّ في التّسعينيات. من ذلك عدة قرى مُهدّدة بالإزالة مثل قرية الخان الأحمر المتواجدة قبل الاحتلال وهُجِّرَ إليها منذ خمسين عامًا من عرب الجهّالين بعد ترحيلهم من النّقب. هدم الخان الأحمر مخطّط لوأد حلم الدّولة الفلسطينيّة لأهميّة موقعه البالغة، ليس لقربه فقط من القدس وإنّما أيضًا لأن احتلاله: يقسِّم الضّفّة الغربيّة إلى قسمين غير متّصلين، يعزل القدس تمامًا عن محيطها العربي الفلسطيني، يُحَقّق لإسرائيل السيطرة الكاملة على الأراضي الممتدّة من البحر الميت حتى القدس، بينما بقاؤه يمنع إسرائيل من إحداث التّمدُّد الاستيطاني الاحلالي. لذا يستميتُ سكانها في الدّفاع عنها رافضين قرار الهدم والتّرحيل مُنصّبين أنفسهم حُرّاسًا للبوّابة الشّرقية للقدس عازمين على الرّباط في أراضيهم، يساندهم في ذلك الفلسطينيّون الوافدون إليهم من كل مكان، وعشرات الأجانب المتعاطفين معهم، فضلاً عن التّلاحم الرّسمي المسؤول مع الشّعبي في مواجهة الاحتلال. عزيمة من حديد لسكان هذه القرية، عددهم 400 شخص ومساندوهم بالمئات.. واعون تمامًا لخطّة الاحتلال التي تريد إخلاء 30% من الأراضي الفلسطينية من خلال هدم التجمعات في السّفوح الشّرقية للقدس والأغوار بالكامل. 18 تجمعًا بدويًا يقيم بها الآلاف من البدو، تريد إسرائيل إزالتهم من مناطقهم لتنفيذ مخطط (A1) لِيَتِمّ بناء 3900 وحدة استيطانيّة تستوعب 20 ألف مستوطن. قُوبل هذا الصُّمود العملاق بقرار من الاحتلال بالهدم الذاتي لهذه القرية الذي قُوبل أيضًا بالرفض والرّباط والصُّمود. لقد اتّخذت قضية الخان الأحمر بعدًا دوليًا بعرض الرئيس الفلسطيني لها أمام الجمعيّة العموميّة، وبذلك أخذت أنظار العالم تترقب الموقف.. انْقَضَت المهلة منذ أيام ولا يزال الرّباط مستمرًا، ولا زلنا نترقب!