الثقافة من أهم أركان الحضارة الإنسانية والركن المعنوي منها وتشمل كافة الجوانب المادية والمتمثلة بالعقيدة والقيم والأفكار والعادات والتقاليد والأعراف والأخلاق والأذواق واللغة وغيرها من الجوانب الثقافية والتي تمد شخصية كل أمة بما يميزها ويمنحها في الوقت نفسه القوة والبقاء والاستمرارية. في هذا الشهر الكريم صدرت عدد من الأوامر الملكية المباركة وكان من بينها فصل الثقافة عن الإعلام ليكون للثقافة وزارة وليسطر التاريخ السعودي اسم سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود كأول وزير ثقافة في المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وأيده بنصره. من هنا تهنئة من الأعماق لسمو وزير الثقافة فأنتم أهل لها وسيرتكم العطرة تؤكد على مهنية عالية في إدارة منظومات العمل ووضع الخطط والإستراتيجيات لتحلق بنا نحو فضاء المعرفة والفكر الإنساني ونغوص معًا في أعماق تاريخنا المجيد لننقب سويًا عن كنوزنا الثقافية والحضارية والفكرية والفنية برؤية عصرية تواكب رؤية وطن طموح بقيادة حكيمة تعانق السماء حيث النجوم التي يستضاء بنورها. وزارة الثقافة السعودية ستكون هي القوة الناعمة التي ستعزز من مكانة المملكة عربيًا ودوليًا وستؤكد على تعزيز الهوية والشخصية السعودية وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 الرامية إلى الإصلاح المجتمعي والاقتصادي وخلق فرص وظيفية جديدة بالمجال الثقافي عبر الفعاليات الثقافية وتعزيز العمل الثقافي والأدبي بالمملكة وجمع المثقفين والأدباء السعوديين تحت مظلة واحدة. نحن بحاجة اليوم لخطة وطنية وفق استراتيجيات محكمة محددة بوقت وزمن وفق مؤشرات أداء علمية لبناء منظومة ثقافية تهتم بكافة شرائح المجتمع السعودي بدءًا من الطفل السعودي الذي يعاني من قلة موارده الثقافية وتشويش فكري وخوف على معاني الهوية السعودية الأصيلة نظرًا للانفتاح الكبير على كافة الثقافات، وسهولة التواصل عبر منصات المواقع الاجتماعية، لابد من الاهتمام بجرعة مكثفة من البرامج المتخصصة للطفولة ثم بالشباب وزيادة الفعاليات والبرامج التي تعزز الوعي الفكري وتُقاوم طوفان التيارات الفكرية المتطرفة برؤية عصرية وبأفكار متجددة. لدينا طاقات وطنية كبرى تنتظر الفرصة لإثبات وطنيتها بعمل كبير قد يكون أشبه بالملحمة الوطنية ونحن مقبلون على الاستعدادات لاحتفالية اليوم الوطني لنخطط معًا كيف نحتفي بالثقافة والفكر النير وكيف تكون لنا بصمتنا الخاصة ونحن نعبر عن حبنا لهذا الوطن، كيف نجمع شتات المفكرين والأدباء والشعراء والفنانين والمصورين والمسرحيين والملحنين، كيف نؤلف قصة حب كبيرة يشارك فيها كل عاشق لوطنه لنبادر بأفكار خلاقة ملهمة في جلسات عصف ذهني كبير بحجم حبنا وولائنا لهذا الوطن. ليكن في كل مدينة ومحافظة شارع باسم الثقافة يكون ملتقى لكل موهوب ومهتم بالشأن الثقافي شعرًا ونثرًا وفنًا ورسمًا ونحتًا وتكون هناك منصات إلكترونية تتبنى المواهب الشبابية وتدعمها وتنشر إنتاجها ونتخير من كل منطقة أفضل وأميز إنتاج ثقافي ليتم تكريمه على المستوى الوطني في يوم الوطن في كل المجالات الثقافية. تلك بعض المقترحات ولدينا المزيد من الأفكار التي تنعش الحراك الثقافي في المملكة وتحيي النفوس وتجدد الدماء في العروق، فالأندية الأدبية تعاني كثيرًا من الروتين وجمعية الثقافة والفنون لا يوجد لها فروع في كل مناطق ومحافظات المملكة والمكتبات العامة خارج التغطية، كل هذه المنصات الفكرية تحتاج لإعادة النظر في عملها وتفاعلها مع المجتمع المتعطش دومًا للفعاليات النوعية. هنا السعودية التي تترنم بقصص الحب والعشق الخالد عبر التاريخ لنا أمجاد تُحكَى وقصص تُروى وأشعار نتغنى بها وبروعتها وبمخاطبتها للروح التي تسري في أجسادنا. هنا وطني مهبط الوحي ومهوى الأفئدة وصناع التاريخ مروا من هنا، هنا قيادة حالمة وشعب يثق بقيادته نحلم معًا بمستقبل موعود حافل بمنجزات تاريخية.