لم يجد فيصل العويفي خريج طب الأسنان بُدا من استبدال حلم البالطو الأبيض بصندوق وانيت متهالك يبيع داخله الغنم حيث تحولت شهادة البكالوريوس في طب الأسنان -وفقًا لحديثه- إلى لوحة تزين الجدران، كما باتت سنوات الدراسة التي اقتطعت منه حلم العمر، واستهلكت مسافات الركض من قلوة إلى الباحة إلى «سراب»؛ الأمر الذي دفعه للعمل في بيع وشراء الأغنام بمكةالمكرمة. وقال العويفي: تخرجت في الثانوية العامة بعد 12 عامًا من الدراسة، وكان حلمي دراسة طب الأسنان.. قررت السفر إلى منطقة الباحة لدراسة طب الأسنان والالتحاق بكلية الطب في جامعة الباحة وكم اقتطع والدي حقًّا من دخله، حتى تحقق حلمي، وتخرجت طبيبًا متخصصًا في طب الأسنان. وأضاف العويفي ل»المدينة»: كنت أعدّ الليالي حتى جاء يوم الحصاد، ولكن يا للأسف لم يكن الحلم كالمتوقع، فشهادة طب الأسنان أصبحت تزين حائط الغرفة وأصبحت أنا طبيبًا عاطلًا، لا أجد أي فرصة عمل، على رغم محاولاته الحثيثة في البحث عنها. وقال فيصل: رغم ما أتقاضاه من بيع وشراء الأغنام فإنها ريالات لا تكفي الحاجة في ظل زيادة متطلبات أسرتي المكونة من زوجة وبنت وحيدة، وعجزي عن سداد الديون المتراكمة التي أنهكت عقلي بالتفكير والتوتر، كما أنني أسكن في منزل ليس ملكًا، متمنيًا من وزارة الصحة أن تجد لي مكانًا بين زملائي الأطباء؛ إذ إنني عملت كل ما بوسعي؛ من أجل الحصول على وظيفة، ولكنني ما زلت أعيش البطالة. في داخل كل منّا أمانٍ وأحلام تستهلك العمر -ركضًا- من أجل تحقيقها ومع السعي والركض والفشل والنجاح يظل جميعنا ينتظر ليلة القدر «الليلة الموعودة»، ويتمنى لو يصادف ساعاتها. لا فرق في الانتظارِ بين غنيّ ينام على فراش الرفاهية، أو غيره ممن اتخّذ من الرصيف الخشن وسادة «المدينة» تفتش عن الأُمنية، وتسأل عن الحلم الحبيس، الذي يصحو في رمضان، ويستيقظ في أواخر أيامه.. الحلم الذي ينتقل من القلب للسماء ويحلم صاحبه لو يصادف لحظة الإجابة.