في داخل كل منّا أمانٍ وأحلام تستهلك العمر - ركضاً - من أجل تحقيقها. ومع السعي والركض والفشل والنجاح يظل جميعنا ينتظر ليلة القدر «الليلة الموعودة» ويتمنى لو يصادف ساعاتها. لا فرق في الانتظارِ بين غنيّ ينام على فراش الرفاهية أو غيره ممن اتخّذ من الرصيف الخشن وسادة. «المدينة» تفتش عن الأمنية وتسأل عن الحلم الحبيس الذي يصحو في رمضان ويستيقظ في أواخر أيامه الحلم الذي ينتقل من القلب للسماء ويحلم صاحبه لو يصادف لحظة الإجابة. مع العم عبدالله الهذلي كانت الحكاية الغريبة. فالرجل العجوز يبيع المساويك في إحدى زوايا الساحات الخارجية بالمسجد الحرام ولكنه رغم القرب والالتصاق بالمكان لا يسمع صوت الأذان.. كنا نتابعه من بعيد وهو يحرّج على المساويك بصوت عال ليجذب الناس لشرائها.. اقتربنا منه ليحكي لنا عن حلمه والأمل الذي ينشده في ليلة القدر فقال: «أنا رجل بسيط لا أملك من حطام الدنيا شيئاً سوى منزل وسط حي الكعكية ومبلغ أتقاضاه من الضمان الاجتماعي لا يسد عوز بطون 10 أبناء». وعن أمنياته قال العم عبدالله: «لقد أصبت بمشكلة صحيّة في الأذن وهي «الصنق» وعجزت كل العجز عن علاجها، وعلى الرغم من ذهابي لعدة مستشفيات، إلا أنني لم أستطع مجاراة «الكلفة» المرهقة للعلاج.. كنت أصبر على الألم ولكنه لم يصبر علىّ، إذ انتقل ببطء من أذن واحدة إلى الأذنين معاً حتى أصبحت أتمنى فى ليلي ونهاري من يحملني للعلاج بمستشفى خاص داخل المملكة أو خارجها، بسبب «الصنق» وقعت في حرج كبير حتى بات المتعاملون معي يظنون أنني غير مبالٍ بحديثهم، ليس هذا فقط، بل أصبحت لا أسمع حتى صوت الأذان» وأضاف: «الالتزامات المالية غيرت طعم الحياة فى عيوني والمرض أعجزني وجعلني لا أسمع مَن حولي أما أبنائي العشرة، فهم وجعي فى الليل والنهار لا أعرف كيف أواجه التزاماتهم براتب ضمان ضئيل.. سأظل أنادي على بسطة المساويك ما حييت طلباً للرزق وأتمنى لو تحملني يد بيضاء لعلاجي حتى أسمع الحياة وأعرف ماذا تريد منى».