من خلال المعايشة والتعاطي مع الواقع الذي يشاركني غيري فيه هو ظهور صور شتّى لانتقاص قدر ومكانة اللغة العربية؛ فمن ذلك نجد من يكتب بلغة العربيزي؛ وهي خليط مسخ ممجوج من العربية والإنجليزية، أو يكتب هذه اللغة الشريفة بالحروف اللاتينية، ومنه أيضاً الأخطاء الإملائية واللغوية التي يندى لها الجبين في اللوحات الإعلانية والتجارية والدعائية والكتابات التعريفية؛ ناهيك عمَّن يتجاهل اللغة العربية تمامًا في كتابة اللوحات الإعلانية أو التجارية أو قد يكتب جزءًا منها على استحياء، أو من يقدّم ويعظّم حروف اللغات الأخرى في مقابل تأخير وتصغير حروف لغة القرآن الكريم. أمّا المحافل التي يُفترَضُ أن تتجمّل بفصيح الكلام وتزهو بسليم المنطق فإنّ الذين يؤمّون بعضها يُبتَلونَ بسماع لغة لا تليق بعوام الناس فضلاً عن المبتدئين من طلاب العلم. إن تعظيم اللغة العربية واستعادة مكانتها الرفيعة في سلوكياتنا وثقافاتنا له علاقة وثيقةٌ بأَنَفَةِ وكرامة الإنسان العربي أو المسلم وكبريائه، لذلك نرى خصومنا يفعلون كل ما بوسعهم لتحقيرها وتحريض الأغبياء ممن يُفترَضُ أن يكونوا حماتها ورعاتها؛ على تدنيسها؛ وتشويهها والعبث بعفتها. لذلك فإني أقترح أن ينبري أهلُ الخير الغيورون على ديننا ولغتنا وثقافتنا بإنشاء وقفٍ يتصدى لهذا الخطر قبل أن يتفاقم ويصبح داءً يستعصي على العلاج.. وأكادُ أجزم أن الكثيرين سيتعاطفون مع هذا باعتبار أن الأعمال الوقفية تلقى قبولًا واستحسانًا من الكثير، وأتوقعُ أن مشروعًا كهذا ستكون له نتائج تحقق تصحيح المسار غير السوي الذي تُساقُ إليه لغتنا الكريمة. وأرى أن يكون التعامل مع قضايا اللغة العربية وإصاباتها البليغة بأسلوب معاصر حيث تستثمر الحوسبة والشبكة العنكبوتية والمعطيات الثقافية والتطبيقية المعاصرة والمناسبة؛ المتاح منها وما قد يستجد من وسائل أخرى؛ وكذلك القيام بالأنشطة الميدانية المباشرة من خلال التجمعات في أماكن الترفيه والمدارس مثلًا؛ وتقديم النصائح والاقتراحات المناسبة للجمهور؛ وأصحاب المحلات التجارية؛ والمطاعم؛ والمعارض وما في حكم ذلك. هنالك الكثير من الأفكار المفيدة لعلها لم تدر بخلدِي الآن قد يراها غيري.. أرجو أن تجد تصوراتي هذه استجابة من ذوي الفضل ومن ذوي الشأن والغيورين الشرفاء من أدباء ولغويين واجتماعيين وَوُعَّاظ وممولين يحتسبون الأجر والثواب من عند الله تعالى.