عندما ألقى أبوالطيب المتنبي قصيدته الشهيرة ومطلعها: واحر قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي وحالي عنده سقم وصولًا لقوله: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم لم يكن يعلم حينها أن صداها ما زال يتردد في أذهان البشر وانطباعاتهم وتفسيراتهم حتى يومنا الحاضر. وبعيداً عن التفسيرات الخاطئة التي قد تصاحب سرد أبيات لأبي الطيب المتنبي في سياق الحديث حول قصيدة تختلف زمانياً ومكانياً ونوعياً إلّا أنه لنا أن نربط ما بين براعة المتنبي في إدراج المعاني الحماسية في سياق الفخر وبين ما برع فيه الشاعر الشاب المقدّم مشعل بن محماس الحارثي في الشأن نفسه حتى لو أن قصيدته ألقيت في زمن الشاعر الكبير أبي تمام لضمها لديوان حماسته الشهير. وبعيداً أيضاً عن القيمة الفنية وجماليات القصيدة والتي أترك الحديث عنها للنقّاد والمختصين والذين ولاشك أشبعوها تمحيصاً وتحليلا بما يليق بمكانة من أُلقيت في حضرته أولًا ومن ثم مكانة القصيدة والمناسبة التي أُلقيت بها ثانياً ولكنني سأتناول انتشارها الكبير جغرافياً ليتردد صداها ويفوح عبيرها فيستنشق الخليج العربي كله عبق كلماتها ومعانيها ولينظر بعين الرضا عن أبياتها وما عبّرت عنه من لُحمة وطنية شاملة ما بين ولي أمر وشعبه وعن توافق في الفكر والرؤى والنظرة الحكيمة للأمور. وكما عبرت قصيدة شاعر الخليج الأثير الرحب لتصل إلى كل منزل وديوانية ومجلس خليجي ولتؤكد وبما لا يدع مجالاً للتأويل لدى مرتزقة الإعلام المندسين لتنفيذ أجندة الإرجاف والتشكيك ما يتمتع به خليجنا العربي من احترام متبادل وحُسن ظن وتلاحم ووحدة كلمة ومصير بين حكام وشعوب الخليج إذا ما استثنينا من ذلك من ارتضوا أن يشذوا عن تلك القاعدة تنفيذاً لمخططات وأجندات الغدر والخيانة. وفي ظل إعلام منفتح على العالم بشقيه التقليدي والجديد تناقلت الصحف ووكالات الأنباء والمواقع الإخبارية والقنوات الفضائية قصيدة شاعر الخليج وتناولتها بالدراسة والتحليل على المستويين الاجتماعي والسياسي كما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تلك القصيدة من خلال أكثر من وسم في تطبيق تويتر الشهير وتحديداً ما يختص منها بقراءة المضامين التي حفلت بها مشيدة بروح من الود والفخر والاعتزاز بما يجمع بين شعوب الخليج. وبشموخ واعتزاز وأنفة وبعد أن أكمل إلقاء قصيدته غادر شاعر الخليج منصة الحفل ولسان حاله يقول: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم