يقول شاعرنا العربي أبو الطيب المتنبي في قصيدته الشهيرة التي يخاطب فيها سيف الدولة الحمداني: [ الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس و القلم]. وقد ظلت هذه القصيدة من روائع الشعر العربي لما تضمنته من فخر واعتزاز بالنفس والبيئة والمحيط الذي كان يعيشه هذا الشاعر الأسطورة، خاصة حين يخاطب الوشاة والحساد الذين كادوا له عند سيف الدولة بقوله الذي مازال يتردد صداه الى اليوم: [أنام ملء جفوني عن شواردها...ويسهر الخلق جرّاها و يختصم]. هي بلا شك مواقف فخر واعتزاز تظهر جانبا من الشخصية العربية التي لا تقبل الضّيم حتى من أقرب الأقربين. وهاهو ابو فراس الحمداني يقول عندما قابل الظلم من أقرب المقربين إليه: [بلادي وإن جارت عليّ عزيزة ... وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام]. والسؤال هنا: ماذا بقي من هذا التراث العربي العظيم؟ إن ما تظهره الأحداث هو أننا تركنا اللب وتمسكنا بالقشور. لذا لم أستغرب كثيرا عندما قرأت عن انشغال بعض اثرياء الخليج في سباقات الخيل والإبل وتفرغهم في عواصم الغرب بمتابعة ركض الخيول والبغال والاشتراك في السباقات وانفاق المليارات على الجوائز التي تذهب لغير أصحابها. وقد وصف أحد الكتّاب هذه الظاهرة بقوله: «لو ان هؤلاء هم الذين يركبون الخيول ويتسابقون لقلنا (معلش) و (برافو) .. لكن المصيبة ان الفرسان من الانجليز والمدربين من الانجليز والخيول مشتراة من الانجليز .. الشيوخ لا فضل لهم الاّ فضل دفع المليارات لشراء الخيول والبغال وبناء الاسطبلات فى أوروبا». وهكذا تراق كل هذه المليارات في الوقت الذي تنقل لنا الأخبار «ان بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل يسكن فى شقة مستأجرة من 3 غرف ويمتلك سيارة قديمة موديل 1989 ويعمل فى اليوم 20 ساعة متواصلة لخدمة أهداف اسرائيل لأنه ليس عنده وقت للبغال والخيول وشمّات الهوا» .. والسياحة في أرض الله الواسعة؟!