تطالعنا الصحف من الفينة والأخرى، بأخبار مزعجة عن الأخطاء الطبية، وبالطبع، فليس كل تدهور في حالة المريض يعزا إلى خطأ الطبيب -كما يعتقد البعض-، إذ يمكن أن يكون عدم تحسن، أو تدهور حالة المريض بسبب لا علاقة للطبيب به، وبالتالي لا تجوز مساءلته. أما إذا لم يراع الطبيب أصول مزاولة مهنة التطبيب، وتسبب في ضرر-مهما كانت درجته- للمريض، فيُعد خطؤه خطأً فاحشًا، ويعتبر الطبيب في هذه الحالة متعديًا؛ وقد يكون هذا التعدي إما في صورة فعل إيجابي، كأن يأتي بفعل مخالف لأصول المهنة، وإما في صورة امتناع عن القيام بما تمليه أصول مهنة الطب، وفى الحالتين يعتبر الطبيب مخطئًا ويسأل عن خطئه. وقد نص نظام مزاولة المهن الصحية، على أن التزام الطبيب تجاه مريضه هو التزام بذل عناية يقظة، بمعنى، أنه يجب على الطبيب التزام أصول مهنة الطب، وإلا اعتبر عدم التزامه بتلك الأصول خطأً طبيًا يسأل عنه، فإذا أخطأ الطبيب في العلاج، أو كان جاهلاً بأمور كان من المفترض لمثله الإلمام بها، أو قصر في متابعة حالة المريض، وترتب على ذلك ضرر للمريض، فإن الطبيب يُلزم بتعويض المريض. والإجراء النظامي المتبع في حالة الخطأ الطبي، هو تقديم شكوى للشؤون الصحية، للتحقيق في الموضوع، ثم بعد ذلك يتم عرض الشكوى أمام الهيئة الصحية الشرعية، والتي تقرر -بعد الاستماع إلى أقوال المريض والطبيب- مدى مسؤولية الطبيب عن الضرر الذي أصاب المريض، فإذا ثبت أن الطبيب مخطئ، تصدر الهيئة الصحية الشرعية حينئذ قرارها بإلزام الطبيب بتعويض المريض عما أصابه من ضرر، هذا بالإضافة إلى العقوبة التأديبية المنصوص عليها نظامًا، والتي تبدأ بالإنذار، فالغرامة المالية، ثم إلغاء الترخيص مؤقتًا، أو نهائيًا، في حال تكرار الخطأ. أما فيما يتعلق بالتعويض الذي تقرره الهيئة الصحية الشرعية، فيختلف بحسب الضرر، فقد يكون دية كاملة (300 ألف ريال للقتل الخطأ)، إذا تسبب خطأ الطبيب في الوفاة، أو إزالة عضو بأكمله، لا نظير له في البدن، كرحم المرأة، أو الأنف؛ أما إذا كان العضو منه اثنان في البدن، فإن في واحدة نصف الدية، وما كان منه في البدن أربعة، ففيه ربع الدية، وهكذا، أما إذا أدى خطأ الطبيب إلى زوال منفعة عضو، كزوال حاسة البصر، أو السمع، ففي كل حاسة دية كاملة، وإذا تعددت الحواس وجبت الدية كاملة عن كل حاسة زالت بالخطأ.