• نفِد الشيء: فَنِيَ وذهَب بأكملهِ، لم يبق منهُ شيئًا (قاموس المعاني الجامع). • تحث الأديان السماوية جميعها على الصبر، ففي التوراة والإنجيل والقرآن ما يُمجّد قيمة الصبر ويُبشّر الصابرين. • لكن للصبر حدود كما يقال، فلا يمكن لبشرٍ أن يصبر للأبد، خصوصًا على الظلم والعدوان وانتهاك الحقوق، ففي مثل هذه الأمور حينما تُستنفد كل الوسائل المتاحة ولم يك هناك من وسيلة إلا الإقدام، فالصبر يصبح حينها من الماضي. إذا لم يكن غير الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلا ركوبها • في المحكي المحلّي يقول الناس استنكارا واستهجانا لفعل الأحمق: «يا صبر الأرض»، وهي ربما مستقاة من المقولة العربية «أصبرُ من الأرض»، وهذا هو المدخل الأكثر بلاغة لحكاية اليوم عن صبر الحليم. • من يعي تاريخ هذه البلاد، خصوصًا في نسخة الدولة السعودية الثالثة بعد استعادة مُلكها ومن ثم توحيدها على يد الملك عبدالعزيز- رحمه الله- وكوكبة من شرفاء هذا الوطن من أجدادنا، لن يتعب كثيرًا في الاهتداء لعنوان يدل على المرتكز الرئيس لسياسة قادته، الذين تعاقبوا على الحُكم وإدارة شؤونه. • الصبرُ المُطرّز بالحِكمة.. فالصبر السعودي (إن جاز القول) كان يوصف من البعض في الخمسينيات الميلادية من القرن المنصرم إبّان الثورات العربيّة والنكسات والهيجان الشعبي حتى حرب أكتوبر 1973م بالضعف والتخاذل، ولم يُدرك المُتهوّرون آنذاك السر، إلا بعد أن ذاقوا خيبات اندفاعهم غير المحسوب، وبعد أن ورّطوا شعوبهم بالمآزق التي لم يخرج البعض منها حتى اليوم. • عرفنا نحن الشعب من قادتنا صبر الحليم، ورأينا غضبته إذا غضب، فموقف الملك فيصل حين قطع إمدادات النفط عن الغرب الداعم للكيان الصهيوني، وموقف الملك فهد من غزو الكويت وقرار الملك عبدالله حِفظ أمن البحرين، وأخيرًا عاصفة حزم سلمان تلبيةً لنداء الجار المستضام. • مواقفٌ سيكتبها التاريخ في سجل الشجعان الذين غضبوا على العدوان بعد نفاد صبرهم. • مليشيات ما يُسمى ب(حزب الله) عربدتْ وطغت في لبنان لفرض واقع على الأرض يسمح بتحكّم ملالي طهران في مصير هذا الوطن العربي الجميل، مما دعا حكومة المملكة لرفع يدها عنه، ولكن حينما تطاول قزم الضاحية الجنوبية مؤخرا وتآمر على تقويض أمن بلادنا بالتشارك مع أذناب إيران في اليمن فلا مناص من ركوب الأسنّة، ليعرف كل قزم حجمه الحقيقي.