يُعد شارع سلطانة بالمدينةالمنورة بمثابة أكبر المجمعات التجارية المفتوحة في الهواء الطلق حيث تتراص محلات التجزئة الخاصة بأشهر ماركات الملبوسات المحلية والعالمية، فضلًا عن احتضان الشارع لمجموعة كبيرة من المطاعم والمقاهي الفاخرة على جانبي الطريق، ليشكل هذا التجمع التجاري واحدًا من المعالم التجارية التي تحمل طابعًا خاصًا في عالم التسوق والترفيه للعائلات والشباب في المدينةالمنورة. ويشير مختصون إلى أن هناك طلبًا متزايدًا على مساحات التجزئة والتي تقارب نسبة الإشغال فيها 95% خصوصًا وأن المنطقة تشهد كثافة سكانية مرتفعة. وبالرغم من أن الشارع الذي يمتد لحوالى 3 كيلومترات تقريبًا حظى بحزمة من المشروعات التطويرية على مدار السنوات الماضية الأمر الذي حوله إلى مقصد رئيس لمعظم الشركات التي تتهافت على المدينةالمنورة لتبحث عن تواجد في السوق المحلي، خصوصًا وأن هذا الموقع يتمتع بتصميم أنيق ويتضمن خدمة المواقف الطولية على جانبي الطريق للمتسوقين، وأخرى خلفية ورصيف لخدمة المشاة، إلا أن طموحات المواطنين التي رصدتها «المدينة» خلال زيارتها للشارع التجاري، كانت أكبر، حيث أعربوا عن أملهم بأن يتم تطوير الشارع بطريقة فنية تضمن الحفاظ على الهوية المدينية وتواكب خصائص الحياة العصرية. تحدث الباحث في تاريخ المدينةالمنورة عبدالله كابر، عن قصة الاسم المتعارف لهذا الشارع الذي شهد العديد من أحادث السيرة النبوية على صاحبها أزكى الصلاة والسلام، وقال: يبدأ الشارع من ثنية الوداع الشمالية التي تعد من أبرز الشواهد والتي دخل النبي صلى الله عليه المدينة من الجهة الشمالية عقب غزوة تبوك وخيبر، ويرى بعض العلماء أن طلع البدر علينا أنشدت عند هذه الثنية فيما ينتهي الشارع على ضفاف وادي العقيق المبارك، وأضاف: لا ينحصر تاريخ الشارع في العهد النبوي بل يمتد إلى العهد الحديث حيث سُمى بهذا الاسم نسبة لسيدة صالحة كانت تُدعى «سلطانة»، وكانت تمتلك مجموعة من الأوقاف فيه، مشيرًا إلى البعض وقع في خطأ علمي عندما نُسب تسمية الشارع إلى بئر كانت تقع هناك. ودعا كابر إلى وضع علامات تميز موقع تثنية الوداع في بداية هذا الشارع الحيوي والتي ترتبط بالسيرة النبوية المكانية، قائلاَ بأن هناك جبيل صغير في موقع ثنية الوداع وكان هناك مسجد إلا أنه أزيل في عهد سابق، ونأمل من الجهات المختصة الحفاظ على هذه المواقع التي يفيئ إليها الزوار والأهالي للوقوف على موقع ثنية الوداع في خطوة للحفاظ على الموقع الذي يُعد من أبرز المواقع المرتبطة بالسيرة العطرة. مواطنون: تحويل الشارع إلى منطقة استثمارية جاذبة تخدم الشباب والعائلات أوضح المواطن أحمد السحيمي أن شارع سلطانة التجاري بالرغم مما يحتويه من خدمات تلبي بعض تطلعات المتسوقين من أهالي المدينة وزوارها إلا أن الوضع الراهن للشارع يتطلب تدخل الجهات المختصة بهدف تطوير الشارع وتحويله إلى بيئة جاذبة لأشهر العلامات التجارية وتحويله إلى منطقة استثمارية تخدم شريحة الشباب والعائلات، وتقدم خدمات المطاعم والمقاهي الراقية بعيدًا عن صخب وضوضاء المدن. وقال عبدالله الأحمدي: نتطلع إلى تهيئة الشارع وإعادة ترصيف الطريق لخدمة المشاة والمتسوقين وتنشيط الحركة التجارية والسياحية من خلال تجهيز بعض المواقع للاستراحة وأخرى للمطاعم والمقاهي الفاخرة وخدمات الانترنت المجانية بما في ذلك المتطلبات الأساسية لتكون هذه الجادة معلمًا سياحيًا للزوار والأهالي. وشاركه الرأي المواطن عبدالرحمن بداي، قائلاً: إن الموقع الذي يتمتع به الشارع في قلب المدينةالمنورة يرفع من حجم مسؤولية الجهات المعنية بتحويله إلى بيئة آمنة للمتسوقين وسالكي الطريق بما في ذلك توفير متطلبات السلامة المرورية. وأعرب رائد السحيمي وبدر الحربي عن تطلعهما بأن يحظى الشارع بمشروع تطويري يتم فيه تخصيص منطقة للمشأة ويتم فيها زراعة بعض أنواع الأشجار لتخفيف من درجات الحرارة في موسم الصيف وكذلك منطقة خاصة بالمقاهي والمطاعم، مع الحفاظ على الهوية المدينية. وشدد كل من فيصل كعكي وعبدالله راكان على ضرورة استحداث مواقع خاصة بمواقف السيارات في ظل محدودية المواقف الموجودة على جانبي الطريق التجاري داعين إلى ضرورة تهيئة المنطقة بما يتناسب مع تطلعات العائلات ويلبي احتياجات التسوق لجميع الفئات العمرية. من جانبه أوضح الخبير الاقتصادي عبدالغني بن حماد الأنصاري، أن شارع سلطانة يُعد من المعالم الاقتصادية الهامة في المدينةالمنورة التي تأثرت نتيجة تزايد تشغيل الأسواق التجارية المغلقة (المولات) خلال السنوات الأخيرة الماضية، وقال في حديث ل»المدينة»: أعتقد بأن الانخفاض الملحوظ في القوة الشرائية يستوجب بإعادة دراسة العديد من المشاريع التجارية هناك بحيث يكون هذا الشارع مخصصًا للمطاعم و المقاهي فضلًا عن دراسة إمكانية استنساخ هذه التجربة في الاتجاهات الأربعة للمدينة المنورة بما يتناسب مع حجم الكثافة السكانية، وأضاف: يجب توزيع الأنشطة التجارية وفق التخطيط الحديث للمدن وإعادة تهيئة تلك المواقع بما يتناسب مع رغبات وتطلعات رواد هذه الشوارع الرئيسة فضلًا تحويل هذه المواقع إلى مناطق صديقة للإنسان، مشيرًا إلى أن العمليات التطويرية للشوارع التجارية تساعد في تحريك الاقتصاد وتخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين منوهًا إلى ضرورة أن يتنبأ قطاع الأعمال للتطور السريع الذي يشهده هذا القطاع خصوصًا مع تطور وسائل الاتصال وخدمات الانترنت، مؤكدًا على ضرورة إعادة النظر في القيمة الايجارية لبعض المواقع من قبل الملاك لمساعدة المستثمرين وخصوصًا الشباب القائمين على مشاريعهم الصغيرة بهدف تمكينهم من البقاء في السوق حيث لم يُعد من المقبول أن تستمر الفوضى الإيجارية التي شوهت السوق.