بات من الواضح أن التطور الفكري والمعرفي والحقوقي للدولة المدنية يستند إلى الحقوق المتساوية والمواطنة وليس إلى الولاءات الاثنية والدينية، التي كانت جزءا من مفاهيم القرن المنصرم. وتكمن الخطورة في تحول العديد من الكيانات «القومية» في الأخير إلى دكتاتوريات وراثية مستبدة تدير دولاً فاشلة عن طريق القمع والفساد. وفي عالم ارتبط بالمعرفة، لم تستطع الحكومات القومية قمع أقلياتها العرقية التي لجأت إلى الاستفتاء الشعبي في حق تقرير المصير وفرض رأيها في إسناد السيادة إلى فئة أو مجموعة بعينها كالحاصل اليوم في إقليم كردستان في العراق وكتالونيا إسبانيا والتي نستعرض أهم التطورات فيهما: إقليم كردستان تبدو الهوة واسعة جدا بين موقف كل من سلطات إقليم كردستان العراقي، وكلا من الدولة العراقية في بغداد، والعاصمتين المجاورتين (أنقرة وطهران)، وجميعهم يرفضون نتائج الاستفتاء، الذي يرونه تهديدا للأمن القومي لبلدانهم، ولوحدة أراضي الدولة العراقية، في ظل تحول في التساؤلات المثارة بشأن الاستفتاء، كيف ستتصرف الدول المعارضة؟ وكيف ستتعامل مع نتائجه؟. أربيل تشكو بغداد لمنظمة الطيران الدولية كشف عضو اللجنة العليا للاستفتاء في إقليم كردستان ووزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري عن لجوء سلطات الإقليم إلى تقديم شكوى ضد بغداد للمنظمة الدولية للطيران، معتبراً أن الحظر الجوي يعرقل وصول المساعدات للنازحين. إلى ذلك، لفتت مواقع كردية عراقية إلى أن الحظر الذي فرض تطبيقه بدءاً من يوم الجمعة الماضي منع العديد من العمال من العودة إلى بلدانهم، مشيرة إلى أنه وبحسب الإحصائيات، فإن «الشركات في إقليم كردستان استقدمت خلال 10 سنوات الماضية أكثر من 200 ألف عامل أجنبي وغالبيتهم من بنغلاديش. نصرالله: تهديد للمنطقة قال الأمين العام لحزب الله، إن أحداث شمال العراق التي صوت فيها الأكراد على الانفصال، تشكل تهديدا للمنطقة كلها، وليس فقط للعراق والدول المجاورة، مضيفا أن الاستفتاء «سيفتح الباب على التقسيم والتقسيم والتقسيم على إيران وتركيا وسوريا والعراق. نتنياهو: لا دور لنا في كردستان نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» بأداء دور في تنظيم الاستفتاء المثير للجدل حول استقلال إقليم كردستان العراق، مكررا «تعاطفه» مع الشعب الكردي. مضيفا، إسرائيل لم تشارك في الاستفتاء الكردي سوى بالتعاطف العميق والطبيعي والمستمر منذ سنوات مع الشعب الكردي وتطلعاته». رئيس إقليم كتالونيا: يجب أن نتحادث دعا رئيس إقليم كتالونيا الانفصالي كارلس بيغديمونت إلى وساطة في الأزمة مع مدريد، وقال بيغديمونت، يجب أن نعبر عن رغبة واضحة في حصول وساطة مهما كان السيناريو. يجب أن نتحادث، إنها أمنية جميع الكتالونيين. أين سيلعب فريق برشلونة في حال الانفصال ؟ لن يواجه برشلونة صعوبة كبرى في حال تم منعه من اللعب في الدوري الإسباني، بقدر ما سيجد الاتحاد نفسه في ورطة، إذ يشكل برشلونة أحد أهم العوامل الجاذبة لمتابعة الدوري الإسباني، الأمر الذي سيؤثر على شعبية «الليغا» حول العالم بالإضافة إلى الأزمة المالية التي ستقع فيها رابطة الأندية المحترفة في حال خسارة أحد أهم مصادر دخلها. فبينما أكد نائب رئيس نادي برشلونة، كارليس فيلاروبي، أن فريقه سيستمر في الدوري الاسباني، شدد رئيس الرابطة المحترفة الإسبانية، خافيير تيابس، على أن اختيار البطولة التي سيشارك فيها الفريق الكتالوني، لن يكون بيد برشلونة بعد الانفصال، ونشرت مواقع أوروبية، وعلى رأسها موقع «Goal» الشهير، تصريحات لوزير كتالوني، أشار إلى إمكانية التحاق برشلونة بالدوري الإنجليزي الممتاز في حال طرده من الدوري الإسباني. على الطرف الآخر، يرى البعض أن مصير الفريق الكتالوني سيكون شبيها بمصير موناكو الفرنسي، إذ سيبقى يشارك في الدوري الإسباني كما يحدث مع فريق إمارة موناكو. إقليم كتالونيا صوت الناخبون في إقليم «كتالونيا»، بأصواتهم فى استفتاء حول انفصال الإقليم عن إسبانيا. واصطف آلاف المواطنين أمام مراكز الاقتراع فى الساعات الأولى من صباح أمس للإدلاء بأصواتهم فى هذا الاستفتاء الذي ترفضه الحكومة فى مدريد وتعتبره غيرشرعي. قانونية التصويت ليس للاقتراع في الإقليم الكتالوني صفة قانونية، بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية حكما بوقفه، وبعد أن قالت مدريد إنه يخالف دستور عام 1978. استطلاعات الرأي تظهر استطلاعات الرأي أن أقلية من نحو 40% تؤيد الاستقلال رغم أن الغالبية ترغب في إجراء الاستفتاء. والنتيجة المتوقعة ستكون على الأرجح «نعم» نظرا إلى المشاركة المكثفة للمؤيدين للاستقلال، في حين أن معظم المعارضين محجمون عن التصويت. الشرطة تطلق الرصاص المطاطي استخدمت قوات مكافحة الشغب في كتالونيا، أمس، الرصاص المطاطي لتفريق المواطنين المحتشدين أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء حول انفصال الإقليم عن إسبانيا. وأعلنت سلطات إقليم كتالونيا عبر موقع تويتر أن 38 شخصا أصيبوا خلال اشتباكات مع الشرطة الإسبانية التي حاولت منع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، وذكرت وزارة الصحة الكتالونية أن تسعة من المصابين نقلوا إلى المستشفى، فيما يعالج معظم المصابين الآخرين من «كدمات وحالات دوار ونوبات ذعر». تجارب دامية على مستوى العالم استفتاء انفصال كتالونيا، وقبله انفصال إقليم كردستان العراق، يعيد التذكير بتجارب انفصالية سابقة، تمخضت بالفعل عنها دول جديدة، ولكن على أشلاء مئات الآلاف من الضحايا نتيجة الحروب الأهلية والتدخلات الدولية، ولم ينجُ من ذلك إلا عدد قليل من الدول التي خدمتها ظروف دولية استثنائية نستعرض منها. جنوب السودان: بعدما صوت سكان جنوب السودان بانفصاله في 19 يوليو 2011 في الاستفتاء بنسبة 99% دخلت الدولة الوليدة في دوامة عنف جديدة وحرب أهلية بين سكان الجنوب أنفسهم، وذلك بالرغم من الاعتراف الدولي بالانفصال. كوسوفو: أعلنت كوسوفو انفصالها عن يوغسلافيا (التي كانت تضم كوسوفو وكرواتيا والجبل الأسود) في 17 فبراير 2008 من خلال استفتاء شعبي، بعد سنوات من إدارة الأممالمتحدة شؤون البلاد (1999)؛ إثر مواجهات دامية غير مسبوقة بين كوسوفو وصربيا. وقام حلف شمال الأطلسي «الناتو» بقصف صربيا لإجبار الرئيس الصربي في ذلك الوقت سلوبودان ميلوسيفيتش على سحب قواته من الإقليم بعد عدة انتهاكات ومذابح عرقية قامت بها تلك القوات في أوساط المدنيين. دولة مونتينيجرو وصربيا: قامت عام 1991 بعد انهيار يوغسلافيا، إلا أنها تشظت إلى دولتين منفصلتين عام 2006، بعد أن أجرت مونتينيجرو استفتاء في 21 مايو 2006 للانفصال عن صربيا، وهو ما تحقق لها في 3 يونيو من نفس العام. ودفع ذلك صربيا لرفع قضية في المحكمة الدولية للاحتجاج على الانفصال. تيمور الشرقية: التي عرفت قبل ذلك بإقليم «تيمور ليستي»، انفصلت عن أندونيسيا في 20 مايو 2002 بعد استفتاء أجرته قبل ذلك بسنوات. وكان الإقليم يدار بنظام الحكم الذاتي الذي مهد له طريق الانفصال. وبعد الاستفتاء اندلعت أعمال عنف بين سكان الإقليم وقوات موالية لحكومة جاكرتا؛ ما دفع الأممالمتحدة لإرسال قوات حفظ سلام لوقف العنف في البلاد. بالاو: هي مجموعة جزر غرب المحيط الهادي، وهي الدولة الأقل عددًا من حيث السكان بحوالى 21 ألف نسمة فقط، موزعين على 250 جزيرة صغيرة، وانفصلت تلك الدولة عن دولة ميكرونيسيا في 1 أكتوبر 1994 بعد 15 عامًا من المفاوضات. أريتريا: أسست الأممالمتحدة أريتريا كمنطقة ذات حكم ذاتي داخل إثيوبيا عام 1952، إلا أن الإمبراطور الإثيوبي السابق هالي سيلاسي ضم الإقليم من جديد عام 1962؛ مما ولد حربًا أهلية عنيفة استمرت 30 عامًا. وفي 1991 قامت جبهة التحرير الأريترية بطرد القوات الإثيوبية من الإقليم وأعلنت الانفصال التام عن إثيوبيا في 27 أبريل 1993 بعد استفتاء شعبي. تشيكوسلوفاكيا: في 1 يناير 1993، قام البرلمان التشيكوسلوفاكي بتقسيم البلاد إلى دولتي التشيك وسلوفاكيا بعد ثورة المخمل التي أنهت الحكم الشيوعي. وجاء هذا الانفصال بوصفه الأكثر سلاسة في التاريخ كونه حصل في وقت سقط الداعم الأكبر لوحدة تشيكوسلوفاكيا وهو الاتحاد السوفيتي.