كلما اعتقدت أني اكتبُ عن أشياء مهمة، يأتيني الشهداء بكامل نزيفهم وأشلائهم الممتلئة بالكبرياء ليقولوا لي إن ما تكتبه لا يمثل أي أهمية أمام ما فعلناه، ما تعِبت أيدينا من النضال حتى وإن تعبت أرواحنا! لستُ أدري على أي جنبٍ ينبغي أن أتوجع يا وطنًا لا ينسانا، وعن أي جرح يجب أن أكتب كتاباتي في آخر الليل.. قصصًا من فداء وتضحيات لدروبٍ من الأوجاع لا تنتهي!! (متى يفهمون أن النصرُ موعدنا.. وأنً السيف في يدنا بإذن الله لن يثلم). وقت عناق أرواح الشهداء لقامة المجد وحين يغرسون أرواحهم نُصبًا تذكارية في ساحات الكرامة، فلا مجال للحديث وقتها عن أي شيء إلا دمائهم.. يغطي الحياء كل أبجديات اللغة في حضرتهم، ويتسامى المرابطون فوق الترهات.. فثمة جرعة موت في الطريق إلى أرواحهم حين يختفي وقت الجدال والمحاورة مع أناسٍ لا يعرفون إلا البذاءة والدناءة والسقوط. للمسجد الأقصى طهارة لا تخطئها الروح، والمرابطون هم غراس القدس الذي يزهر كل حين، ويُخجلُ الشمسَ من غروبها قبل أن تُلقي عليهم السلام وربما الوداع فربما لن تسعد بلقائهم حين شروقها التالي.. تتزين جباههم ببضعُ رصاصات... ويتمدد الأفق في أعينهم حد اللا نهاية! سلامٌ للقدس وهي تواجه الموت بذراعيها المبتورتين.. سلامٌ لباب العامود حين يُشعل حنينه ليلًا لشموخ الشهداء ووصايا الأحرار في زمن الخنوع.. سلامٌ لباب الأسباط حين يُعيد للبندقية كرامتها، وللأرض هيبتها، وحين يعيد لنا كل معاني العزة والصمود والمواجهة. بالأمس قالت القدس كلمتها.... كي تذكرنا... إننا سنعود.!