حينما تدق ساعة الحسم، حين تنقلب موازين الأمور، حينما يُقتل صاحب الحق ويُبجّل الظالم ويُقدّر، حين يتحكم فيروس صغير تافه بجسم معافى فينهكه حتى إذا اقترب من الموت انتفض! نعم انتفض ليخرج العدوّ من جسده ويعود معافى! حينما يُجامل الشيخ العالم حاكمه في الدين، حينما يرحل العلم بهجرة حامله، حينما ينفتح عامة الناس على شيء مجهول، حينما يعرفون أن العدل هو الحق، حينما يعرفون الحقيقة، حينما يعرفون ماهية الدين، حينها يثورون! حينما تنزف الدماء مطالبة بالكرامة، حينما يعرف الناس ويفقهون قوله تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم)، حينما يهب المجتمع مطالباً برحيل الحاكم، وحين ينبذ المجتمع العالم المرائي المنافق، حينها تنتفض الأرض لتنبذ الظلم ويبقى العدل مخيماً على أرجاء المكان. حينما تجري دماء الأبرياء في سهل حرّان (سهل العلم والعلماء)، حين تعلو في أرجائه صيحات الشباب (من حوران هلّت البشاير)، حين تبلغ أصواتهم الإيمانية عامة أرجاء البلد، حينها تسيل الدماء في كل بقعة على كل أرض قائلة لتسقي أرض العروبة التي اشتاقت لدماء الشهداء، حينها ينادي أسود الحق بصوت واحد يردد (الشعب يريد إسقاط النظام). حين يجف نهر بردى، حين تذبل الأشجار، وتجدب الأرض، حينما يشتاق بردى للسقيا من دماء هي أطهر وأزكى من ريح المسك، حينها حق عليه أن يعود للجريان. حينما تهب حمص رافعة راية العصيان للظلم والطغيان، حين يشرب العاصي دم الشهيد، حين يطلب العاصي المزيد المزيد، حينها حقاً على العاصي أن يعود مطيعاً. حينما تهب مدينة الأبطال والشجاعة حماة، حينما ترتعش فرائص النظام من ثورتها، حين تقف نواعيرها عن الدوران مطالبة بدماء الشهداء، حين تستقي نواعيرها بدم شهيد واحد، حينها تعود النواعير للدوران معلنة إسقاط النظام. حينما تيأس عروس الساحل ظلم النظام، حين تساندها أختها بانياس، والأخرى اليتيمة طرطوس، حينما يهبون مطالبين بالحرية، حينها تشتد عزائم الإيمان في قلوبهم منادية رحماك يا رب الأرباب. حين كل حين، دمشق ودوما والكسوة والزبداني وبلودان وكل أرض لم تعرف الخنوع يوماً، حينها تنادي بكلمة الحرية، مرددة سلمية سلمية. حين تهتز الأرض نابذة الظلم والاستبداد، حين تحتاج الأرض دماء طاهرة ريحها عبق ومسك، حين تتبدل الأرض غير الأرض، حينها نعرف حقاً أن الله على كل شيء قدير.