خرج علينا -مؤخَّرًا- أشخاص ٌلا يعرف أحدٌ مؤهَّلاتهم؛ ليقدِّموا فتاوى شيطانيَّة، تحرِّضُ على القتل، مستهدفين الشباب العربي والمسلم.. هؤلاء المحرِّضون قاموا باستغلال الإعلام المرئي، والمكتوب، والإنترنت، والمساجد للوصول إلى الشباب لينشروا سمومهم. علينا أن نعترف أنَّ هناك قصورًا واضحًا في مواجهة انتشار الأفكار المتطرِّفة والتكفيريَّة في المجتمعات العربيَّة، هذا القصور ندفع ثمنه يوميًّا في هجمات أصبحت مثل خبز الصباح على الموائد العربيَّة؛ حتَّى أنَّ البعضَ تبلَّد من أخبار العمليَّات الإرهابيَّة، وصار يتعامل معها كأخبار الطقس والرياضة. إنَّ وضع أكثر من خطة، والسير على أكثر من طريق لمواجهة ومحاربة المحرِّضين على الإرهاب، يساهم بشكلٍ جادٍّ في وقف نزيف الدماء على يد الإرهابيين.. فالإرهابيُّ الذي سيقتل نفسه كالحوت بسبب مرضه النفسيِّ، أو فقدانه البوصلة، لن يجد في هذه الحالة مَن يدفعه لقتل آخرين أبرياء باسم الدِّين. إنَّ بداية مكافحة الإرهاب تبدأ بإجراءات عالميَّة صارمة، لعلَّ أوَّلها إصدار قرار واضح من مجلس الأمن، والأمم المتحدة بغلق كافَّة الفضائيَّات التي تحرِّض على العنف في العالم؛ ليصبح القرار عالميًّا يشملُ كافَّة البلدان، وأن تضع المنظَّمات العالميَّة قيودًا صارمةً لمنع ظهور أيِّ شخص يحرِّض على الإرهاب في العالم، بل ومحاكمتهم أمام القضاء في دولهم. وبالتوازي مع غلق الفضائيَّات، فإنَّ هناك ضرورةً عالميَّة لقطع دابر التحريض على الإرهاب والعنف على مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ، والإنترنت، فبحسب أكثر من دراسة إقليميَّة وعالميَّة، فإنَّ أغلب الذين يتمُّ تجنيدهم لتنظيمات إرهابيَّة، يتعرَّفون على الفكر التكفيريِّ الشيطانيِّ عبر الإنترنت. ولعلَّ قرار شركات التكنولوجيا العملاقة «يوتيوب، وفيسبوك، وتويتر، ومايكروسوفت» في ديسمبر الماضي بتكثيف جهودها لإزالة المحتوى المتطرِّف عن مواقعها، عن طريق بناء قاعدة بيانات مشتركة، هي خطوة على هذا الطريق، ولكن الأهم أنْ يتمَّ التنفيذ بشكلٍ جديٍّ وحاسمٍ، ويأخذ خطوات أكثر وضوحًا في الفترة المقبلة. إنَّ المنع لا يكفي هنا لمواجهة المحرِّضين على الإرهاب، فمن الضروري أن يركز الجميع على طرح الصورة الصحيحة للإسلام، من خلال المؤسَّسات الإسلاميَّة الوسطيَّة، وهو ما يجب أن يتوافق مع تكثيف الجهود لإعادة تأهيل الدعاة في العالم العربي والإسلامي.