سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إغلاق المواقع المتشددة.. دعوة إلى كبح جماح الإرهابيين المسلماني: دعوة السيسي تاريخية وتضع العالم أمام مفترق طرق صفوت: الجماعات المتشددة لجأت إلى الإعلام الرقمي للترويج لأفكارها
أكد خبراء إعلاميون وسياسيون أهمية الدعوة التي أطلقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لإغلاق المواقع الإلكترونية التي يستخدمها الإرهابيون لتنفيذ عملياتهم والتحريض على القتل، مطالبين بضرورة أن "يضع المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي سيعقد في أميركا الشهر القادم هذه القضية على جدول أعماله. وأشار إعلاميون متخصصون إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت تقدم خدمة كبرى للمتطرفين، يتمكنون بواسطتها من تجنيد الأتباع، وإصدار الأوامر بالقتل، وإعدام الأسرى، لذلك لا بد للمجتمع الدولي من اتخاذ قرار حاسم بإيقاف تلك المواقع وتعطيلها، مؤكدين أن ذلك لا يندرج تحت محاربة حرية التعبير، لأنه يستهدف فئة معينة لا تؤمن سوى بلغة السلاح، والإرهاب، وفرض الرأي على المخالفين بالقوة. كما دعوا كل الجهات المختصة بمراقبة مواقع الإنترنت إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة مع كل من يدعو إلى اعتناق الأفكار الضالة، وعدم تمكينهم من تنفيذ مخططاتهم الآثمة، وطالبوا الأممالمتحدة بإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات رادعة على كل الدول التي تتساهل في هذا الأمر، وتسمح بوجود مواقع للإرهابيين. إرهاب عابر للقارات. وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، اللواء هشام الحلبي، "دعوة الرئيس السيسى لإغلاق المواقع الإرهابية خطوة مهمة لجعل الأممالمتحدة تقوم بدورها في حفظ الأمن في العالم أجمع، خاصة وأن الإرهاب المنتشر في العالم حاليا هو إرهاب عابر للقارات، فضلا عن أنه إرهاب عقائدي، وهو من أخطر أنواع الإرهاب ويدفع الإرهابيين إلى التضحية بحياتهم، في سبيل معتقداتهم، ولأجل أن يقتلوا الآخرين الذين يختلفون معهم في العقيدة، ويجب على الأممالمتحدة أن تولي اهتماما كبيرا لدعوة السيسي، وأن تضع إجراءات أمنية لتبادل المعلومات بين دول العالم عن الإرهابيين وتتبعهم، خاصة أن هناك دولا تحتضن الإرهابيين، إذ تعد وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر، وفيسبوك إعلاما غير تقليدي، وباتت من أخطر الأدوات التي لها جوانب كثيرة، ويمكن أن تكون منبرا لأي شخص، كي يبث أفكاره، ويخلق حالة من الجدل المجتمعي لا تهدأ، وذلك في ظل ما تتعرض له المنطقة العربية من مشروع تقسيم يعتمد على الجماعات الإرهابية". ومضى الحلبي قائلا "في العراق على سبيل المثال، تنتشر تنظيمات إرهابية مثل تنظيم الدولة "داعش"، إضافة إلى الفصائل الشيعية التي تمولها جهات خارجية، وهذه الجماعات الإرهابية ستنقلب على من يمولها مستقبلا مثلما انقلب تنظيم القاعدة على أميركا"، وأضاف "إغلاق المواقع الإرهابية خطوة على طريق الحل، ولكنه ليس كل الحل للتصدي للأفكار الإرهابية المسمومة، لأن أصحاب هذه المواقع لديهم مهارة شديدة في تطويعها وجذب الشباب، ولكن رفع الوعي يبقى هو الأساس، كما أن إيجاد مواقع وصفحات مضادة للفكر الإرهابي يمكن أن يكون إحدى الوسائل الناجعة لنشر مفاهيم وأفكار الإسلام الوسطي، في مواجهة أفكار الإرهاب والتطرف، التي تسيء إلى الإسلام بصورة كبيرة". خطوة تاريخية من جانبه، قال وزير الإعلام الأسبق، الدكتور أحمد كمال أبو المجد، "مصر تنفرد دائما بعلاج مشكلة الإرهاب، وهناك ضرورة لمواجهة الإرهاب عالميا، وهو ما طلبه السيسى بتكاتف العالم لمواجهة الإرهاب وإغلاق المواقع المتطرفة في جميع دول العالم، مما يتطلب وجود حملة متكاملة من العالم، تؤكد عدم قبولها للإرهاب في أي دولة من الدول، وتفرق بين المعارضة والتخريب، وأن يكون التصدي للمواقع التكفيرية خطوة عالمية، تتبناها الدول الكبرى في اجتماعها الشهر القادم في الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب". بدوره، أشاد المستشار الإعلامي السابق لرئيس الجمهورية، أحمد المسلماني، بمطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي بإغلاق المواقع الإرهابية على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، مضيفا في تصريحات صحفية "هذه خطوة تاريخية، ومبادرة عظيمة تضع العالم أجمع أمام مفترق طرق، وعلى العالم أن يمضي في صناعة مستقبل حضاري، وإلا فإن البديل هو الاستمرار في العبث بمقدرات الشعوب العربية والإسلامية، ودفع المسلمين إلى حرب أهلية، خاصة وأن هذه المواقع الإرهابية مسؤولة بنسبة 90% عن تفشي ثقافة الإرهاب في العالم، والولاياتالمتحدة الآن أمام تحد كبير، وعليها إما أن تقف إلى جوار الإرهاب، أو تقضي عليه بغلق تلك المواقع لبناء عالم متسامح". استغلال التكنولوجيا في السياق ذاته، قال إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، الشيخ مظهر شاهين "يجب على الأممالمتحدة أن تتعامل بفاعلية مع دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للقضاء على المواقع الإرهابية، خاصة وأنها تنشر الفكر الإرهابي على الإنترنت، وتحرض على العنف والإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي". أما رئيس حزب مصر الحديثة، الدكتور نبيل دعبس، فيقول "قيام الأممالمتحدة بإغلاق هذه المواقع سيحقق لها نجاحات في المواجهات العسكرية والأمنية، والمواقع الإرهابية تشكل ظهيرا مساندا وقويا للتنظيمات الإرهابية، وإغلاق هذه المواقع أمر هام وضروري، بعد أن تحولت إلى منصات إرهابية لقتل المواطنين، ويجب أن تفرض الأممالمتحدة عقوبات على الدول التي تدعم هذه المواقع أو تحتضن المسؤولين عنها على أراضيها، حيث استغلت التنظيمات الإرهابية التطور العلمي الحاصل، والتكنولوجيا الحديثة للاتصالات من أجل التخطيط لتنفيذ العمليات الإرهابية، بالاعتماد على قدرات وسائل التواصل الاجتماعي، واستهوت المواقع التابعة للتنظيمات الإرهابية كثيرا من الشباب، بزعم الحث على الجهاد الزائف، خاصة وأن الوجود الإرهابي على الشبكة العنكبوتية متفرق ومتنوع ومراوغ بصورة كبيرة، فإذا ظهر موقع إرهابي اليوم، فسرعان ما يغير نمطه الإلكتروني، ثم يختفي ليظهر مرة أخرى بشكل جديد وعنوان إلكتروني آخر بعد فترة قصيرة، فضلا عن أن المواقع الإلكترونية للجماعات الإرهابية لا تخاطب أعوانها وجماعات الدعم والإسناد فقط، بل توجه رسالاتها أيضا إلى الإعلام والجمهور الخاص بالمجتمعات التي تقوم فيها بعملياتها الإرهابية، مستغلة في ذلك ما تقوم به وسائل الإعلام من نقل الأخبار عن المواقع الإلكترونية المحسوبة على التنظيمات الإرهابية، فضلا عن اهتمام وسائل الإعلام بنقل الخطابات والتسجيلات الصوتية والمرئية التي تبثها تلك المواقع لقادة التنظيمات الإرهابية دون النظر إلى تداعيات ذلك على تهديد السلم العالمي". أفكار هدامة وعلى نفس السياق، يشير الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور صفوت العالم، إلى أن دعوة السيسي ترتكز على مواجهة السلاح الإعلامي، الذي تستخدمه هذه الجماعات الإرهابية عديمة الشرعية، كبديل عن وسائل الإعلام الأخرى مثل القنوات الفضائية والصحف والإذاعات، إذ تتخذ الجماعات المتطرفة من هذه المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي منبرا لها تتواصل خلاله، وتروج وتدعو لأفكارها الهدامة، ولا بد من تكاتف دول العالم أجمع لمواجهة خطر الإرهاب، وما يقدمه من أشكال إعلامية، ويجب التنسيق والتعاون بين مختلف دول العالم مع المنظمات العالمية المعنية بهذا الشأن". ويؤكد مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لشؤون أمن المعلومات، الدكتور شريف هاشم، أن حجب المواقع الإلكترونية الإرهابية يتطلب في الأساس أن يكون لدينا تعريف لطبيعة هذا المصطلح، مضيفا أن "هذا التعريف يجب أن تضعه الجهات المسؤولة عن ذلك سواء الجهات الأمنية أو المسؤولين بوزارة العدل". تجفيف منابع الإرهاب ويقول رئيس المنظمة العربية لحرية الإنترنت، الدكتور ناصر فؤاد، إن تتبع المواقع الإرهابية عملية ممكنة إلى حد كبير، ويستدرك قائلا "من غير الممكن إغلاقها بنسبه 100%، وذلك بسبب تنوع الأساليب التي يمكن استخدامها للتحايل على قرارات الإغلاق، ومن السهل على الجهات الداعمة لتلك المواقع الإرهابية إنشاء مواقع إلكترونية جديدة واستخدامها في نشر أفكارها، مما يوجد موقفا أشبه بمطاردة غير نهائية مع تلك الجهات، ويصل بصعوبة عملية الإغلاق إلى الذروة، لكن وجود تقنيات تتيح تتبع المستخدمين في حاله استخدامهم لتقنيات كسر الحجب للوصول إلى المواقع المحظورة، إلا أن عمليات التتبع تلك تزيد من الحمل المادي والتقني على السلطات المنفذة للحجب، وتعد عمليه استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة من أكثر تقنيات كسر الحجب عن المواقع المحظورة شيوعا، إلا أنها لا تعفي مستخدميها من المسؤولية القانونية عند الوصول إلى محتوى مخالف للقانون". أما الكاتب الصحفي مصطفى بكري، فيقول في تصريحات إلى "الوطن" "إغلاق هذه المواقع يجفف منابع الإرهاب، وأتمنى أن يستمع العالم إلى صوت الرئيس السيسي، لأن إغلاق هذه المواقع يساعد على تجفيف منابع الإرهاب، ويضع حدا لفتاوى التكفيريين التي تحرض على القتل والتكفير، وأن تكون هناك جدية لوضع هذا الاقتراح موضع التنفيذ، وأتمنى أن يضع المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي سيعقد في الولاياتالمتحدة الشهر القادم هذه القضية على جدول أعماله". تشريعات قانونية وقال خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، المهندس سيد إسماعيل، "إمكانية إغلاق المواقع الإرهابية متاحة، إذ إن المتحكم في ذلك هو الجهة التي استضافت هذه المواقع، ولكل بلد قوانينها الخاصة، ويتطلب حجب هذه المواقع بها إصدار تشريع خاص بذلك، وكل الشركات الموجودة في البلاد المراد منع هذه المواقع فيها ستخضع للقرار إذا صدر تشريع بذلك، بشرط أن تصنف هذه المواقع على أنها إرهابية، وأغلب مواقع التواصل الاجتماعي تبث من الولاياتالمتحدة الأميركية، وإذا لم يوجد قي القانون الأميركي ما يسمح بمنعها، يجب أن يصدر تشريعا من الكونجرس الأميركي بعد طلب من الحكومة الأميركية بحجبها، وعلى الأممالمتحدة أن تلزم كل بلد بمنع هذه المواقع بها فقط". وبدوره، يؤكد القيادي بجبهة الإنقاذ، مجدي حمدان أن الدعوة إلى إغلاق المواقع التي تعمل خلالها التنظيمات الإرهابية يجب أن تتبعها خطوات عدة بشكل متكامل، منها اجتماع موسع يجمع كل وزراء الداخلية في الدول المعنية، لوضع استراتيجية مشتركة لتلقي المعلومات والتحرك السريع، وأن يعمل التحالف الدولي الذي يهاجم "داعش" الآن على الأرض وإنزال جنوده للحرب على الأرض حتى يحقق نجاحات تذكر، وفى حالة وجود تعاون مشترك بين مصر والتحالف الدولي، فإن الأمور ستستمر ولن تهدأ". الجهد الشعبي وقال القيادي السابق بجماعة الإخوان، مختار نوح، إن إغلاق المواقع التابعة للجماعات الإرهابية سيسهم في الحد من انتشار تلك الجماعات، وسيؤثر عليها بالسلب إلى درجة كبيرة، ومواجهة الإرهاب تتطلب أيضا حركة شعبية تنتشر في كل دولة من دول العالم، تتصدى للأفكار التكفيرية، إلى جانب غلق المواقع التابعة لتلك الجماعات، التي ترعاها بعض دول العالم التي تستثمر في انتشار الإرهاب، التي ستجد نفسها مضطرة إلى مواجهته". وباللهجة ذاتها يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، الدكتور كمال حبيب "مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي أهم مصادر جذب الشباب للجماعات الإرهابية والانغماس فيها، من خلال مفاهيم دينية مشوهة، وغلق المواقع المحرضة على الإرهاب والعنف سيمثل تحديا كبيرا للجماعات الإرهابية، ومن المهم أن تتمتع دعوة السيسي لغلق المواقع الإرهابية بتوافق عالمي وتحديد الآليات، وأن تكون الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي عنصرين فاعلين في تلك المواجهة، حتى لا يصور الأمر على أنه حجب لحرية الرأي والتعبير، ولا بد أيضا من تحديد تلك المواقع وتتبعها وفرزها لتحديد الجهات القائمة عليها والتأكد من أنها تابعة لجهات إرهابية لإغلاقها تماما".