من الرياضة ما قتل» يمكن أن تكون المقولة لها وقعُ سيئ على النفس والأذن ولكنها أصبحت حقيقة متمثلة بالتعصب الرياضي الذي لاقيناه بالآونة الأخيرة يتخذ حيزاً عظيماً في نفوس الشباب العربي تجاه الألعاب الرياضية المختلفة كافة وكرة القدم خاصةً، وبعدما تحول حب الرياضة الى حد التعصب أصبح كل حدث رياضي منتظر يتبعه أحداث من الشغب والكوارث والمشاجرات بين طرفي المشجعين أياً كانت اللعبة . فقد أصبح المشجعون اليوم يتخذون مسالك العنف طريقاً لهم في الرد على الهزيمة أو للدفاع عن النادي الذين ينتمون إليه وخلق فرق خاصة بالنادي أو اللعبة أو حتى اللاعب الذي يتعصبون له كفرق « الألتراس» ..الخ، وتدنت لغة الحوار بين المتعصبين إلى حد السباب والتطاول الجسدي وربما إلى القتل، ولا يخفى على الكثيرين وقوع العديد من المجازر والكوارث بسبب التعصب الأعمى . ومن أبرز الأحداث العالمية الناتجة عن التعصب الكروي ما حدث بثمانينيات القرن الماضي في انجلترا والتي راح ضحيتها بالإستاد عشرات القتلى، وما حدث بمصر من مذبحة راح ضحيتها أكثر من سبعين شخصاً بإستاد محافظة بورسعيد، تلك الآفة التي أصابت الأجيال الجديدة وبعثت فيهم روح العنف واللجوء إلى السلوك العدواني في التعبير عن الغضب والتعصب، حتى باتت الرياضة أمراً مكروهاً لدى البعض خشية الوصول إلى المصير المحتوم في نهاية الحدث الرياضي مما قد يؤدي في نهاية الأمر إلى توقف أنشطة رياضية متعددة لفتراتٍ طويلة . ولم تتوقف أيادي العنف إثر التعصب الرياضي حتى طالت كل متابعي الألعاب الرياضية ولو على سبيل المشاهدة فقط، وبالتالي ازدادت الكارثة تفاقماً بتوارثها للأجيال الناشئة عوضاً عن ترغيبهم بالرياضة والسعي في تحقيق البطولات والتميز بها، أصبح البعض يرهب من ممارستها خشية من التعصب وعواقبه الوخيمة، لذا وجب على الدول أن تضع قوانين صارمة تحكم أية أعمال عنف ناشئة عن التعصب الأعمى وتقنين أعمال التشجيع التي يقوم بها المشجعون المتعصبون وعدم إعطائهم الفرص لإثارة المتاعب . كما يلزم على الآباء والمعلمين بالمدارس القيام بدور توعية النشء الجديد وتعليمه حب الرياضة والبعد عن التعصب الأعمى مع ذكر عواقبه، وإعطائهم النصائح والإرشادات اللازمة كي يستطيعوا ضبط انفعالاتهم، كما يلزم تنشئتهم على أسس دينية سليمة بتذكيرهم دائماً بالأخلاق الحميدة واحترام الآخر وتنمية الروح الرياضية لديهم بتقبل الهزيمة بدافع العمل الدءوب وتعلم روح المثابرة والصبر والتحمل كي نقضي على تلك الظاهرة المتفشية بمجتمعاتنا العربية وننتج أجيالاً خالية من آفة التعصب .