في البدء كان حضور صالات الفنون التشكيلية نوعا خاصا 7في داخلي، وحين تجولي بين اللوحات التي تحمل العديد من المعاني الرائعة استوقفتني تلك اللوحة في زاوية بيضاء قرب عبق الامل والأريج الرائع فنظرت اليها وحدقت بها كثيرا متعجبة وقلت: انها أنا,, انها تصور مصيري وحياتي التي مررت بها، هذا هو زوجي تغمده الله برحمته هنا في هذه المقبرة,. آه من هذه اللوحة انها كالمرآة انظر لنفسي بها، فلما بدت دموعي تهطل ولساني ينطق بكلمات لزوجي المتوفى رحمة الله عليه قلت وأنا أضم دموعي بيدي اليك انثر الدموع على قبرك الطاهر لعلي اختنق بنسمات ريحه الطاهرة,, اليك أبعثر الحزن في جوانب الدنيا لعلها تحنو علي فتبدد أعمق الألم,, اليك أبث حسراتي وأنيني عبر موجات القدر لتلقيها عبر الثرى الذي يحتضنك,, ليتني ذاك الثرى الذي التحف به قبرك ليتني تلك السحابة التي أحاطت بسماء دنياك الأبدية,, لكن من المستحيل ان أكون مزيجا من هذا وذاك انني فقط قطعة من هذه الدنيا في احدى زواياها فأصبحت وكأنها لوحة صماء لا تستطيع النطق ولا حتى الوضوح غشاها الحزن بجلابيبه فبدت خفية اصبحت مزيجا من الخوف والرهبة والحزن والآهات المريرة، أصبحت حطاما في هذه الدنيا كيف لا وقد تسلل الموت ليسرق أعمق الكنوز وأطيبها في نفسي. جبروت أنت أيها الموت، تحول السعادة الى بركان رهيب يتفجر بالألم والدموع وينابيع ساخنة تشحن معها مآسي هذه الدنيا لتحطم القلوب ولتزرع بدل الورود غابة كثيفة من الشوك تؤذي من يقترب منها. رهيب أيها الموت عندما تسرق الضياء لتطفئ شعاعه ولتحجم ذلك النور الذي أسعد الملايين من البشر فتحولهم الى حطام يتخبطون في دنياهم المظلمة أيها الموت فتحت لنا أبوابا متنوعة من الحزن كل يوم نبكي عند واحد منها لتشهد دموعنا على جبروتك الطاغي. رهيب انت أيها الموت، لقد سرقت البسمة من شفاه الأطفال لتحول بذرة السعادة الى الذبول المتناهي الى الموت, وسرقت جمال الأنثى لترميه بين آهات الحزن المرير تحولها الى شبح يتراقص بين ظلامه المخيف,, كم نزفت العيون دمعاتها عليكم أيها الأموات وكم ذاقت النفوس ويلات الحزن وانتم نائمون غافلون في قبوركم أتراكم أيها الموتى تشعرون بربيع الحياة يتحول فجأة الى خريف تتساقط وريقاته يوما بعد يوم؟,, أم تراكم تسمعون الأنين بين زفراته عبر نسمات الحياة التي تلوثت بآهات الحزن,,؟ وها نحن الاحياء نتلظى لفراقكم ونتعذب لبعدكم نموت ألف مرة ومرة كلما نتذكر الأيام التي عشناها معكم. الحياة بدونكم صحراء بطبيعتها الموحلة القاحلة لا تستحق ان يعيش فيها احد لربما يطول الانتظار او يقصر فهذه مشيئة الله وهذه ارادته فرضها سبحانه ولا راد لقضائه,, وحينما أصبحت أردد الله يرحمك يا زوجي شعرت ان صوتي بدا يرتفع واذا بابنتي تشدني وتقول امي أين دار عقلك فقلت لها دعينا نذهب ورحلنا من صالة الفنون التشكيلية وأنا أدعو لزوجي المتوفى بالرحمة والجنة ان شاء الله. نورة إبراهيم الحمدان