فلن يكون الكلام فيه إلا لكِ,,. هذه جيوش الحروف تتسابق,,. وأحسب أنَّ الكلامَ يتململ من الصَّبر,,,، وما عرفتُ أكثرَ صبراً منكِ في مداخل الابتداء أو الانتهاء,,. علَّمتِني كيف يكون البَدء، وكيف يُنتقى الفعل,,, وكيف يكون الأداء,,,، ورسمتِ ألف معبر دون أن ينتهي أيُّ شيء,,, وقلتِ: عندما يكون العزم تبدأ خطوة البَدء، ويتواصل العطاء,,. هذه الحياة بزخمها,,, وبكلِّ ضجيجها,,,، وبكلِّ محتواها، حلقات تستمر في مكوكيتِها، تُفرز في الثانية بعمر الثانية ما يُعمِّر الثانيةَ فيها,,,، وذرات الشمس تتسرب إلى منافذ كلِّ شيء,,, والمخبوء النديِّ يستوي قوياً في وهج النور,,. أعرفكِ جيداً فأنتِ سيدة البقاء,,. ترفضين الانتهاء,,, والنهايات عندكِ ابتداء,,. وأعرفكِ جيداً لا تخلطين بين الخطوات,,,، وتضعين إبهام قدميكِ حيث يكون الدرب إلى حيث ترسمين,,. وأعرفكِ وقد زخرفتِ خارطتَكِ بمسامِّ كلِّ جزءٍ فيكِ,,, حتى استوى كلُّ ما فيكِ دليلاً,,, تهتدين به إلى مواقع القادم,,, وتَهدين,,. للَّه ما أروعكِ,,, وأنتِ تقفزين من محطةٍ لأخرى,,,حتى إذا ما عَبَرتِ تركتِ بصماتَكِ,,, معالمَ لكلِّ الذي تفعلين,,. سأحدثكِ عما كان لي معكِ عندما جئتُ لمحطةٍ من محطاتكِ ولم تَكُني هناك جسداً,,,: كلُّ ذرةِ ترابٍ، ونسمةِ هواءٍ، وبناءٍ يقوم، وشجرةٍ تنهض,,,، وماءٍ يجري,,,، وضوءٍ يشعُّ,,, كان لكِ فيه أثر,,. توهَّجَتِ الذرةُ ببقاياكِ، حتى حسبتُ أنَّ منثورَ التراب هو جزءٌ من هذه البقايا,,. ونسمةُ الهواء في نداها كانت بصمةً لنداكِ ورقتكِ,,. أما البناء فقد انعكست عليه إشعاعات بصركِ فأوقدَت فيه الجمالَ وزيَّنَت فيه البهاءَ,,. والشجرةُ اكتست رواءً واخضراراً بكِ,,,، وجاء الماءُ نهرياً يسري في هدوء وشموخ مثل هدوئكِ وشموخكِ,,. هكذا أنتِ,,. وبكِ مررتُ بكلِّ درب تمرين فيه، وقصدتُ كلَّ طريق تعبرين منه، ووقفتُ هناك حيث تكونين كي أرى الحياة من خلالكِ,,, لأنكِ بكلِّ الحق الحياةُ كلُّها,,, حين أتخيل أنني أتحدث إليكِ وأنتِ خارج ذاتي أشعر بفراغٍ خاطفٍ فأفزع إليكِ فلا أجدكِ إلا أنا,,. تُرى أكون بالغة الغرور عندما أقول إنني الحياة، لأن الحياة أنتِ؟! وحين أكونكِ وإني كذلك,,. فإنني أمنح الحياةَ الحياةَ,,. هكذا أنتِ ثرية,,, ولأنكِ كذلك فإني كذلك,,. وهم يسألونني من أين تنهلين؟,,, وأيُّ معين فيكِ لا ينضب؟ ولعلهم بكِ يدركون هذا المعين,,, ويعلمون اتجاه المنهل,,. أدري أنكِ تطلبين إليَّ أن أمنحهم,,, وسوف يكون,,,، وأعرف ما الذي تلحين عليَّ أن أمنحهم,,, وسوف أفعل,,,، وأدركُ يقيناً أن لحظة العطاء هي لحظة الصعود,,. وأن الذي يعطي لا ينضب,,. وأن الذي يصعد بالعطاء يتسيد كلَّ شيء,,. وأنتِ,,, تتسيَّدين,,. بوارق المزون تهلُّ,,, وأدركُ صدقاً أن الأرض المجدبة ترتهج عند بروق مزونكِ,,. وهناك اللامدى الذي صنعتِ خطوطَه,,. في اللامدى الذي بنيتِ غرفَه وحجراته,,. عند اللامدى الذي كوَّنتِهِ بشيء من عجين حبكِ,,, وماء طيبكِ,,, هذا العالم الزخرفي الأخضر,,, تتناثر بذور شجراته، وتتقاطر شلالاته كي تروي كلَّ شيء,,, وتأتي الحياةُ بكِ بكلِّ جميلٍ,,, بهيٍ,,, سعيدٍ,,, لا حزن فيه إلاَّ أن لا يكون إليه كلُّ الآخرين,,. أنتِ تحرصين على التطهير,,. والآخرون ليسوا جميعهم يتمتعون ببصيرة يقظة,,, فمنهم من يخرج ببصيرته المعتمة عن عالمكِ النوراني,,,، ولا مداكِ النقي,,. وسوف يأتي,,. لأنَّك دائمة الثراء,,, معطاءة والعابرون لاحقون,,. أما أنا,,, فإني بكِ,,, وإني إليكِ,,. وتتوحَّد خطوط اللامدى,,, عند مشارف الالتقاء,,. فكوني قريرة,,. ذلك لأنكِ لن تنتهي,,. إلَّا إليَّ,,, لنبدأ البدء في لحظة الالتحام,,.