أنطلق اليكِ مع همهمات التراتيل,,, تأتي من جوف صومعة الخلود إلى الذات,,,، وأنا ,,, أجيئك بشوق يحمل ثقل التراتيل، بحجم مدى المدى الذي تكون فيه,,. وأنتِ,,, تعلمين أنه مدى لا حدود له،,,, ولا تحصيه الآماد الأرضية ولا ما فوقها,,,، ولا ما تحتها,,,، فهلّا سألت أجنحة الطيوف التي تقلُّ إليكِ هذا الشوق عن مداه وحجمه؟!,,. أم أنكِ سوف تعترفين بأنكِ تعيشين مثله؟! وأن شيئاً ما لا يفصل بين شوقينا؟!,,. هاتي يراعكِ وانكفئي وسجِّلي,,. هذه الحروف عصية,,,، والمداد في الدَّواةِ يتناقص,,. وأذكر أن من يمدُّ هذه الدَّواة، إشعاعُك الذي ينفذُ إلى كلِّ الاتجاهات,,. وأنتِ لم تغادري,,. وأنتِ لا تنطفئ لكِ شعلة,,. وهذه الدَّاوة اللحظة قد امتلأت,,, وفاضت,,. وأجنحة الطيوف تزخرفت بحديث التراتيل,,,، حملت لكِ شيئاً من صومعة الخلود إليكِ واتجهت حيث أنتِ,,,، وأنتِ هنا,, وأنتِ هناك,,, فتخيلي كيف هو الطريق,,,؟ وكيف هي المسافات,,,؟ وكيف هي المواقع,,,؟!,,. لقد حملت فسائل النخيل,,. وشيئاً من خضرة السنديان,,. ولملمت أنغامكِ,,. وذهبت مع أجنحة الطيوف,,, أزرع في المدى لكِ الطريق نخلاً، وأوشِّية بخضرة السنديان,,,، وأرسل أنغامكِ كي تكون فحوى الشوق، ولون التوحّد بكِ,,. ولقد جاءني منكِ حديث العصفور الذي بلَّله الندى,,. تلك اللحظة وأنتِ تخاطبين الحلم,,, أرسلت عينكِ للندى قطرته,,,، فامتزجت بحسن النسيم الذي جاء برائحة نقائكِ,,. فيمّمتُ أخبر كل الحول الذي حولي بما هو منكِ,,. كي تظلي,,, وكي لا أحزن,,. وحيث تكوَّرت الأرض من حولي في دائرةٍ مُفرغةً من كلِّ شيء إلا أنتِ,,. واكبتني مطارق التراتيل ترسل دفء الكلام خيوطا تنسج الطريق بين المسافة والأخرى حتى رأيت إبهام قدمكِ اليمنى,,, يراعاً ينقش للطريق خارطته، بينما استوت هامتكِ مصباحاً ينير في الدروب مفازاتها وثقوبها,,, وكهوفها,,. ذهبت عني الوحشة,,. كلما التقطت من نخل الطريق ثماره,,. كلما أحسست أن المسافات للنماء تزداد,,. وأن الطريق قصير,,, وأننا معاً ,,, معاً,,. هذا صوتكِ,,. وتلك يداكِ,,. وأنتِ ترسلين للعصفور همَّة العبور، وتربتين على جناحيه كي لا يستعر,,. أبحرت معه المراكب، والقوافل، وكل الصابرين,,. وجئتُ إليكِ أحدثكِ عنكِ، فاستمعتِ إلى ما هو عني,,. لم أنس لحظةً واحدةً أنكِ هنا,,. ولم أفكر لحظةً واحدةً أنكِ هناك,,. أنتِ وحدكِ من يدري سرَّ المكوث هنا، والبقاء هناك,,. وأنتِ وحدكِ من يعرف سرَّ التلاحم في صومعة الخلود إلى الذات,,. لأنَّكِ أنتِ الذات,,, والمرساةِ,,. ولأنَّكِ أنتِ القافلة والمحطة,,. ولأنَّكِ أنتِ الدَّفة والموجة,,. ولأنكِ أنتِ الحادي والحِداء,,. يا سيدتي: أخبريني متى أفتح البوابة كي أستقيم في الملأ وحدي بكِ؟ ووحدكِ بي؟ وهلّا جاءت مراكبكِ كي أضم إليكِ من المداد ما جاء منكِ فكانت تراتيل الشوق؟,,, والطمأنينة,,,؟ ,,, وكل الذي هو منكِ؟,,. يا سيدتي: لا أزال أقف في وجه الشتاء,,. لم أقتطف قطنه الثلجي,, لم أنثره بعد حيث تريدين، لم أحدث عنه جناح الطيف، لم أذكره بعد للمجاديف,,,، لم أمزج شيئاً منه مع موج المدِّ، ولا موج الجزر، لم أفعل,,. ذلك لأنني انتظر خارطة الطريق منكِ,,. ومواقع الشتاء,,. وأنتِ بدفئكِ تذوبين الثلج,,, وتجرين النهر,,, وتموسقين الخطوات,,. وإني في هذا المكان أعدُّ لكِ البوصلة واليراع,,. وأفرض لكِ المدى كي نكتب فيه ونكتب,,. ونرسل للطيوف أجنحتها,, أوراقاً ما بارحت حروف الضاد، ولا خلت من وميض الكلام,,,، ولا فرغت من صدى التراتيل,,, تسجل لها الخطوة والخطوة من النقطة، للكلمة، للجملة,,, للبناء الشامخ الذي إليه تستكين,,. إنِّي وإنَّكِ في هنا,,, وفي هناك,,. معاً,,, والمدى يستكنه وحدة الطيوف. فأرسلي للندى قطراته كي يحتسي اليراع,,, ما يشحذ جناحيه للعبور.