اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    موقف توني من مواجهة الأهلي والعين    باص الحِرفي" في جازان: احتفالية فنية تعزز التراث وتلهم الأجيال    أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة في الرياض    «هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    "يلو 11".. ديربي حائل وقمم منتظرة    في أقوى صراع الحريق يشعل منافسات براعم التايكوندو    المعرض المروري يستعرض أبرز مسببات الحوادث بالمدينة    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    بوريل: الاتحاد الأوروبي ملزم باعتقال نتنياهو وغالانت    "تعليم الرياض" يحتفي باليوم العالمي للطفل    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    "الصندوق العقاري": إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر نوفمبر    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    رصد أول إصابة بجدري الماء في اليمن    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    القِبلة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    المدى السعودي بلا مدى    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرحّالة وقعوا في أخطاء يجب التصدي لها
تعقيب على د, محمد آل زلفة
نشر في الجزيرة يوم 20 - 08 - 2000


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لقد اطلعت على المقالات الشيقة التي صدرت في صحيفتكم الغراء الأعداد التالية (10156) و (10158) و (10162) و (10165) و (10172) و (10179) والمعنونة ب (الطائف في كتب الرحالة الأوروبيين) بقلم الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفة وفقه الله.
فبالرغم مما قدمه هؤلاء الرحالة في مؤلفاتهم من معلومات تاريخية واجتماعية هامة إلا أن الأمر لا يخلو من بعض الأخطاء التي وقعوا فيها فالكمال لله وحده سبحانه حيث يشفع لهم في ذلك جهلهم باللغة العربية وعدم تمكنهم منها، ثم اعتمادهم في استقاء معلوماتهم على مرافقيهم من البسطاء والعوام وهؤلاء قد لا ينتمون إلى المنطقة المراد الكتابة عنها، وهذا مما يضاعف الأخطاء لديهم, وهنا نورد مثالاً على ما وقع فيه الرحالة التركي المسلم أولياء جلبي في مؤلفه الرحلة الحجازية عند وصفه وذكره لأبواب المسجد الحرام، فقد جعل للمسجد بابا لليهود أخذ في الاستطراد في الشرح والتعليل وبأنهم كانوا في الجاهلية ثم أسلموا ,, الخ.
وفي حقيقة الأمر أن الباب يسمى باب الفهود بالفاء وليس بالياء نسبة إلى آل ابن فهد الأسرة العلمية المكية الشهيرة حيث بجوار هذا الباب كانت دارهم العامرة التي بها مكتبتهم الضخمة قبلة العلم والعلماء آنذاك (1) .
وهناك نرى أن حرفا واحداً من حروف اللغة العربية غير المعنى بل الديانة من ملة إلى أخرى.
وللأسف الشديد ليس للمترجم أي تعليق في الهامش حول هذا القول، كما ان هذه الرحلة كثيرة الأخطاء ومن هنا أوجه النداء إلى أبناء المملكة من الأكاديميين المتخصصين للتصدي لهذه الرحلة وأمثالها من رحلات لتتضح الرؤيا امام المطلعين من القراء، وفيما يلي سوف يقتصر حديثنا على الأخطاء التي جاءت لدى هؤلاء الرحالة فيما يختص بالطائف لإيضاح المبهم والمجهول لكي تعم الفائدة فنقول:
أولا: ما جاء لدى جون لويس بوركهات حول الطائف:
1 قوله (تقع مدينة الطائف في وسط سهل رملي ,, وتحيط بها جبال منخفضة تسمى جبل غزوان وهي متصلة بسلسلة الجبال الكبيرة,, ناحية الشرق ثم تنتهي في السهل,, ويحيط بها سور وخندق بناها عثمان المضايفي, وللسور ثلاثة ابواب ويحميه عدد من الأبراج,, وفي غرب الطائف تقع القلعة على مكان صخري مرتفع وتشكل جزءا من السور وقد بناها الشريف غالب الخ)
*نقول إن الطائف في هذه الفترة تقع فوق هضبة وجاء اسمها في بعض المصادر والوثائق المحلية بمسمى قرية الهضبة، فمن سكن في علو الهضبة يطلق عليهم اسم أهل علو قرية الهضبة وسكناهم من جهة جنوب وغرب السور, ومن سكن اسفل الهضبة يطلق عليهم اسم أهل أسفل قرية الهضبة وسكناهم من جهة شمال وشرق السور, ومن سكن في وسط القرية يطلق عليهم اسم أهل وسط ثم تغير المسمى بدل قرية إلى محلة أو حي فوق، ومحل وسط التابعة لمحلة فوق ومحلة أو حي أسفل، وآخر ما استحدث داخل السور محلة أو حي السليمانية وسكناهم في الجنوب الشرقي لقرية الهضبة, أما قرية الهضبة نفسها فقد عمرت بعد القرن العاشر الهجري تقريباً على ما ذكره العجمي في إهداء اللطائف من أخبار الطائف ص88, وبُني السور والخندق من قبل الشريف غالب سنة 1214ه على ما قاله إبراهيم رفعت في مرآة الحرمين ج1 ص346 وليس عثمان المضايفي كما جاء لدى بوركهات.
وجعل للسور ثلاث أبواب هي: باب حوايا لأنه يفتح جهة بساتين حوايا ثم اشتهر باسم باب ابن عباس لملاصقته للمسجد العباسي ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية، وباب الحزم أو شبرا ويقع في الجانب الشمالي الشرقي للسور، وباب الريع ومحله في الجهة الغربية للسور, ثم استحدث الملك عبدالعزيز رحمه الله باب جديد في منتصف السور الشرقي تقريباً، وباب العزيزية في الجهة الشمالية الغربية للسور بجوار القشلة وكان يطل على دار إسماعيل الشهيرة الكائنة خارج السور بحي العزيزية التي كانت مقراً لشرطة الطائف فيما مضى.
أما القلعة فقد بنيت على قمة هضبة جبل ابن منديل في الجهة الغربية للطائف ملاصقة لمبنى القشلة من الجهة الجنوبية الشرقية، والذي شيدها هو الأمير السعودي على الطائف عثمان المضايفي العدواني في الدور السعودي الأول، وقام بتجديد بناء السور والقلعة والي مصر محمد علي باشا عام 1834م،وكان يشغل هذه القلعة في عهدنا السعودي الزاهر البوليس الحربي الشرطة العسكرية إلى عهد قريب قبل إزالتها ويوجد لها صورة فتوغرافية في بعض المؤلفات المحلية.
2 ذكر بوركهات حول مباني الطائف بقوله: (تقع غرفة الاستقبال في الدور العلوي ولم أر غرفة استقبال في الطابق الأرضي كما هو المعتاد في تركيا, وشوارع الطائف أفسح من معظم شوارع مدن الشرق, وليس فيها ميدان عام سوى ذلك الذي يقع امام القلعة ويقوم به سوق للمدينة)
* نقول الصحيح بان غرف الاستقبال في الغالب تكون في الدور الأرضي ويطلق عليها اسم الديوان وبجوارها المقعد، ومدخل الديوان يكون على شكل عقد مدبب كبير يطل على فسحة يزرع فيها بعض أنواع الورود والرياحين، أما الأدوار العليا فتكون للمحرم.
وفيما يتعلق بالميادين في داخل المدينة فكثيرة ومعلومة في تلك الفترة تقام فيها الأسواق المحلية والمناسبات كالأعياد والأعراس وهي متنفس سكان الحي ويطلق عليها باللهجة المحلية اسم برحة وجمعها براح، وتأخذ اسمها من خلال أسماء الأسر ذات المباني الكبيرة المطلة عليها أو الأسواق التي تقام فيها، منها بمحلة فوق برحة نزيل الصائغ التي سميت فيما بعد ببرحة ابن مسمار الطويرقي لأن داره تطل عليها وبها كان يقام حراج الأغنام والمعلفة وتأجير عربات الكرو للركاب من السكان والمصطافين للتنزه في ضواحي الطائف وبساتينه، كما تقام بها الألعاب الشعبية والمراجيح والحفلات في المناسبات، وهناك برحة ابن منديل الخادم بجوار دارهم وبرحة جنيدة بجوار دارهم، وبرحة رزيق بجوار دارهم، وبرحة المعلفة التي سميت بعد ذلك بحلقة الخضار ثم الحراج القديم وتقع شرق دار ابن فطيس القرشي، وبرحة ابن عباس بجوار مسجد حبر الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، وبرحة الزرقي نسبة للزراقية بين محلتي السليمانية وأسفل وبشرقها باب جديد في السور الشرقي للمدينة، بالسليمانية برحة الحمام حيث بها الحمام التركي العام ذو القبة ذات الطراز العثماني وبانيه محتسب الطائف أحمد خيره، هذا بالإضافة إلى البراح الأخرى والأسواق كالسوق الذي ذكره بوركهات سوق باب الريع وسوق الخميس بزقاق نسب اليه زقاق الخميس يقام في كل يوم خميس يفد إليه أبناء البادية لعرض منتجاتهم الحيوانية والزراعية، وسوق الحبابة يباع فيه كافة أنواع الحبوب الزراعية ومقره بالهجلة وسوق سويقة إلى ما هنالك من أسواق.
3 ذكر بوركهات بقوله: (وفي الوقت الحاضر يمكن وصف عمارة المنازل بالطائف بأنها في حالة سيئة جدا باستثناء قليل من البيوت في حالة سليمة تماما, وقد تعرض الكثير من المباني للدمار أثناء استيلاء السلفيين عليها في عام 1802م وهُجرت كلها تقريباً, ومنذ تلك الفترة يتدهور كل شيء في الطائف, لقد رأيت مسجدين صغيرين وأحسنهما هو مسجد الهنود وكان على قبر ابن عباس قبة حسنة وكان يزورها كثير من الحجاج إلا أن السلفيين قد هدموها تماما ألخ).
*نقول لقد فات على بوركهات أن جُلّ المنازل بالطائف منذ العصر الجاهلي وصدر الإسلام يمتلكها بعض الأعيان والاثرياء من أهل مكة المكرمة فتكون مقفلة طوال العام ولا تُسكن إلا في فصل الصيف فقط، وهناك الأوبئة والأمراض الفتاكة كالطاعون والشوطة والجدري وذكرت لنا كتب التاريخ بعضا منها لدرجة ان الوفيات كانت بأعداد غفيرة وبلغ الامر أن الدكاكين كانت مشرعة ومن يأتي من خارج الطائف ليأخذ شيئا منها يصاب بالمرض ويموت ومن تركها لا يصاب بشيء (2) وقد أخبرني سيدي الوالد رحمه الله وهو من مواليد عام 1329ه والمتوفى عام 1392ه بأنه وقع في الطائف في عهده شوطة قتلت الكثير وان الموتى كانوا يدفنون بالجماعات ولا توجد دار إلا وفيها مناحة أو خلت من أهلها هذا مع ما يحدث من سنين مجدبة حيث تجف العيون والآبار من قلة الأمطار التي كانت سببا في جعل السكان في ضيق من العيش مما ترتب عليه ترك البعض لمنازلهم وهجرتهم إلى الديار المخصبة كالهند والعراق وبلاد الشام ومصر والمغرب طلبا للرزق، ولا أدل على ذلك من هجرة بيت جنيدة وهم من السادة آل السقاف إلى بلاد جاوة اما البعض من سكان الطائف فلهم مزارع بالقرى المحيطة ينتقلون إليها لرعاية مصالحها في أغلب الأحيان فتصبح دورهم خالية.
والقبة التي بمسجد عبدالله بن عباس رضي الله عنهما لم تهدم من قبل السلفيين وإنما هدمت في عهد قريب عند توسعة المسجد وتوجد صورة فتوغرافية لها وبجوارها الملك عبدالعزيز يرحمه الله لدى خروجه من المسجد بعد تأديته لصلاة الجمعة وكان في الطائف داخل السور في تلك الفترة سبعة مساجد هي كالتالي:
الأول: مسجد عبدالله بن عباس وهو أكبرها شيده الخليفة العباسي الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء الذي ولي الخلافة بين سنتي (575 -622 ه) وموقعه في علو قرية الهضبة ودخلت عليه عدة تطويرات وتوسيعات في عهود مختلفة.
الثاني: مسجد باعنتر واحدث عمارته نزيل الصائغ بعلو قرية الهضبة سنة (1045 ه ).
الثالث: مسجد الريع وشيد في علو قرية الهضبة على قمة جبل ابن منديل بعد القرن العاشر الهجري.
الرابع: مسجد الهنود وشيد في القرن الثاني عشر الهجري بعلو قرية الهضبة.
الخامس: مسجد الوزير وشيده الوزير ريحان وزير أمير مكة الشريف سرور سنة 1189 ه في وسط القرية بين محلتي فوق وأسفل.
السادس: مسجد الهادي وشيده السيد هادي الحسيني اليمني نزيل الطائف سنة 1050ه بأسفل قرية الهضبة (2) .
بالإضافة إلى مسجدين صغيرين هما مسجد العرابي بمحلة أسفل ومسجد شمس بمحلة السليمانية (3) .
4 حول الماء ذكر بوركهات مانصه: (ويمد الطائف بالماء بئران غزيرتان واحدة منها داخل السور والأخرى أمام أحد أبوابه مباشرة والماء عذب لكنه ثقيل).
* نقول بالطائف في تلك الفترة داخل السور نحو ثماني آبار هذا عدا المجهولة، منها ثلاثة آبار بداخل المساجد التالية مسجد ابن عباس، ومسجد الهنود، ومسجد الهادي, أما الآبار الأخرى فهي بالأحياء فالأولى منها في وسط حوش منازل آل كمال بعلو قرية الهضبة والثانية في وسط برحة نزيل الصائغ بعلو قرية الهضبة والثالثة موقعها شرق مالية الطائف بعلو قرية الهضبة والرابعة في وسط القرية بالهجلة والخامسة بأسفل القرية بجوار دار الزمريق بالإضافة إلى الآبار التي خارج السور والعيون والمناهل التي يستقي منها السكان كعين السلامة التي غيّر مجراها الشريف عبد الله بن عون المتوفى سنة 1294ه عند تعميره لمزارعه شبرا وجعل لسكان قرية الهضبة منهلين يستقون منها وكان ذلك في حدود سنة 1280ه.
5 ذكر بوركهات حول البساتين ما نصه: (وأشهرها جميعا بساتين وادي المثناة ووادي السلامى ووادي شمال وتسقى البساتين من مياه الآبار من الجداول التي تجري في الجبال ويوجد هناك العديد من أشجار الفاكهة,, وكل الأنواع التي ذكرتها في جبل كرا).
* الصحيح بساتين السلامة وتقع في قبلة الطائف ، أما وادي شمال هذا فلا نعلم له ذكرا في المصادر أو الروايات المحلية الشفوية وقد يقصد بالشمال الجهة ففي شمال الطائف آنذاك بساتين شبرا والعقيق، وأطلق على سكانهما منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بني سار من ثقيف ويقصد بجبل كرا الهدا، أما الفواكه فتشتهر بها مناطق معينة من الطائف فالحبوب والعنب تشتهر بها لُقَيم منذ القدم والسفرجل والمشمش والبخارة (البرقوق) تشتهر بها الهدا بالإضافة إلى الورود، أما الرمان فيتشهر به وادي ليه والخوخ (الفرسك) تشتر به المثناة، والبرشومي (التين الشوكي) تشتهر به منطقة الشفا، والحماط (التين) فتشتهر به بلاد ثمالة والصخيرة والمعدن إلخ, وكانت سقيا البساتين من الآبار ما عدا بساتين المثناة والعقيق وشبرا فقد كانت تسقى بمياه العيون والآبار أيضاً وعندما أضحت الطائف مدينة كبيرة أصبحت القرى المحيطة التي كانت في السابق من ضمن أحياء المدينة فانتقل إنتاج بعض هذه الفواكه إلى مزارع بني سعد.
6 ذكر بوركهات حول السكان بقوله :(وسكان الطائف الأصليون عرب من قبيلة ثقيف الذين استقروا بها ويملكون كل البساتين التابعة للطائف).
* نقول السكان كانوا في هذه الفترة بالإضافة إلى ثقيف يتألفون من قبائل الأشراف وقريش وهوازن وغيرهم,, الخ.
وقد جمع الشيخ عبدالحي آل كمال رحمه الله أسماء العوائل المقيمة في الطائف داخل السور والذين يسكنون منذ زمن الأتراك مع بيان المحلات فوق وأسفل والسليمانية ومن يسكنها من هذه الأسرة وميزة هذا الكتاب أن مؤلفه من مواليد عام 1325ه (1907م) وتوفي في 1/8/1412ه حيث عاصر بعضا منهم (4) .
ثانياً: ما جاء عند الرحالة شارلز ديديه حول الطائف:
1 ذكر شارلز ديديه عند سكناه لأحد بيوت الطائف بقوله: (يملك هذا البيت وهو أفضل بيوت المدينة رجل ثري من أصل هندي هو محمد سيد شمس الذي توجد أعماله في مكة ,, الخ).
* إن هذا البيت موقعه في محلة وسط (أي وسط القرية) بزقاق الخميس مبني من الحجر ويتألف من عدة طوابق.
أما بيت شمس الدين فهم من الأسر المكية الثرية في ذلك العهد، برز منها بعض العلماء وكانوا يمتلكون مكتبة ضخمة اورد ذلك عنهم الشيخ أبو الخير عبدالله مرداد رحمه الله في كتابه (القيم المختصر من نشر النور والزهر) وينسب إليهم في الطائف مسجد شمس بمحلة السليمانية (5) وقد ذكر الشيخ عبدالله غازي رحمه الله في مخطوطة (إفادة الأنام بذكر أخبار بلد الله الحرام) ج7 ص656 بيت شمس الدين بأنهم من الهنود الفتَّن, أما فتن هذه وبجوارها نهرواله فموقعهما في إقليم كجرات بغرب الهند، فقد أورد الشيخ عباس بن محمد المدني في كتابه رب الأرباب بما أهمل في لب اللباب من واجب الأنساب ص376 ما نصه: (الفتني: لفتن بلدة مشهورة بالهند ويقال لها فطن) وفي ص 389 (النهروالي: لنهرواله بلد بالهند من توابع كجرات السابقة قرب فتن المتقدمة كما قال بعضهم), كما جاء تعريف لهما في مقدمة كتاب (البرق اليماني في الفتح العثماني) لمؤلفه قطب الدين النهروالي المكي بقلم الشيخ حمد الجاسر حفظه الله ما نصه: (في غرب الهند شواطئ البحر العربي وجدت دولة إسلامية قامت من مبتدأ القرن الخامس الهجري حتى سنة 978ه حيث أزالها المغول) وأضاف في ص 12 (وتسمى الآن بتن بالباء والتاء الهنديتين المثقلتين) وعند تتبع الأسر الفتنية نجد أن جلها من العرب ينتسبون لآل البيت وابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم وإلى غيرهم من القبائل العربية وقد تكون أسرة بيت شمس الدين من هذه الأسر التي هاجرت ثم عادت إلى موطنها الأصلي مكة المكرمة (6) .
2 ذكر شارلز ديديه ما نصه : (غادرنا المدينة عبر باب الريع,, وبمجرد مغادرتنا عبرنا خرائب ضاحية سابقة تم هدمها ولم يعد بناؤها أبداً).
* هذه الضاحية قرية السلامة التي تقع في قبلة الطائف من قبل باب الريع.
3 ذكر شارلز ديديه حول بناء القلعة ما نصه: (كان الشريف غالب قد بناها لأغراض أمنه الشخصي، ولكن بعد عدة سنوات استخدمها محمد علي الخ).
* ينظر ما سبق ذكره حول القلعة وما قيل عنها.
4 ذكر شارلز ديديه حول الجبال ما نصه : (وفيما يلي أسماء بعض أهم هذه الجبال مرتبة حسب التريب الذي تلي علي وهي من الغرب والشمال الغربي في اتجاه مكة كل من سكارا، والهدا وبراد وعلى الجانب المقابل كل من مجر الشاه والمثناة وأخيرا ريع الشهداء أو ممر الشهداء).
* الصحيح في غرب الطائف جبل أم السكارى ويفصل بين قريتي السلامة والآبار التي عمرت في أوائل الألف للهجرة وسميت بذلك لكثرة الآبار بها وهي اليوم محلة (قروى) وخلفها قروى زليخة، ولا نعلم كيف تحرف ونشأ هذا الاسم عن الآبار وقد أطلق عليها الأتراك اسطنبول الصغيرة, وجبل برد بدون ألف وهو جبل شامخ يقف خلف الوهيط ومن تحته تنبع عين الوهيط التي يشرب منها سكان الطائف في الوقت الراهن وجبل مجر الشاش بالشين وليس بالهاء وهو جبل في قبلة محله شهار به كانت دكة الملك سعود رحمه الله, أما جبال المثناة فهي من الشرق إلى الغرب عن يمن المصعد لوادي وج جبل القرين وبه الآن مسجد السور وقد ركبه العمران يليه جبل أبي الأخيلة ويسمى الآن جبل أبي نخيلة وبجوار هذا الجبل مشرفاً على الوادي مسجد الكوع المنسوب للنبي عليه الصلاة والسلام، يليه جبل المحترق ولونه أسود.
أما عن يسار المصعد لوادي وج جبل المدهون بجانبه مشرفاً على الوادي مسجد القنطرة وبشرقه مسجد ينسب لابن عباس رضي الله عنه وفي غربه جبل صعب وبه سد وادي صعب أما جهة شرقي الطائف جبلا الأُصيحرين وهما جبلا الشهداء وعرفا أيضا بالبازمين احدهما يقع بمحلة الشهداء الشمالية شرق وادي وج والآخر غرب الوادي بمحلة الشرقية.
أما المثناة فقد عمرت في القرن السادس الهجري بوادي وج ودعيت بقرية وج ذكرها الفيروز آبادي في القاموس المحيط ص66 ثم سميت قرية أبي الاخيلة في القرن التاسع وبها مسجد عداس المشهور، ثم قرية قرين، وأخيراً عرفت بالمثناة ذكرها صاحب التاج الخ (7) .
5 ذكر شارلز ديديه حول مسمى الطائف بقوله: (يعني مسمى الطائف في اللغة العربية دوران ووجد فيما يتعلق بدراسة الأصل التاريخي أسطورة محلية مضطربة رواها أحدهم لكنني نسيتها الآن).
* نقول الطائف مدينة جاهلية قديمة، تنسب إلى وج بن عبدالحي وقيل عبدالحق من العماليق وسميت باسمه وج ونسب إليها واديها فقيل وادي وج إلى ان بنت ثقيف حولها سوراً يمنعها من غارات المغيرين يطوف بها ومن ذلك الحين سميت الطائف.
فقد قال أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم:
منعنا أرضنا من كل حي
كما امتنعت بطائفها ثقيف
أثارهم معشر كي يسلبوهم
فحالت دون ذلكم السيوف
وفي اعتقادي ان هذه المقولة أصح الروايات.
6 ذكر شارلز ديديه حول وصفه للسكان ما نصه: (وحياني الجميع بأدب جم وقد خالف شاب واحد من البازار السلوك العام نحوي).
يقصد بالبازار هنا الطفل ويطلق عليه إلى الآن بلغة أهل الطائف البِزر أو الوِرع وجمعها البِرزان أو الوِرعان.
7 في ذكر شارلز ديديه لمسجد ابن عباس ووصفه قال: (يقع بالقرب منه معلم مخالف له من العمر والنوع وهو حجر خشن منتصب أصابه البلى من مرور الزمان وربما على يد الإنسان وقد اشتهر بأنه كان صنماً في عهود عبادة الأصنام وهو يسمى اللاّت,, ويبعد عنه كثيرا صنم آخر يسمى العُزَّى كان يعظم وفق نفس التقاليد).
* نقول ذكر هشام الكلبي في كتابه الأصنام ص16 ان اللاّت كانت بالطائف لثقيف وهي عبارة عن صخرة مربعة لا كما ذكر شارلز ديديه، ثم لما جاء الإسلام قدم إلى المدينة وفد ثقيف وأسلموا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدم صنمهم حيث بعث معهم المغيرة بن شعبة الثقفي وأبو سفيان بن أمية القرشي رضي الله عنهما، فقاما بهدمه وتحريقه بالنار, وذكر السهيلي في الروض الأنف ج7 ص335, إن قدوم وفد ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان في السنة التاسعة من الهجرة وأمّر عليهم عثمان بن أبي العاص الثقفي كان من أحدثهم سنا، وذلك أنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن وذكر أبو داود في السنن ج1 ص123, أن النبي عليه الصلاة والسلام أمره :(ان يجعل مسجد الطائف حيث كان طواغيتهم) وكان موضع الصنم على ما قاله ابن الكلبي وهو متوفى سنة 204ه (في موضع منارة المسجد اليسرى اليوم) أي في عهده.
أما صنم العزى فهو لقريش وكان موقعها بواد من نخلة الشامية يقال له حراض بإزاء الغمير يمين المصعد إلى نجد من مكة حيث يبعد الموضع عن الطائف نحو 80 كليو مترا تقريباً, فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هدم الأصنام منذ قيام الإسلام فما الذي جعل شارلز ديديه يحيى ذكرها في رحلته؟!
8 ذكر شارلز ديديه حول المثناة بقوله :( ويزين هذا الوهد الباسم مسجد ويميز مدخله ويضفي عليه نوعاً من القدسية,, وتنتشر في هذه الأرض الحجرية قرية بدوية تسمى الوهط).
* نقول لعل المسجد هو مسجد عدّاس الذي لازال في موقعه ببساتين الأشراف آل غالب ولقد وجدت له ذكراً منذ القرن التاسع, أما الوهط فهي قرية ليست في المثناة بل في قبلتها بجوار سد عكرمة الحالي، وكانت الوهط بستانا أو مالا لعمرو بن العاص القرشي رضي الله عنه، ولازالت لأبناء قريش وبعض الأشراف وبها عين الوهط الشهيرة.
9 ذكر شارلز ديديه حول البساتين التي بالمثناة قوله :(ورجعنا نحو حديقة الباطنة,, تقع على الجانب المقابل حديقة مماثلة تسمى الشرائع وهي أيضا مملوكة للشريف الأعظم,, وتوجد في موقعين آخرين من الطائف حدائق تماثل حدائق المثناة هما وادي شمال ووادي سلامة).
* قلت حديقة الباطنة لازالت للأشراف آل غالب وبجوارها كان منزل السيد حمزة المرزوقي عن يسار المصعد لوادي وج وأمامها بستان الشريعة وليس الشرائع كما ذكر شارلز ديديه عن يمين المصعد لوادي وج وبجوار الشريعة من جهة الشرق نجد جبل أبي الأخيلة ومسجد الكوع السابق ذكرهما وعن يسار المسجد نرى مشرعة عين المثناة ظاهرة للعيان على وجه الأرض تسير في قناة دبل مبنى بالحجر والنورة وحول السلامة ووادي شمال ينظر ما قيل عنهما فيما سبق, هذا ما جرى التنويه عنه والله ولي التوفيق.
د, سليمان بن صالح آل كمال
جامعة أم القرى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية قسم التاريخ والحضارة الإسلامية
الهوامش
1 انقرضت هذه الأسرة ولنا بحث مُحكّم عن مكتبهم ودورها الحضاري في الحياة العلمية.
2 حول قلة الموارد وكثرة الأمراض والحروب والفتن في الطائف في سنوات مختلفة ينظر النجم عمر بن فهد اتحاف الورى بأخبار أم القرى ج2 ص569، ج3 ص22-46-47-48-51-75-90-99-102-238-413-419-422-453-515-557-558-563-564.
3 لمزيد من الاطلاع ينظر د, سليمان آل كمال مساجد الطائف داخل السور تاريخ عمارتها ودورها العلمي الطبعة الأولى 1416 ه نشر مكتبة المعارف بالطائف.
4 اسم كتابه الطائف وأسماء اسره القديمة وبعض عاداتهم نشر مكتبة المعارف بالطائف, وهناك صك شرعي له قرن ونصف من الزمان تقريباً عبارة عن معاهدة صلح جرت بين أبناء علو قرية الهضبة وأسفل الهضبة فيه بعض العادات والتقاليد وأسماء الأسر في تلك الفترة.
5 هناك بحث مُحكّم حول مسجد شمس بالدارة وسوف ينشر في مجلتها.
6 لمزيد من الاطلاع حول هذه الاسر ينظر عبدالحي الحسني كتاب نزهة الخواطر، ويونس السامرائي في كتاب العلماء العرب في شبه القارة الهندية.
7 حول المثناة وما يختص بها ينظر محمد سعيد آل كمال الطائف (جغرافيته تاريخه أنساب قبائله) ص141 وما بعدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.