المتجول في مدينة الورد «الطائف» بكل ما تتمتع به من مقومات حضارية وسياحية وأثرية لا بد له أن يلحظ ما تحويه هذه المدينة من مظاهر أثرية وحضارية في أزقّة منطقتها المركزية وأسواقها وحواريها القديمة، ممثلة في مبانيها ذات الطابعين الروماني والعثماني العريقين، بجانب الرواشين الحجازية؛ ليعكس كل ذلك لمحة من الحضارات التي تعاقبت على هذه المدينة.. مواقع تاريخية ومما تتضمنه مدينة الطائف من آثار وتراث عمراني: قصر البيحات في عهد الأشراف وخان الملطاني وقصر جبرا وقصر غالية البقمية في تربة والتي عرفت بوقفاتها البطولية مع الدولة السعودية الأولى ولم يتبقَ من قصرها سوى بقايا، وهناك أيضًا بعض القصور مثل بيت الكاتب (قصر النيابة) وفيه سكن الملك فيصل رحمه الله حينما كان نائبًا للحجاز، وقصر الكعكي وقصر شبرا وسور الطائف القديم، وهناك أيضًا المسجد الأثري للصحابي الجليل عبدالله بن العباس الأثري رضي الله عنهما وأرضاهما، وكذلك سوق عكاظ الأدبي صاحب الحضور التاريخي المعروف، وكذلك البركة (عين زبيدة)، ودرب المشاة الأثري الذي يمكن مشاهدته من خلال التلفريك في الهدا على جبل الكر، وقصر مشرفة بجوار عكاظ، وسد السملقي، وسد سيسد وأم السباع وبه العديد من النقوش الإسلامية، والشفا وبه العديد من القلاع والحصون، وملعب أبوزيد الهلالي وبني سعد، وبها قرية يقال إنها الموطن الأصلي لأبي زيد الهلالي وتسمى الآن قرية (الطحان) في ديار الزايدي إلى غيرها من مواقع التراث العمراني الأخرى. المعمار الطائفي اشتهرت الطائف بالبناء والتعمير منذ القدم، داخل السور الذي كان يحيط بها من جميع الجهات وبناء المنازل يتم بالحجر أو الطين أو بهما معًا ويليس البناء بمادة النورة والرخام. وتغطى واجهات هذه المنازل بالرواشين والمشربيات والنوافذ الخشبية بالزخرفة والنقش المعماري. وبناء الأسقف يكون غالبًا بخشب الطلح أو العرعر أو خشب الزان.. منطقة السوق إلى ما ذكر آنفًا عن موجودات مدينة الورد التراثية والأثرية من منازل وقصور عديدة غاية في الروعة والجمال مثل قصر شبرا بحي شبرا، وبيت الكعكي وبيت الكاتب وبيت آل القامة بحي السلامة وقصرا جازان والكويت بحي فوق، وقد هُدِما هذان المنزلان قريبًا وعشرات المنازل القديمة والمتبقية حتى الآن بحي قروى والسلامة وحي فوق وكذلك بناء الدكاكين والأسواق والمباني الشعبية بمختلف الأحياء القديمة ذات الطابع الأثري مثل: خان آل المفتي (قبل الهدم) بوسط السوق، وخان آل القاضي وخان آل ابن معمر وخان آل الملطاني (قبل الهدم). وتزخر منطقة السوق ذات الطابع العربي التقليدي بالعديد من الأنشطة التجارية وتتميز بِسمة من سمات البناء القديم تمثل قطعة متماسكة بالبناء والتخطيط العمراني التاريخي، وظلت منطقة السوق محتفظة بآثارها القديمة إلى عهد قريب. وكانت قديما تضاء هذه البرحات والأزقة والأسواق التجارية والمنازل والبيوت الشعبية بالأتاريك والفوانيس الغازيّة ليلًا من قبل أسر عريقة مشهورة بمدينة الطائف قديما، ويرجع بناء وإنشاء هذه المباني الأثرية والمعمارية بطابعها الإسلامي إلى العهد العثماني. ويتخللها بعض المساجد والدكاكين والمنازل، كما تخترقها طرقات ضيقة متعرجة أو برحات واسعة. ومع بداية هدم سور الطائف بتاريخ 5/8/1368ه. كان العمران في أوجه وقد أخذ طابعًا آخر في التوسع داخل الطائف وضواحيها : الشرقية واليمانية ومعشي والعزيزية وقروى والسلامة وحوايا، ثم أنشئت أحياءً جديدة بلغت أكثر من 77 حيًا. أما إنشاء القصور فيتكون من ثلاثة أدوار إلى أربعة أدوار ملحق بها بستان وبرك ونوافير للمياه. أما المنزل فهو يتكون من دور واحد إلى أربعة أدوار، بتصاميم وزخارف عربية إسلامية وبأعمدة وأقواس جميلة الشكل تبنى من الحجر والنورة.. وبعض من هذه المباني تخلو من أية زخارف أو نقوش، ويسمى (بناء عادي) أما بناء الغرف والمجالس لجميع المنازل فتبنى بطريقة واحدة في التسمية والمكونات المنزلية. ومن المتاحف المتحف الوطني ويعتبر أكبر متاحف الطائف ويضم بين جنباته أكثر من 30 ألف قطعة أثرية متنوعة بينها مقتنيات أثرية وقطع تراثية محلية من العقود الماضية ومخطوطات قديمة وصور وشواهد حجرية ومنحوتات صخرية وأسلحة وذخائر ومستلزمات الحرف القديمة. ومتحف عكاظ ومتحف أم السباع ومتحف القرية الخضراء وقصر جبرا. وفي قراءة متأنية لما تحويه للمنطقة المركزية بالطائف نجدها من أقدم أحياء المحافظة، وتشتمل على ثلاثة أحياء تتمثل في: حي السليمانية، وقد أزيلت منازله وأسواقه خلال التوسعة العامة لمدينة الطائف عام 1403ه، كما هُدم جزء آخر من حي أسفل، وحي السليمانية به مجموعة كبيرة من المنازل والبيوت التراثية تسكنها عوائل كثيرة، وبه الحمام الشهير «حمام الشفا» الذي بني في العهد العثماني، وقد تسبب في بنائه محتسب الطائف أحمد خيره، وذكره أيوب صبري وكذلك محمد صادق باشا حينما زار الطائف عام 1303 ه، ويعد معلمًا أثريًا في مكوناته البنائية. أما حيي ّ « فوق» و«أسفل» فقد بقي من آثارهما الجزء اليسير من المباني، وهذه الأحياء التاريخية داخل سور يحيط بها من جميع الجهات، وقد جددت عمارة السور سنة 1228ه وبقي السور قائمًا حتى تاريخ هدمه في 5 / 8 / 1368ه. وللطائف ثلاث حارات الأولى: حارة فوق وتقع وراء باب الريع للداخل على البلدة، الثانية: حارة أسفل وهي مسكن الأمراء والأشراف وتقع خلف باب الحزم، والثالثة: حارة السليمانية وهي على مقربة من باب ابن عباس يراها الداخل من هذا الباب عن يمينه فقد أزيلت هذه الحارة في التوسعة الحديثة. أما باب الحزم كان باب الحزم يقع في الجهة الشمالية من السور، وموقعه الآن ما بين الحديقة والمجسم والإشارة المرورية أمام خان الملطاني سابقًا، (مركز تجاري القزاز حاليًا)، كما يوجد باب آخر صغير يقع أمام قصر آل إسماعيل يسمى باب العزيزية ويقع شمال غرب السور وهو موازٍ لجدار القشلة.. كما يُعدّ باب الحزم المدخل الرئيسي إلى منطقة السوق، حيث يرى القادم من هذا الباب البيوت والمنازل المنتشرة في برحات كثيرة غير متساوية المساحات والدكاكين والأسواق الشعبية مثل خان الملطاني وبيت آل عرب وسوق الخميس وبرحة مسجد الهادي وسوق الهجلة والكركون «مركز الشرطة» ودكاكين ابن معمر وبيت أبي ناصف، حيث يرى القادم أمامه المحلات التجارية والبسطات التي تعرض أنواعًا من البضائع والمحاصيل والأواني والحديد والخردوات والبسط والفرش وغيرها مما يُعرض في هذه البرحات والأسواق. حارة أسفل تقع حارة أسفل داخل السور من جهة شمال باب الحزم. ويحدها من الشمال باب الحزم وضاحيتها شبرا والعقيق وهما الآن من الأحياء الكبيرة ذات الشوارع الفسيحة والمباني الشاهقة والعمائر السكنية وتعد منطقة تجارية هامة. ويحدها من الجنوب حي فوق وحي السليمانية وتمام الحد زقاق الفتات إلى السقيفة وبرحة الزرقي من جهة الشرق وهذه المنطقة هي سوق «البلد» ويحدها من الشرق السور وتمام الحد خليج شبرا باب الريع يقع باب الريع حاليًا وبالتحديد ما بين ركن مبنى البلدية الموازي لجدار مبنى المنشية « بيع الخضار واللحوم» من الجهة الغربية الجنوبية من السور. والداخل من هذا الباب يرى جبل بن منديل ومسجد الريع «مسجد السنوسي» وكذلك (برج غلفه) الذي بقي جزء منه حتى الآن خلف البلدية، ثم يتجه لجهة الشمال حيث كانت توجد قلعة باب الريع بنحو عدة أمتار من موقع الباب على هضبة مرتفعة شمال غرب القشلة حيث كانت متصلة معها بسرداب سري موصول بينهما أيام الحكم العثماني. وقد أزيلت القلعة على عدة مراحل من التاريخ لمرور الأحداث على الطائف. وأمام هذه البرحة كانت حلقة الخضار والفاكهة «الحراج» في هذا الموقع عام 1380 ه، كما أزالت البلدية جزءًا من التل مع بقايا القلعة عام 1392ه لتحسين وتوسعة الشارع الجديد شارع البلدية المؤدي إلى حي العزيزية جوار سور القشلة ومن هذه الهضبة تشاهد منها حي فوق من برحات وأزقة واسعة ومتعرجة المواقع. يتخللها أسواق ودكاكين شعبية ومنازل وقصور ومبانٍ أثرية ومسجد باعنتر وهي سكنى أهالي حي فوق. حارة فوق تقع حارة فوق خلف باب الريع من ناحية الركن الغربي الجنوبي داخل السور المطل على ضاحيتي السلامة والمثناة، ويحدها من الشرق مسجد عبدالله بن العباس وتمام الحد حي السليمانية والمقبرة، ومن الغرب السور وتمام الحد، ضاحيتا السلامة والمثناة وهما الآن من الأحياء الكبيرة ذات الشوارع الفسيحة والكثافة السكانية، ويحدها من الشمال زقاق الفتات وتمام الحد حي أسفل إلى السقيفة وبرحة الزرقي شرقًا، ومن الجنوب السور وتمام الحد المقبرة وحارة فوق تسكنه عوائل كثيرة. حارة السليمانية تقع حارة السليمانية بالقرب من باب ابن عباس من جهة الركن الجنوبي الشرقي داخل السور وتطل على خليج شبرا، وأحياؤها واسعة ومتعرجة، يحدها من الشرق السور وخليج شبرا وتمام الحد الآن شارع الملك سعود ومستشفى الملك فيصل، وقد أزيل حي السليمانية بالكامل أثناء التوسعة للمشروع، ومن الغرب حي فوق وجزء من المقابر، ومن الشمال الغربي حارة فوق وتمام الحد إلى برحة الزرقي وجزء من زقاق الطباخة، ومن الشمال الشرقي حي أسفل، ومن الجنوب باب ابن عباس وتمام الحد السور والمقبرة، وهو الآن على امتداد الشارع الرئيسي، شارع السلامة ثم وادي وج. وتشتمل حارة السليمانية على بعض الأزقة والبرحات المشهورة التي بها دكاكين وأسواق شعبية قديمة وبها «الحمام التركي» الشهير، وكذلك برحة حمام الشفا، برحة آل رجب الصائغ، برحة ابن يحيى، برحة فتنين، برحة ابن العباس، برحة الزرقي، وغيرها من البرحات وقد أزيلت هذه البرحات بالكامل أثناء التوسعة ونزع ملكية حي السليمانية. المنطقة المركزية وتتكون المنطقة المركزية قديمًا بمساحة 1.5 كم2، أغلبها ملكيات خاصة للمواطنين وبعد إزالة السور الذي كان يحيط بها أخذت المدينة بالتوسع في جميع الاتجاهات، مما أدى إلى تغيير نمط الحياة بالمنطقة فأصبحت مركزًا تجاريًا رئيسيًا لمدينة الطائف. ويشير المؤلف محمد بن منصور بن هاشم بن سرور في كتابه «الطائف في عهد الملك عبدالعزيز» إلى موقع السور بالقول: «كان السور محيطًا بالطائف القديمة المكونة من الحواير الثلاث المعروفة حارة فوق وتقع إلى الركن الغربي الجنوبي من داخل السور وحارة أسفل وتشغل النصف الشمالي من داخل السور وحارة السليمانية وتشغل الركن الجنوبي الشرقي داخل السور وقد أزيلت هذه الحارة بالكامل في أحد مشاريع الطائف التوسيعية ولم يبق منها شيء وقد أقيم في جزء من مكانها مبنى إدارة الدفاع المدني، وأما الحارتان الأخريان فما تبقى منهما يعرف اليوم بالمنطقة المركزية وهي محور أسواق الطائف التجارية وهذا السور كان آخر سور أحيط على مدينة الطائف وهو من بناء الشريف غالب بن مساعد آل زيد حين إمارته على الحجاز في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، وكان السور من الناحية الشمالية يمتد في محاذاة المسار الجنوبي لشارع فيصل ويقع فيه من هذه الناحية باب السور المعروف بباب الحزم أو باب شبرة وله فتحتان كبيرتان ومكانه عند إشارة المرور الواقعة عند تقاطع شارع شبرا بشارع فيصل مقابل موقف سيارات الأجرة إلى مكةالمكرمة ثم يمتد السور حتى يلتحم بجدار القشلة قديمًا -المجمع الحكومي حديثًا- ومن هنا ينعطف إلى الجنوب مدخلًا قاعة الطائف القديمة التي قد أزيلت وقد فتح في عهد الملك عبدالعزيز باب في السور من ناحية القشلة سمي بباب العزيزية أو القشلة ويستمر السور من غربي القلعة مدخلًا سوق اللحم والخضار وبلدية غرب الطائف وما ساماتها من مبان في محاذاة شارع البلدية حتى يلتحم ببرج السور في الركن الغربي الجنوبي المعروف ببرج غلفة والذي لازال منه بقية حتى وقتنا الحاضر وكان باب السور المعروف بباب الريع يقع في هذه الناحية ومكانه هو الشارع الفاصل بين بلدية غرب الطائف وسوق الخضار واللحوم، وهو فتحتان على غرار باب شبرة، ثم من برج غلفة يستر السور حتى يلتحم بجدار مسجد ابن العباس القديم مدخلًا المسجد الحديث ومن طرف المسجد القديم مما يلي الشرق يقع باب السور المعروف بباب العباس وهو فتحة واحدة ولكنها كبيرة كانت تدخل معها السيارات في أول عهد السيارات ثم يتجه السور في مسامته المسجد القديم إلى الشرق حتى يقبل على المسار الغربي لشارع سعود تاركًا ما يقرب من ثلاثين مترًا دون الشارع فينعطف إلى الشمال في خط مستقيم حتى يلتحم ببرج السور الشرقي الشمالي الذي بدأنا منه وفي هذه الناحية كانت حارة السليمانية الجزء الشرقي من حارة أسفل اللتين أزيلتا، كما ذكرت سابقًا، وفي مقابل شارع أبي العتاهية فتح في السور باب في عهد الملك عبدالعزيز عرف بباب جديد كان الغرض منه خدمة أهل المحلات الحديثة، التي قامت خارج السور من هذه الناحية، وهذا الباب مع باب القشلة هما البابان اللذان فتحا في السور في عهد الملك عبدالعزيز، وأما أبواب الحزم والريع وابن العباس، فهي أبواب السور القديمة التي بنيت ببنائه، وكان في كل ركن من أركان السور برج عسكري للدفاع عن مدينة الطائف في ذلك التاريخ حينما كانت الأسوار والأبراج لها شأن عسكري كبير وميزة تحصينية، وفي عام 1367ه أزيل بكامله ولم يبقَ منه سوى أنقاض برج غلفة»..