أعلنت (المجموعة السعودية) عن الأرباح التقديرية حتى نهاية الشهر قبل الأخير من عام 2008م، والتي تبين انخفاضاً مقداره 77% عن نفس الفترة العام السابق، وقد أعزت هذا الانخفاض إلى أن صناعة البتروكيماويات (تعاني) من انخفاض أسعار منتجاتها بقيمة أكبر من انخفاض أسعار المواد الأولية لها، فيما عدا المشروعات التي تعتمد على غاز الايثان والميثان، هذا الإعلان المنشور مختصراً، والذي يحمل في طياته معلومات مهمة ويقسم مشروعات البتروكيماويات حسب تأثرها بالأزمة إلى قسمين القسم الأول مشروعات تؤثر عليها الأزمة لتحقق خسائر متفاوتة نتيجة انخفاض أسعارها بقيمة أكبر من انخفاض أسعار مواد الإنتاج الأولية، مما يجعل سعر البيع أقل من تكلفة الإنتاج، وتختلف نسبة الخسائر من شركة إلى أخرى حسب معادلة الانخفاض بين أسعار المواد الأولية (بتروكيماويات وغاز ونفط) وبين انخفاض أسعار المنتج النهائي للشركة، وهذا ما توقعه الكثير من المحللين، ولكن إعلان المجموعة بهذه الأرقام هو ما يؤكد ويبين حجم الخسائر المتوقعة في شركات البتروكيماويات السعودية في نتائج الربع الرابع ونتائج عام 2009م. القسم الآخر هو شركات تتأثر بانخفاض الأرباح فقط نتيجة استخدامها في الإنتاج لغاز الايثان والميثان والذي تحصل عليه من الدولة كدعم بسعر ثابت 75 سنتاً أمريكياً، وهو ما يجعل وضعها أفضل من المشروعات البتروكيماوية الأخرى ويحميها من تقلبات الأسواق لحد ما، حيث إن المشروعات الجديدة والتوسعات الكبيرة خلال العاميين الماضيين أدت إلى زيادة نسبة القروض والإهلاكات وزيادة رؤوس أموال هذه الشركات مما يخفض ربحية أسهمها، وهو ما يثقل كاهل إدارة هذه الشركات لتوازن بين هذه المعطيات والتي قد تطيل فترة تعويض الخسائر القادمة، ولتوضيح الفارق بين القسمين نجد أن القسم الأول يشتري المادة اللقيم المستخدم في إنتاجه بقيمة 75 سنتاً ويبيع المنتج النهائي بما يقارب 300 دولار، علماً أن الشركات الخارجية تشتري نفس المادة اللقيم بعشرة أضعاف السعر الذي تشتريه الشركات السعودية، أما القسم الثاني فيشتري المادة اللقيم مثلاً البروبان بسعر 470 دولاراً ويباع إنتاجه بسعر 820 دولاراً، طبعاً دون الدخول في تفاصيل الإنتاج المعقدة وتكاليفها ومهما كانت فالفارق كبير، وهنا يمكن دراسة أفضل شركات البتروكيماويات للاستثمار خلال الفترة القادمة وقياس نسب المخاطرة فيها. وهو ما يفسر تصريح الرئيس التنفيذي ل(سابك) بأن تكلفة الإنتاج فيمشروعات البتروكيماويات في الخليج لا تتجاوز 200 دولار للطن بينما تفوق 800 دولار للطن في الخارج، وهو ما قد يكشف عن فرص استحواذ كبيرة وناجحة لشركات لن تتمكن من مواجهة الأزمة، فهل ستسيطر دول الخليج في القريب على صناعة البتروكيماويات في العالم كما تسيطر الآن على إنتاج النفط والغاز، فحسب تقرير قريب أن الدول العربية أجمع لا تكرر سوى 8% من إنتاج النفط في العالم. كما صرح رئيس (سابك) أيضاً أن دورة البتروكيماويات في أدنى مستوى لها حالياً وأنه كان يتوقع أن تبدأ في عام 2009م ولكن الأزمة المالية استبقت الأحداث، والغريب هنا أنه ينافي تصريحه أن (سابك) لو علمت بالأزمة المالية لأجلت شراء شركة البلاستيك التابعة للعملاق جنرال إلكتريك بقيمة 43 مليار ريال للحصول على سعر أفضل، وقد أثارت هذه الصفقة استياء الكثير من المحللين والكتاب والمتداولين في السوق، عندما سمعت عن هذه الصفقة تذكرت أنني قد قرأت في كتاب الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إلكتريك (جون والش) أن أحد أهم إستراتيجية شركة جنرال إلكتريك هو عرض المشروعات التي لا تحقق طموحات الشركة للبيع، ولكن حسب ما فهمته من التقارير العالمية وتصريحات مسؤولي سابك أن الهدف من الشراء ليس الربح المالي بقدر ما هي الاستفادة من قدرات الشركة التطويرية والتسويقية بشكل أكبر والاستحواذ على نسبة أكبر من السوق، عموماً فالفارق بين عرض سابك والعرض الذي يليه ليس كبيراً. إعلان نتائج المجموعة الآن يضع لنا تصوراً عن حالة السوق خلال إعلانات نتائج الربع الرابع ممثلاً بأكبر قطاع في السوق (البتروكيماويات) الذي يشكل أكثر من 34% من حجم السوق، حيث أتوقع أن يحصل تغيير كبير في إستراتيجيات الاستثمار بين شركات السوق مما يستدعي إعادة توزيع وتقييم للمحافظ الكبيرة والصناديق الاستثمارية وهو ما سوف يحدث تذبذباً في أسعارها لتشكل فرص استثمارية في عدد كبير من الشركات والتي قد تتداول بأسعار غير متوقعة لفترة وجيزة لتعطي الفرص للمقتنصين، وقد تسوء أرباح بعض الشركات أكثر في النصف الأول من العام القادم حيث إن بعض منتجات البتروكيماويات تباع بعقود مدتها تصل إلى 4 أشهر بأسعار قديمة وهو ما قد يؤجل خسائر بعض الشركات إلى النصف الأول من العام القادم.