يمثل عقد الستينيات الهجرية من القرن الفائت نقطة تحول في تاريخ الرياضة في المنطقة الشرقية والوسطى، فقد بدأت الرياضة بالمنطقة الشرقية عن طريق شركة الزيت العربية الأمريكية، ثم أخذت الرياضة بعد ذلك طور البناء والتكوين ومنها تأسيس نادي الاتفاق عام 1364ه.. وبالمقابل بدأت الرياضة بالمنطقة الوسطى في تلك الحقبة الفارطة عن طريق فريق الموظفين (قبل حله) وقد شهدت هذه المرحلة انقساماً تاريخياً تمخض عنه ولادة فريق شباب الرياض عام 1367ه ثم تلا ذلك الانقسام الثاني وتمخض عنه قيام وتأسيس نادي الأولمبي (الهلال حالياً 1377ه). المؤرخ الرياضي الكبير الدكتور أمين ساعاتي خص (الجزيرة) بحديث تاريخي يسلط الضوء فيه على تاريخ فارس الدهناء وزعيم الأندية مؤكداً معزته وتشريفه بالحديث عن الحركة الرياضية في مسيرة هذين الناديين العريقين نتناولها عقب الأحداث التالية: **** بداية النهضة الرياضية * يقول عميد مؤرخي الحركة الرياضية للجزيرة: بدأت الحركة الرياضية تأخذ مكانتها في المنطقة الشرقية عندما تكونت فرق كرة القدم في شركة الزيت العربية الأمريكية من الجاليات العربية والأجنبية وكانت كل جالية تلعب باسمها ومنها الجالية السودانية والصومالية والإيطالية وهكذا استطاعت لعبة كرة القدم أن تغزو قلوب أبناء المنطقة الشرقية فأقبلوا عليها بنهم شديد وبرعوا في فنها وقد مرت الحركة الرياضية بالمنطقة بأطوار عديدة بين الصعود والهبوط حتى وصلت إلى أعلى المستويات، وذلك بفضل الله ثم بفضل الدوري الذي كانت الشركة تنظمه بين الفرق التابعة لها وقد اشتدت المنافسة بين الجاليات حتى أصبحت تمثل فرقاً قائمة بذاتها كالفريق الإيطالي والفريق البحريني والفريق السوداني. * ومن خلال هذه المباريات تكونت في نفوس بعض شباب المنطقة رغبة جامحة في تأسيس فريق يجمعهم ويلمهم كما جمع ولمَّ كل جالية في فريق، وكانت مدينة الخبر هي المكان المناسب لنشوء الفرق الوطنية ذلك لأن ميناءها كبير للمنطقة الشرقية في ذلك الوقت كما أنها أقرب مسافة من الدمام التي تُعتبر عاصمة المنطقة أي مقر الشركة الرئيس في الظهران.. كما أن ميناء الخبر يطل مباشرة على جزيرة البحرين التي أخذت ترسل بعض مواطنيها إلى الخبر للعمل في الشركة، فكان البحرينيون الذين أخذوا فن الكرة من الإنجليز يساهمون في نشر اللعبة بمدينة الخبر إسهاماً كبيراً فتجمعت هذه العوامل لتجعل من (الخبر) المدينةالرياضية الأولى بالمنطقة الشرقية. هلال الشرقية * ففي عام 1360ه نضجت الرغبات الوطنية وارتفعت راية فريقي الهلال كأول فريق سعودي بالمنطقة برئاسة أحمد البلوشي وعضوية يعقوب وعجب خان وسليمان وأحمد القصيبي وعيدان بن راشد وحامد عبيدلي ولكن هلال الشرقية لم يمكث طويلاً بسبب الحرب العالمية الثانية فتوقف النشاط الرياضي برمته.. وعاد بعد الحرب بفرق سعودية عديدة منها الهلال والنهضة وشباب الخبر والاتفاق والشعب بالدمام والتآلف برأس تنورة والنسور بسيهات وشباب المبرز وهجر بالأحساء والكوكب والوحدة بالظهران.. ومضت هذه الفرق تنشر ألعابها على ملاعب أرامكو وملاعب المطار وتستعين بمن بقي من أفراد الجاليات الأخرى لتهذيب اللاعبين وصقل مواهبهم.. وفي عام 1376ه تبرع سمو الأمير عبدالعزيز بن جلوي بكأس ثمينة واقترح أن يلعب منتخب الخبروالدمام في مباراة يخصص ريعها للجهاد الجزائري وفي عام 1379ه تبرع علي أحمد الغامدي رئيس ديوان إمارة المنطقة بكأس وطلب من أندية الدمام الثلاثة النهضة والشعب والاتفاق اللعب عليها في دوري خُصص ريعه لصالح الشعب الجزائري المجاهد. تأسيس الاتفاق * في حي الدواسر بالدمام احتضن الأستاذ عبد الله بن حسين عام 1364ه فكرة تأسيس أول فريق سعودي لكرة القدم بمدينة الدمام وقد أطلق عليه اسم الاتفاق وترأسه كأول رئيس له ومضى الاتفاق على طريق الفوز من ذلك التاريخ بل كان وما زال محلّقاً دائماً محققاً للبطولات بالمنطقة. وقصة تأسيسه تعود إلى أن الاجتماعات الأولى لقيام وبناء وتأسيس هذا النادي المخضرم تمت في منزل علي صالح الغامدي.. ومن الذين سعوا في وضع اللبنات الأولى صالح عبد الله الشهير ب(أبو كلاب) وعبد الله بن حسين وحسن بن سعد وسيف مخيمر وناصر القلاف وفارس الحامد وجاسم عتيق وحمد القلاف وجمعة بوعوين. رجال أوفياء * تعاقب على رئاسة فارس الدهناء عدد من رجالاته الأوفياء فمن الذين كان لهم الفضل الكبير فيما آل إليه من طموح ونجاح عبد الله بن حسين وصالح عبد الله وناصر القلاف وجميل غلام وعبد العزيز العومي. أما من اللاعبين الذين تداول بعضهم مسؤوليات تفوق الفريق كحسين سعد (الجيب) وسيف وسعد مخيمر ويوسف مخيمر وجاسم عتيق الجيري وحسين حداوي وعلي أحمد الغامدي وناصر القلاف ومبارك الدنيني وعلي راشد واسماعيل مدني يضاف إليهم بعض اللاعبين كعبد الله يحيى وأبناء الفصمة (إبراهيم، سعود، محمد) وعثمان باطوق وهلال الطويرقي وخليل الزياني. كما تداول تدريب الفريق الكابتن (نجم مبارك) ثم عبد الرحمن حسين ورضا السائح وسعيد حسين ونور الدين بن عمار والنور محمد الطيب وخليل الزياني.. وهؤلاء الاداريون واللاعبون والمدربون في مجموعة هم وراء كل خطوة حققها فارس الدهناء في مسيرته الرياضية. الأولوية للإتي * يعتبر فريق الاتفاق اول الفرق بالمنطقة الشرقية حصولاً على البطولات الذهبية فقد بدأت مسيرته مع الصعود لمنصات الذهب عام 1385ه حينما لعب امام اهلي جدة نهائي كأس الملك ومثلها عام 1386ه أمام الوحدة في نهائي كأس الملك وخسر في هاتين المباراتين لكنه حقق الانتصار عام 1388ه وفاز بكأس الملك لاول مرة في تاريخ المنطقة الشرقية في مباراته امام الهلال ب4-2 ولم يسبق لفريق من فرق المنطقة أن حقق اللقب الذهبي. أما من ناحية كأس ولي العهد فقد لعب الاتفاق على البطولة عام 1383ه امام الاتحاد في اول مباراة يلعبها في مدينة جدة وقد خسر ب6-2 غير انه التقى مع العميد مرة أخرى عام 1385ه وكسب منه البطولة والكأس ثلاثة أهداف.. كما حقق الفريق الكثير من البطولات الداخلية للمنطقة الشرقية وكانت اول جائزة في تاريخ مدينة الدمام هي كأس سبانو عام 1371ه التي قدمها حسن سبانو مدير شركة كهرباء الخبر وكسبها الاتفاق في مباراة امام الاتحاد. نجوم كبار * قدم فارس الدهناء في حقبة الثمانينيات الهجرية نجوماً كباراً أمثال أبناء الفصمة سعود ومحمد وإبراهيم وخليل الزياني وعثمان باطوق وعبد الله يحيى وغدرة والمخيزيم والبلوشي وأسماء تجلت أيضاً في الثمانينيات الميلادية يتقدمهم صالح خليفة وعيسى خليفة ومبارك الدوسري وعمر باخشوين ومروان الشيحة وسامي جاسم وسلمان نمشان وجمال محمد وهذه الأسماء نجحت في تحقيق إنجاز غير مسبوق البتة عندما احرز الاتفاق بطولة الدوري الممتاز عام 1402 - 1403ه بلا هزيمة بقيادة مدربه الوطني القدير المحبوب خليل الزياني وكذلك بطولة الدوري الممتاز عام 1406 - 1407ه كما حقق الاتفاق بقيادة نجومه الكبار بطولة مجلس التعاون الخليجي للاندية عام 1408ه إضافة لبطولة كأس الملك عام 1405ه وهذه الانجازات وغيرها حققها فارس الدهناء بقيادة رئيسه الذهبي المثالي عبد العزيز الدوسري. الانقسام الأول * في حين انطلقت الرياضة بالمنطقة الوسطى في النصف الثاني من عقد الستينيات من القرن الماضي عبر فريق الموظفين الذي كان يُعد أول فريق رياضي يمارس كرة القدم بمنطقة الرياض ففي الوقت الذي أخذ فيه كبار الموظفين ينقلون من المنطقة الغربية إلى الرياض تجمع عدد من الموظفين ومنهم حمزة جعلي ومحمد عبد الله الصايغ ويوسف عابد وعبد الله أخضر وأحمد صايغ وأمين وغيرهم من موظفي الدولة كانوا يزاولون رياضة كرة القدم عصر كل يوم جمعة في أرض كانت بجوار شركة الكهرباء في الملز، وقد تزعم المجموعة كل من الشيخ حمزة جعلي ومحمد الصايغ ثم انضم اليهم الشيخ عبد الرحمن بن سعيد والشيخ عبد الله بن أحمد وصالح ظفران وإزاء ذلك ظل هذا الفريق يمارس رياضته المفضلة كل يوم جمعة وبمرور الأيام أضحى مزدحماً باللاعبين غير أن الاختلاف الذي حصل بين حمزة جعلي وفؤاد صايغ ساهم في حدوث عملية الانفصال الأول عام 1367ه وتمخض عنه ولادة فريق شباب الرياض (الشباب حالياً) الذي تزعمه الشيخ عبد الرحمن بن سعيد وأسسه بدعم قوي ومباشر. ابن سعيد أسس الشباب * عندما عزم الشيخ عبد الرحمن بن سعيد المضي في الاستمرار حيال تأسيس فريق الشباب انضم معه مجموعة من الموظفين ومنهم عبدالله بن أحمد وصالح ظفران ومحمد إبراهيم مكي وعبد الحميد مشخص ومحمد أحمد صائغ.. وما أن استقل أبو مساعد بالفريق حتى بدأ التنافس يبلغ مدى التعصب والحزازيات بين فريقي الموظفين وشباب الرياض شيئاً فشيئاً وخرج هذا التنافس عن إطاره المألوف فصدر قرار بمنع مزاولة الرياضة وتفكك فريق الموظفين وانحل حيث انضم بعضهم لفرقة ابن سعيد والبعض ترك الكرة نهائياً فانحل اول فريق رياضي يمارس الكرة بالمنطقة الوسطى (الموظفين) ثم تأسيس فريق اهلي الرياض (الرياض حالياً) عام 1373ه ثم النصر عام 1375ه أما الأولمبي الهلال حالياً عام 1377ه. الانقسام الثاني * ففي عام 1377ه حصل الانقسام الثاني بين الشباب والأولمبي.. وبقي الشبابيون برئاسة ابن أحمد واستقل عبد الرحمن بن سعيد بالأولمبي فريقاً جديداً بالساحة الرياضية.. وقصة تأسيس الأولمبي كما رواها لي أبو مساعد - والكلام للساعاتي - أنه في يوم 20-4-1377ه اتصل الأمير خالد بن سعود بابن سعيد وطلب حضوره في الناصرية لمقابلته للأهمية وبعد مقابلته طلب منه إنشاء فريق وافتتاح نادٍ.. وفي اليوم الذي تلاه حضر ابن سعيد لمقابلة سموه بالناصرية واتجها - الأمير خالد والشيخ عبد الرحمن - لمقابلة الملك سعود - رحمه الله - وبعد تأدية التحية والسلام.. سأل الملك الراحل ابن سعيد عن الأسباب التي أدت إلى الاستقالة وطلب منه إنشاء نادٍ آخر وله حرية الاختيار (اسمه ومكانه فوافق أبو مساعد على الطلب الكريم.. وعطفاً على المساكين الذين خرجوا من الشباب لأجله وضحى بكل ما يملك في هذا السبيل اجتمع ابن سعيد باللاعبين جميعاً وأبلغهم بالخبر. وقد اتفق الاولمبي مع الشباب على إقامة تمارينه على ملعب الشباب بالمناصفة.. يوم للشباب.. ويوم للاولمبي واخذ الاولمبي يجد في تمارينه ويزداد نمواً ونضجاً ولم يمض عليه وقت طويل حتى تمكن من الوقوف على قدميه وعدّ في عداد أندية الدرجة الأولى. الأمر الملكي طبع اسم الهلال وعندما دخل الأولمبي في طور جديد اشترك في مباراة ثنائية على كأس الملك وبحضوره ولعب ثنائي الأولمبي والشباب مع ثنائي الأهلي والكوكب وفي أثناء المباراة سأل الملك سعود - رحمه الله - عن أسماء الأندية المتبارية أمامه فعرفوه بأسمائها وحينما جاء اسم الأولمبي (فكر) وتساءل (يرحمه الله) لماذا النادي باسم غير عربي!!؟ ثم أمر محمد الدغيثر ومحمد الصائغ بإبلاغ النادي بضرورة تغيير اسمه باسم عربي وهنا اتفق أعضاء النادي على بعض الأسماء واستقروا على رفع ثلاثة اسماء هي: اليمامة، الوحدة، الهلال.. رفعت هذه الأسماء إلى الملك سعود لاخذ موافقته على أحدها.. فشطب على الاسمين الأولين وأبقى الاسم الثالث الهلال.. وابتداءً من يوم 21 جمادى الاولى 1377ه سُمي الأولمبي باسم الهلال. نجوم الرعيل الأول * عندما تزعم ابن سعيد رئاسة النادي بعد تأسيسه كان ضمن الرعيل الاول ممن مثلوا (الزعيم) آنذاك مبارك العبد الكريم وصلح أمان والكوش ومهدي بن علي وابن موزان ورجب خميس ثم سلطان بن مناحي ومبروك الدبلي وعبد الله سوا وعبد الرحمن (الدينمو) وحامد عباس وهذه المجموعة برئاسة ابن سعيد نجحت في دعم المسيرة الهلالية (فنياً) وقيادة الفريق لمنصات التتويج في الثمانينيات الهجرية. أول بطولة هلالية * كانت أول بطولة حققها الهلال بعد تصنيفه رسمياً مطلع الثمانينيات ضمن أندية الدرجة الأولى حصوله على كأس الملك لموسم عام 1381ه في المباراة الختامية التي جمعت الوحدة بشقيقه الهلال في 20 شعبان عام 1381ه في ملعب الصائغ بالرياض وانتهت لصالحه 3-2 سجلها نجمه الراحل رجب خميس (هاتريك) وهي أول بطولة حقيقية على مستوى المملكة وقد شارك في صنع اول بطولة هلالية كل من النجوم ناصر بن موزان وصالح أمان والدينمو والكوش، الدبلي، حامد عباس ومبارك العبد الكريم، ومهدي بن علي وأيمن محمود وسلطان بن مناحي ورجب خميس. * هذا الإنجاز الذي حققه الهلال جاء ليسحب بساط البطولة من تحت أقدم المنطقة الغربية والهلال لم يحقق هذا الانجاز مصادفة بل جاء ليؤكد أن التجارب والتاريخ لا يستطيعان أن يحافظا على البطولات إلى الأبد. * لم يتقاعس الأزرق وينتشي بالنصر الذي حققه موسم 1381ه بل نجح في تحقيق إنجاز اكبر عندما كسب بطولة كأس الملك وكأس ولي العهد عام 1384ه كأول فريق بالمنطقة الوسطى يجمع كأسي الموسم عن جدارة. * وفي عام 1388ه وصل نهائي كأس الملك ولعب ضد الاتفاق لكنه خسر 4-2 رغم أن المواجهة الذهبية أُقيمت على ملعبه وبين جماهيره فغاب عن ساحة البطولات حتى عام 1397ه عندما نجح جيل إبراهيم اليوسف وناجي عبد المطلوب وعبد الله العمار وبشير الغول ومرزوق سعيد.. في اعادة هلال الثمانينيات لساحة البطولات من جديد بعد فوزهم ببطولة الدوري عام 1397ه برئاسة الأمير هذلول بن عبدالعزيز.