وصلتني رسائل عدة تطلب مني طرح موضوع (حاجات المعاقين) من خلال هذه الزاوية، وحينما رأيت أن عدد الرسائل قد زاد، سألت عن مشكلة المعاقين ولماذا ظلت حالاتهم بحاجة إلى عناية ومتابعة بالرغم من تطور أساليب المتابعة، وتوافر الإمكانات المادية والتقنية، ووجود التجارب البشرية الناجحة في هذا المجال؟ وزيادة على ذلك كله وجود وزارة مختصة بهذا الأمر المهم من أمور المجتمع؟ سألت عن ذلك فوجدت ما يشبه الإجماع من أهل المعاقين أو المعاقين أنفسهم الذين تحدثت معهم على أن هنالك تقصيرا كبيرا من المجتمع نحوهم، فالإعانات التي تقدم لهم من الدولة غير كافية لتغطية تكاليف هذه الفئة من الناس الذين يحتاجون إلى أدوية مرتفعة الأسعار، وأجهزة غالية الأثمان، ويحتاج بعضهم إلى وسائل تنقل من عربات وسيارات خاصة لا قبل لهم بتكاليفها، أما التجار ورجال الأعمال فهم مقصرون جدا مع هذه الفئة، فلا مراعاة لحالاتهم واحتياجاتهم، ولا يجدون خصوما خاصة بهم، ولا بطاقات تنفعهم في تجاوز مشكلاتهم المالية، ولا وظائف مخصصة لهم مع أن لديهم قدرات وظيفية وفنية ممتازة. وهكذا حينما دخلت إلى عالم السؤال عن هذه الفئة العزيزة من فئات مجتمعنا، وأدخلني ذلك إلى عالم الإجابة عن أسئلتي، شعرت أنني أمام مشكلة كبيرة لا يشعر بها إلا من يعايشونها، فالشوق لا يعرفه إلا من يكابده، والنار لا تحرق إلا قدم من وطئها. إن المعاقين الذين ميزهم الله سبحانه وتعالى عن غيرهم بالابتلاء الذي يتعاظم أجره، ويرتفع مقام الصابرين عليه عند ربهم سبحانه إلى الدرجة التي يصبحون بها مكان غبطة الناس لهم يوم القيامة لما يرون من عظيم أجرهم وحتى يتمنى في ذلك اليوم العظيم من لم يصب ببلاء في الدنيا أن يكون قد أصيب به لما يرون من أجر المبتلين، أقول: إن هؤلاء المعاقين بحاجة إلى لفتات ولفتات، وإلى عناية تناسب ما يحتاجون إليه، وتواكب حالاتهم الخاصة التي تجعل حاجتهم إلى سكن، ووظائف، وزواج، وأجهزة، وأدوية، حاجة كبيرة لا يناسبها ما هو مبذول لهم الآن، فوزارة الشؤون الاجتماعية بحاجة إلى تطوير جانب رعاية هؤلاء الناس، والجمعيات الخيرية مطالبة بالالتفات إليهم بصفة خاصة، والمحلات التجارية مسؤولة عن تخصيص خدمات خاصة بهم، والمجتمع كله مطالب بإعادة ترتيب أساليبه في دعم المعاقين والتعامل معهم ماديا ومعنويا. صدقوني -أيها الأحبة- أنني قد فوجئت بتقصيري الشديد في معرفة أحوال المعاقين، ومد يد العون لهم مع أنني حريص على متابعة كثير من المظاهر الاجتماعية التي تحتاج إلى متابعة، وأنا -على يقين- لو أنكم بحثتم عن حقيقة دوركم في التعامل مع أحبتنا المعاقين فستفاجؤون بالتقصير الذي فاجأني. إنني أضم صوت الحريص المحب إلى أصوات المعاقين الكرام وأهلهم الذين يطالبون بإعادة النظر في وسائل وأساليب دعمهم ورعايتهم. أما المعاقون فبشرى لهم -إذا صبروا واحتسبوا- بأجر عظيم في الآخرة، وبشرى لهم بعطاء نافع لمجتمعهم وأمتهم في الدنيا إذا كبرت عزائمهم، وعظمت هممهم. إشارة: الشيخ أحمد ياسين -رحمه الله- يسلم على كل معاق ويقول تذكروا ما صنعت وأنا على كرسيّي المتحرك. www.AWFAZ.com