رعى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ محمد بن عبدالله السبيل حفل افتتاح فعاليات المركز التوجيهي بمتنزه السودة، والذي ينظمه فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة عسير. وقد أقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدىء بالقرآن الكريم، فكلمة لفضيلة المدير العام لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة عسير الشيخ عامر بن عبدالمحسن العامر، ابتدأها بحمد الله والثناء والشكر له سبحانه على ما من به على الجميع من نعمة ظاهرة وباطنة، ثم تقدم بالشكر والتقدير لمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعضو هيئة كبار العلماء وإمام وخطيب المسجد الحرام على كريم تلبيته لدعوة المشاركة في فعاليات المركز التوجيهي بالسودة، سائلاً الله لمعاليه الأجر والمثوبة. وأوضح فضيلته أن إقامة هذا المركز يأتي بعد النجاحات التي تحققت في الأعوام الماضية من إقامتها. كما أزجى فضيلة الشيخ العامر الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير على ما يوليه سموه من رعاية واهتمام لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة عسير، سائلاً الله أن يثيب سموه وأن يجعل أجر ذلك في موازين حسناته ثم شكر فضيلته للحضور حسن مشاركتهم وتفاعلهم بالحضور لإثراء اللقاء. بعد ذلك ألقى فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله السبيل الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وعضو هيئة كبار العلماء وإمام وخطيب المسجد الحرام الكلمة التالية: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون أحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,. الواقع أن هذا المجلس فرصة مباركة اجتمعنا فيه بإخواننا في الله الذين نحبهم في الله ويحبوننا فيه نسأل الله عز وجل أن تكون المحبة خالصة لوجهه الكريم وأن يجمعنا في دار كرامته ومستقر رحمته كما ضمنا هذا الحفل المبارك. أيها الاخوة هنا نقطتان قبل البدء في عنان المحاضرة اشار الى احداهما الاخوان في المقدمة وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا قوام الدين ولا يقوم الدين الا به متى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اصبح المنكر بين الناس مألوفاً ومعروفاً ونسي الأمر بالمعروف, فلذلك اهتم القرآن بهذا الموضوع اهتماماً عظيماً وهذه الأمة حازت من الفضل والثناء عليها بقيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالله عز وجل يقول خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين لان من أمر بالمعروف لابد أن يكون هناك جاهلون يحاولون صد من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فالله نبهنا بهذا وأن نعمل به خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين لان الجاهل الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً هذا ليس محل خطاب ولا تستطيع ان تخاطبه لأنه لا يفهم ما تقول ولا يعي ما تتكلم به فهذا الإعراض عنه هو الأولى واعرض عن الجاهلين فالله أخبر أن الأمة المحمدية أنه خلقها وجعلها خير الناس وبين بهذه الخيرية ما هو سببه فقال عز وجل (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) فإذا تم الإيمان للعبد واتصف بهذا الوصف وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد اتصف بالخيرية التي وصف الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنها خير الناس وخير ما قد سبقها من الأمم لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الأمور وسبب من أسباب جلب الخيرات وكثرة الارزاق وقلة العداوات وابطاله وتركه سبب لكل شر متى ترك والعياذ بالله حصل الوعيد الشديد من الله عز وجل بقوله تعالى (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا). فاللعن والعياذ بالله من اعظم العقوبات ولذا ذكر العلماء رحمهم الله معنى اللعن وهو الطرد والابعاد عن رحمة الله فلذلك ابليس لعنه الله لما ابى واستكبر ولم يمتثل امر الله بالسجود لآدم فلعنه الله وطرده وابعده عن رحمته، فهذا من اعظم الذنوب والعياذ بالله، كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى ويشدد النهي في استعمال هذه الكلمة من اللعن والشتم ونهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك ورد في الحديث من لعن شخصاً فإن اللعنة تصعد الى السماء ثم ترجع فاذا كان المقول له مستحقاً لها والا رجعت الى صاحبها الذي تكلم بها, وهذه عقوبة عظيمة والنبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة من غزواته وكان اذا غزا ربما يصحبه بعض النساء اللاتي لهن القدرة على العمل والقدرة على معالجة الجرحى وعلى جلب الماء لهم على ما يفيد الغزاة فكانت منهن امرأة راكبة على ناقتها فحصل من الناقة ما حصل فلعنتها والعياذ بالله فقال صلى الله عليه وسلم: لا تتبعنا ناقة ملعونة فنزلت عنها وتركتها وسرحتها، وكل هذا عقوبة على هذا الأمر وهو اللعن فأي عقوبة تحل بمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا). والأمر بالمعروف له طرق ووسائل ومن طرقه أنه ينبغي ان يكون باللين وبالحكمة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقصد بذلك هداية الناس واصلاح من زل عن الطريق وألا يقصد الآمر والناهي التعالي على الناس او يظهر ان له امراً او نهياً وعليه ان يقصد بذلك هداية الناس واصلاحهم فيسلك الطريق الأسلم والطريق الذي فيه التأليف بين الناس، وتأمر بالمعروف بأسلوب حسن يقبل منك ويوصلك الى المقصود بحسن ولين ومن اعظم ما يبين هذه الطريقة ما ذكر الله عز وجل حينما ارسل موسى عليه السلام الى فرعون وارسل معه اخوه هارون بعثهم الى فرعون وفرعون اكفر اهل الارض في زمانه بل لم يأت احد غير فرعون من يقول (أنا ربكم الأعلى) ويقول (ما علمت لكم من إله غيري) هذا هو فرعون فإذا كان هذا هو فرعون وهذه صفاته ومع ذلك لما بعث الله له انبياءه قال فقولا له قولاً ليناً لعله يذكر أو يخشى فهل فوق هذا الطغيان طغيان فأنت ايها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عندما ترى منكراً شديداً في نفسك ينبغي لك ان تصبر نفسك وتأمر باللطف واللين من اجل ان يحصل مقصودك ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين خذ العفو من الناس لا تحملهم ما لا يطيقون وادعهم بالتي هي احسن وبما يستطيعون وامر بالعرف لكن استعمل اللين قبله في دعوتك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا فعلت ذلك سلكت الطريقة الاسلم والطريق الارشد الطريق الذي بينه الله لنا لنسلكه ونعمل به ولابد من امر بالمعروف او نهي عن المنكر ولابد ان يتسلط عليه بعض الجهال ويسمعونه بعض الكلام السيء وربما تكلموا به في غيابه وربما الصقوا به عيوباً لم تكن فيه وربما نسبوا إليه اقوالاً لم يقلها فعلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ان يوطن نفسه على ذلك وان يصبر والصبر امر الله به انبياءه الذين بعثهم واصطفاهم واختارهم للخلق وامرهم بالصبر ولذلك اصبر الانبياء أفضلهم كما قال عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو افضل الخلق أجمعين وافضل الأنبياء والمرسلين، أفضل من كل أحد حتى من الملائكة وأفضل الخلق على الاطلاق هو نبينا صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يقول له سبحانه وتعالى (فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل) وأولو العزم خمسة ومنهم افضل الانبياء اولهم نوح عليه السلام وابراهيم الخليل وموسى وعيسى ومحمد اكملهم وافضلهم عليهم جميعاً صلاة الله وسلامه فالله عز وجل يقول لنبيه فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل وقد صبر صلى الله عليه وسلم فوق صبره وهو اصبر الناس عليه الصلاة والسلام في الدعوة الى الله وفي اسلوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولان فضيلة الصبر واجر العبد لا حد له وغير محدود اجر الصابر يقول الله عز وجل (انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) فالحسنة بعشر امثالها الى سبعمئة ضعف لكن الصبر لا حد له فالله عز وجل يأمر نبيه ان يتأسى باولي العزم فتأس بهم وصار فوق قدرهم صلى الله عليه وسلم بصبره، والله اخبر عن موسى ان بني اسرائيل آذوه اشد الايذاء ولذلك يقول الله عز وجل محذراً هذه الأمة (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذو موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) فنجد ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من افضل الاعمال ولا يتم الا بالصبر وبالطريقة الحسنى, اما النقطة الثانية: وهي في هذه الاجازات كثير من الناس يقضي فيها فراغه اما للزواج او للذهاب والمجيء ولكن كثيراً من الناس والعياذ بالله اتخذوا هذه الاجازة لقضاء امور لا ينبغي للمسلم ان يفعلها ومن اهمها الاسراف في الحفلات كحفلات الزواج او حفلات قدوم الغائب ونحوها,,. وقد تحدث الشيخ عن وجوب شكر النعم وحث الناس على استغلال اوقاتهم فيما ينفع ثم بعد هذه المقدمة تحدث معالي الشيخ عن التقوى ومعانيها وحقيقتها, وان التقوى هي اساس كل شيء في محاضرة شيقة حضرها جمع غفير من المصطافين ومن سكان المنطقة.