وضع الإمام الماوردي في كتابه الشهير أدب الدنيا والدين نصائح عظيمة وتنبيهات في غاية الاهمية في ضرورة الاستفادة من أصحاب التجربة السابقين، وعدم الاعتماد على بعض الخصال التي قد تكون فينا مثل الحماسة والعلم والذكاء وغير ذلك من الخصال الإيجابية، فهذه الخصال مهمة إلا أنها لا تكمل إلا بالاستفادة من تجارب السابقين، ومناهج المتقدمين حتى تكون عونا للأجيال اللاحقة، وعلامات يستفيد منها الخلف من السلف، ومما ذكر الماوردي في كتابه سالف الذكر في هذا المجال قول الشاعر: الم تر أن العقل زين لأهله ولكن تمام العقل طول التجارب وهنا يحسن بنا أن نوظف كلام الماوردي وغيره ممن قبله أو بعده توظيفا عصريا في وقتنا هذا، فالمعنيون بتاريخنا وتراثنا لديهم الكثير من الرواد الذين خدموا كثيرا وقدموا كثيرا والأمثلة أكثر من ان تحصر واشهر من ان تذكر، لكن هناك اسماء تحضر بقوة من امثال الأساتذة ابن جاسر وابن خميس وابن جنيدل والعبودي والعقيلي وغيرهم من طبقتهم, ومن أجل هذا ألا يحسن بجهاتنا البحثية والثقافية أن تقدم مشروع هؤلاء الأعلام العلمي والتراثي للجيل الجديد، الذي تنقصه الخبرة والممارسة، وذلك بنشر تراجمهم وفهارسهم وقوائم مصنفاتهم، وكل ما لهم ارتباط به في الجوانب العلمية حتى يسهل على الجميع الرجوع اليها. ولا يغيب عن الأذهان في هذا المجال القائمة الببلوجرافية التي نشرتها مكتبة الملك فهد عن الشيخ حمد الجاسر، وصدرت دراسة مقارنة عن الشيخ ابن خميس ايضا ونتمنى ان نشاهد مثلها عن البقية. وعلى العموم فأكبر تكريم لمثل هؤلاء ان يشاهدوا تلاميذهم وابناءهم قد نهلوا من علمهم واستفادوا من طرحهم. علماً بأن هناك كتباً ودراسات خرجت من اعلام في العالم العربي مثل احسان عباس ومحمود شاكر، وناصر الدين الأسد،ولقيت رواجاً وحضوراً عند تلاميذهم وكل معني بنتاجهم العلمي. فكلنا أمل في جهاتنا البحثية والعلمية أن تحفظ لنا تاريخ الرواد ونتاجهم العلمي حتى يبقى ما قدموه نبراساً يقتدى به. وعلى العموم المطالب الأكبر بهذه الأعمال مع الجهات والمراكز الثقافية هو تلاميذهم الذين تلقوا عنهم العلم، فهم أدرى الناس بمناهجهم وكتبهم وما نشروه من الكتب والمقالات والأبحاث، وما ألقوه من المحاضرات، وما شاركوا به من أوراق عمل في الندوات والمؤتمرات.