مستقبل المرأة السعودية وثيق الصلة بمستقبلها في التنمية وبمساحة ما يطرحه الإسلام لها من حقوق حيث تقدمت في مجال العمل الوطني, ومهما كان لها من دور كبير ومتعاظم في حقل العمل التنموي وبروز دورها الوظيفي في كافة مجالات الحياة وعلى كل الأصعدة الإعلامية والثقافية والتعليمية، والاجتماعية والاقتصادية والأدبية,, ميادين شتى خاضتها المرأة بخطى ثابتة، وبشخصية واثقة، وعقل متفتح، وسلوك رزين، وبعزم لا يلين وبفكر وثاب، وإبداع علمي يتوافق مع عصر الهندسة الوراثية والذرة والفيمتو ثانية، وما بعد الحداثة, وبالطبع فإن ذلك التطور والتقدم الذي لحق بالمرأة لا يتناقض مع حقيقة هويتها الإسلامية ودورها كأم وزوجة، وتغيرت الفكرة التي ذكر بشأنها عمر بن الخطاب بقوله: والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء أمراً حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ماقسم , والمجتمع السعودي مجتمع الحضارة الإسلامية يجل المرأة ويحترم دورها في رعاية زوجها وتربية أبنائها وود أهلها وخدمة مجتمعها. وأدركت المرأة السعودية ما حققه لها الإسلام وتمسكت به ودافعت عنه، وبكل ثقة اصرت على ما فرضه الله لها من حق، ولا أحد ينكر عليها أو يناقشها فيه لأنهم قد آمنوا بالله وكتابه ورسله, فما هو ذلك الحق الذي منحه الله لها: إنه السمو بالمرأة ليكون لها دور متميز في المجتمع الانساني، فلقد رفع الإسلام عنها ما أثقلتها به حياة الجاهلية من مظالم، فنظم الإسلام العلاقة الفاعلة الموجبة بين الزوج والزوجة، وأصبح النسب والمصاهرة والولاء هي اساس الصلات المعتبرة, وأوصى الإسلام بها خيرا بل قرر ضرورة الإحسان بالوالدين وارتفع بهذا الإحسان الى درجة عالية لا تبيح للابن أن يتأفف أو يظهر الضجر من أفعال الأب والأم، وحينئذ خص الأم بمزيد من الرعاية والعناية والشكر على صنيعها في تربيته وتنشئته وإشباع حاجاته وتدريبه وتعليمه والدفع به الى تيار المجتمع ليحتل مكانه اللائق به. والمرأة المسلمة كساها الإسلام بحلة من الطهر والعفة، فأمرها بالنأي عن الآثام، والبعد عن مواطن الزلل أو الشك أو الريبة حيث ان الإسلام قد شكل تكوينها وبنى شخصيتها وأمرها بالتقوى والعمل الصالح، وحثها الا ترضى بالهوان أو الكره على فعل الموبقات والا تجنح للانزواء والاغتراب والاستكانة بل تتطلع الى الله في مجمل عملها وتصرفاتها وسلوكها،رهبة وتعظيما لله تعالى وسلاحها الرئيسي في ذلك هو الإيمان, ولذا فإن سجل المرأة السعودية في هذا الإطار الاخلاقي يتحلى بالفضائل والتماسك والاستقرار ايا كانت ظروف معيشتها في بيتها، فالصدق والإخلاص لزوجها وأبنائها، والكرم والجود لأهلها، والوفاء والصبر والحلم والعفو صفات تتميز بها المرأة السعودية المسلمة عن غيرها من بنات جنسها في مجتمعات الانفتاح واهتراء الحواجز، والخضوع لآليات العولمة وقيمها وأثرها السالب في السلوك الإنساني المحرض على الطبقية البغيضة والأنانية المقيتة. ويمكننا القول ان الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه بذل جهداً كبيراً لتثبيت الفضائل وتطهير الأسرة المسلمة من الرذائل ونجح نجاحا عظيماً في تثبيت دعائم الأخلاق الإسلامية في نفوس المسلمين حيث بعث متمماً لمكارم الأخلاق التي هي عماد قيام الأسرة المسلمة وتخريجها لعناصر صالحة يتكون منها المجتمع الإسلامي. فكيف تربت هذه المرأة المسلمة السعودية التي نباهي بها بين نساء العالم الإباحي السافر، مجتمع الليبرالية الحزبية، مجتمع الغزو الثقافي والهيمنة والتسلط، وصراع السوق، وضياع حقوق الإنسان، وتفشي البطالة، والإحساس بالغربة، وانتشار الجرائم والانحراف مع عدم القدرة على مواجهة الجريمة المنظمة والمتطورة. ولعله يفهم من هذا ان العولمة لها تأثيرها السلبي في سلوك الإنسان والحل إزاء ذلك هو الرجوع الى منهج الإسلام القويم فهو ينهض على عاملين مهمين أولهما: انه منهج مرجعي لاشتماله على مبادىء سمحة وثانيهما: انه منهج يتضمن التأسي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في شخصيته الفذة الفريدة في صفاتها التي هي خير قدوة يقتدي بها المصلحون. ومن حسنٍ ان هذين العاملين سيظلان نبراساً لنا نهتدي بهما في نظم الحكم بالمملكة لدينا ونقتبس منهما: المساواة وليس الاستعلاء، والعدل وليس الرياء. هكذا تربت المرأة المسلمة، والمرأة السعودية هي النموذج الأوفى لهذه التربية التي تعلي من شأنها وتجعلها مرفوعة الهامة في اقتصاد السوق وعالمية الإنتاج الداعي لتدهور الأخلاق سعياً وراء سعر الربح الذي يمثل عنصر قيام الحضارة المعاصرة وما تدعو اليه من استسلام لفرض طريق التقدم بأسلوب يقضي على الشخصية المسلمة ويبث الشخصية الغربية وعجباً ان ينعتوا المرأة العربية بأنها متزمتة ويطالبونها بأن تعيش في ردهات الاستغراب منهجاً وأسلوباً وطريقاً لحياة أبنائنا أو حتى أضعف الإيمان في حياة النخبة من بيننا. إننا يجب ان نقف ضد هذا التيار الجارف فيما تبثه وسائل إعلامهم وتتناقله فضائياتهم، وبعض القادمين من بلاد الفرنجة, وفي مواجهة هؤلاء نقول ان المرأة السعودية دوما ستظل نموذجاً للحضارة الإسلامية.