اهتمت المملكة العربية السعودية بصحة المواطن والمقيم، وذلك منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز، غفر الله له، حتى الآن، فتم إنشاء جمعية الإسعاف الخيري عام 1353ه ثم حول اسمها إلى جمعية الهلال الأحمر السعودي عام 1383ه، ونظراً لأهميتها أصبحت مرفقاً مستقبلاً، ووفرت لها الإمكانات البشرية والمادية، فانتشرت فروع الجمعية في كافة أنحاء المملكة العربية السعودية ذات الأطراف المترامية، ويشاهد ويشهد الجميع على تطور ذلك المرفق الحيوي الهام في عدد منسوبيه وآلياته وتجهيزاته ومستوى أدائه في العمليات الإسعافية، إضافة إلى خدمات الجمعية الجليلة المقدمة لخدمة ضيوف الرحمن، والدورات الإسعافية التدريبية الموجهة لأفراد المجتمع والتي استفاد منها أكثر من مائة ألف متدرب خلال العشر سنوات الماضية، والمشاركة الفاعلة في المناسبات والمهرجانات الوطنية. وامتدت خدمات الجمعية الإنسانية خارج حدود الوطن لمساعدة الدول التي تعرضت للكوارث، وكل عمل إنساني معرض للنقد، فالنقد الهادف من المواطن، وتقبله من المسؤول أساس في التقدم والرقي الذي تسعى له المملكة، والنقد لا يعني الإخفاق، بل طريق الوصول إلى الكمال. وحديثي هنا حول السلامة، فالسلامة مطلب الجميع، وعند حصول حادث لا قدر الله، ووجود الإصابات البشرية، فإن السلامة تتطلب حضور الإسعاف لنقل المصابين بصورة آمنة، وتحت إشراف طبي حتى وصولهم للمستشفى، ومع المطالبة بسرعة نقل المصاب إلى المستشفى، إلا أننا كذلك نريد السلامة للآخرين. وأركز على سلامة (سيارة الإسعاف)، لتحقيق سلامة المسعفين، وسلامة المصاب، وسلامة الآخرين في الطريق، حتى نحقق ذلك لا بد من تأهيل قائد الإسعاف قبل العمل، والتدريب المستمر، والكشف الطبي الدوري أثناء العمل، وأتوقع أن الجمعية لم تغفل تلك الأمور، وما جعلني أكتب حول هذا الموضوع هو مشاهدات وخواطر أحببت نقلها إلى مسؤولي الجمعية.اتفقت والعائلة على الخروج في نزهة برية خروجا من النمط الروتيني للمدينة، فجهزنا كل ما نحتاجه لتلك الرحلة، وخرجنا والابتسامة لا تفارقنا، والفرحة لا تسعنا، وفجأة كادت الابتسامة أن تختفي، والفرحة أن تنطفئ، فعندما كنت في دوار أحد الطرق - والأفضلية كما هو في نظام المرور لمن بداخل الدوار - إذا بسيارة كلها أنوار مشعة متجهة نحوي، وكأنها تريد الانقضاض علي، وبفضل الله ثم مهارة السائقين تجاوزنا تلك المحنة، ثم تبين أن تلك السيارة المسرعة سيارة إسعاف، فلم تكن إلا بضعة سنتيمترات وتقع الكارثة، فأنا في طريقي، وهو قادم بأقصى سرعته، والحمد لله على كل حال، مع ثقة وتقدير خالصين لذلك السائق، فأنا أعلن يقينا أن قصده الخير، ولكن ما كل مجتهد مصيب. حمدت الله سبحانه على السلامة، وحزنت لأن هذا الموقف الذي حدث معي قد يتكرر مع غيري، وعزمت على الكتابة حول الموضوع، ولكن وعلى طبيعة العرب العاطفية، بدأت تخبو شمعة الحماس، حتى انطفأت. ثم قرأت بعد ذلك في جريدة الجزيرة بتاريخ 1-8-1427ه خبراً مفاده أن مركز إسعاف الربوة في الرياض عقد ورشة بعنوان (آلية التعامل مع معدات سيارة الإسعاف، والحالة الإسعافية) وورد في الخبر: أن هذه الورشة تعد الأولى على مستوى المملكة التي يتم من خلالها تنشيط معلومات المسعفين، فيما يخص الحالات الإسعافية.وهذا عمل إيجابي يشكرون عليه، فالموظف بحاجة مستمرة إلى مراجعة معلوماته، والاطلاع على الجديد في مجال عمله، ولكن حبذا لو كان من ضمن تلك الدورة التدريب على قيادة سيارة الإسعاف، وكيفية التصرف في المواقف الخطرة، مثل قطع الإشارة الضوئية، وتجاوز السرعة المحددة، إضافة إلى أن تشمل تلك الدورات كافة مراكز الجمعية في المملكة، إضافة إلى قائدي الإسعاف في المستشفيات والمستوصفات الأهلية، وتكون مستمرة على مدار العام. ثم وقع الفأس في الرأس، وحصل ما كنت أتوقعه ولا أتمناه، وذلك يوم الثلاثاء 5-8-1427ه في إشارة تقاطع طريق الملك عبد الله مع طريق الملك خالد أمام جامعة الملك سعود، حيث التحمت مقدمة سيارة (جيمس صالون) بأبواب سيارة الإسعاف، ولو كانت الضربة قوية، أو أن السائق لم يتحكم في السيارة، لسقط الإسعاف من على الجسر.عند ذلك شمرت عن ساعدي للكتابة حول هذا الموضوع المهم، ومناشدة المسؤولين في جمعية الهلال الأحمر السعودي بتدارك الأمر، وثقتي كبيرة بمعالي الدكتور صالح بن حمد التويجري رئيس جمعية الهلال الأحمر بالإنابة، وجميع منسوبي الجمعية، الذين يسعون إلى كل ما فيه الخير للوطن والمواطن. وزارة التربية والتعليم [email protected]