شهد هذا الأسبوع نزولاً حاداً أعاد للأذهان الانهيار الكبير الذي حدث خلال مارس الماضي، حيث انحدر المؤشر بنسبة 11.3%، والذي يعتبر استمراراً للنزول الحادث في الأسبوع الماضي (الذي بلغ 9.1%)، أي أن المؤشر قد خسر حوالي 20.4% على مدى الأسبوعين الماضيين، خاسراً نحو 2568 نقطة في أسبوعين. كما شهدت السيولة النقدية المتداولة تراجعاً كبيراً على مدى الأسابيع الماضية، حيث انخفضت من مستوى 159.2 مليار ريال في الأسبوع الأخير من شهر يونيه إلى 120.9 مليار ريال خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر، ثم إلى 109.7 مليارات ريال في الأسبوع الماضي، حتى انحدرت إلى أدنى قاع لها عند 84.9 مليار ريال هذا الأسبوع. ولعل الانحدار المريب في حجم السيولة المتداولة منذ بداية هذا الشهر ومن ويوم لآخر هو ما يثير الشكوك حول تلك المحافظ التي حجبت السيولة أو ربما صفيت أو انسحبت قبل فترة كافية من الإعلان عن الاكتتابات، كيف وبما تمكنوا من الانسحاب بالسيولة في ظل الظروف القاسية التي يمر بها السوق حتى هذه اللحظة؟؟ بل إن هذه المحافظ انسحبت في وقت كانت فيه غالبية المعطيات الاقتصادية في الاقتصاد الوطني، ومعظم المعطيات المالية من نتائج الشركات وغيرها في صالح إعطاء مزيد من قوة الدفع لسوق الأسهم اضطراب في حركة المؤشر ارتفاع عنيف ونزول قاسي افتتح المؤشر هذا الأسبوع على مستوى 11868 نقطة، أحزر خلال اليوم الأول انخفاضاً حاداً بنسبة 9.4%، حيث أغلق على مستوى 10758 نقطة، تلك الخسارة التي أعادت السوق إلى محور فقدان الثقة من جديد. تلاه انخفاض أقل حدة يوم الأحد الماضي بنسبة 2.9% ليغلق على 10443 نقطة، ثم عاود المؤشر الارتداد بقوة، حيث أحرز صعوداً إلى مستوى 11347 نقطة، ليكسب نحو 904 نقاط بنسبة 8.7%، ثم عاود مرة أخرى النزول بنسبة 1.4% ليفقد 155 نقطة، وأخيراً يوم الأربعاء شهد المؤشر نزولاً كبيراً نسبياً، حيث فقد 707 نقاط بنسبة 6.3% بإغلاقه على 10485 نقطة. بالتحديد، فإن المؤشر بعد الانخفاض الملحوظ الذي شهده الأسبوع الماضي، واصل نزوله هذا الأسبوع إلى مستوى أعلى، حيث خسر حوالي 1383 نقطة، والتي إذا أضيفت على خسائر الأسبوع الماضي فإن حجم خسائره يصل إلى 2865 نقطة، أي أن المؤشر خسر ما يعادل 20.4% من قيمته في أسبوعين. ومن أكثر ما يثير التساؤل كيف يمكن أن يحدث هذا النزول الحاد بنسبة 9.4%، ثم يليه بفاصل زمني يوم واحد ارتفاع كبير بنسبة 8.7%، ثم معاودة النزول مرة أخرى بنسبة ليست صغيرة (6.3%)؟ هل يوجد نظرية للتحليل الفني يمكن أن تفسر لنا أسباب هذا النزول الحاد وأيضا الصعود الكبير؟ هل يمكن أن نعزو سبب النزول للأحداث السياسية التي تمر بها المنطقة؟ وإذا سلمنا بهذا الافتراض، فكيف لنا أن نفسر الصعود الحاد رغم تفاقم حدة الأزمة السياسية فيما بعد؟؟ لا يوجد تفسير علمي لهذه التحركات سوى أن النزول كان إيحائياً، والصعود كان وهمياً. تجارب الماضي والحاضر تؤكد..لا تأثير كبير للأزمات السياسية على سلوك المستثمرين يشير العديد من المحللين أن النزول اعتيادي في ظل مخاوف المستثمرين من امتداد رقعة الحرب إلى دول مجاورة، ومن اضطراب المنطقة بالكامل، إلا أن هذا الرأي مردود عليه بأن انحدار السيولة لم يحدث بفعل الحرب بل سبقها بفترة كبيرة تزيد عن أسبوعين كما يتضح من الشكل أسفله. ومن ناحية أخرى حتى إذا قبلنا بهذا الرأي، فكيف لهؤلاء المحللين أن يفسروا لنا الصعود الحاد والسريع يوم الاثنين الماضي، أي بعد النزول الحاد بيوم واحد... كيف لهم تفسير هذا الصعود الحادث رغم عدم انتهاء الأزمة، بل نستطيع القول إنها أصبحت أكثر تفاقماً؟؟ بالطبع يتضح أن الحدث السياسي لم يكن له تأثير يمكن التعويل عليه في نزول أو صعود المؤشر. هل للاكتتابات دور في الانحدار العنيف للسيولة المتداولة يوضح الشكل أعلاه أن السيولة النقدية تكاد تكون العنصر الرئيس المفسر لأزمة السوق خلال هذا الأسبوع، ففي ظل اضطراب المؤشر، وانعدام الرؤية في تفسير تحركاته، فإن تحليل تحركات السيولة قد تكون أكثر فائدة. فالظاهر أن السيولة بدأت انحدارها منذ يوم الأحد الموافق 9 يوليو الحالي حتى بدأت تأخذ المنحنى الساقط بوضوح في 12 من هذا الشهر، وحدث السقوط في يوم السبت الماضي، وهنا بدأت تثار التساؤلات حول دور الاكتتابات في سحب السيولة النقدية من السوق. وعلى الرغم من قبول هذا الرأي نظرياً، إلا أن السوق السعودي يعاني في الأصل من تضخم حجم السيولة النقدية، التي تعتبر السبب الأول وراء الصعود المبالغ فيه للمؤشر في بداية هذا العام، فضخامة السيولة وضيق عمق السوق تشكل المعادلة الصعبة التي عانى منها السوق. فهل اختفت هذه السيولة فجأة، أم أن بعض الأطراف ترغب في خلق إيحاءات بأن حجم السيولة تأثر نتيجة الاكتتابات الجديدة؟؟ بالفعل الاكتتابات تؤثر في حجم السيولة، ولكن عند أي فئة من المستثمرين، بالطبع عند صغار المستثمرين أولئك الذين لا يمتلكون تأثيراً كبيراً على حركة السيولة في السوق، فتحرك نحو 100 أو 500 ألف أو حتى مليون مستثمر صغير لسحب ما يعادل مثلاً 20 ألف ريال للاكتتابات الجديدة لا يؤثر على حجم السيولة المتداولة سوى بمقدار 20 مليار ريال، هذا القدر ليس متوقعاً بالمرة أن يتم سحبه مرة واحدة، بل إن التداولات اليومية تقوم في الأساس على تحركات المحافظ الكبيرة والمتوسطة. المهم أن تأثير الاكتتابات حتى لو كان من خلال الإيحاء من جانب أطراف معينة في السوق بأن لها تأثير على حجم السيولة، بما يخلق نوعاً من الذعر البيعي ومزيداً من النزول، فإنها أثرت بالفعل على حجم السيولة النقدية في السوق، ومن ثم فقد خلقت ضغوطاً لنزول المؤشر. شائعة تأجيل الاكتتابات ومزيد من اضطراب المؤشر انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية شائعة مغزاها تأجيل الاكتتابات، ومثل هذه الشائعة تعرض السوق لمزيد من الاضطراب، حيث إن السوق لا يزال يعاني حتى اليوم من أثر هذه الاكتتابات الضخمة، التي يفترض إما حقيقة أو إيحاء أنها ستسحب جزءاً هاماً من السيولة المتداولة، ومن ثم ستقود إلى هبوط المؤشر. فهذه الشائعات تضع السوق في مهب الريح مرة أخرى بعد الصدمة العنيفة التي نالها خلال الأيام القليلة الماضية، فأي تأجيل حول الاكتتابات لاحق على سبيل المثال بعد أسبوعين (افتراضاً) من الآن، فإن ذلك يعني أن السوق سيظل في حالة غليان طوال هذين الأسبوعين. وهنا يأتي دور هيئة السوق المالية التي تركت هذه الأبواق تبلبل وتقول سواء بتأكيد الاكتتابات في موعدها أو تأجيلها، فشائعة التأجيل في حد ذاتها لم تكن في صالح تعزيز الاستقرار في السوق. نتائج أعمال إيجابية لمعظم الشركات القيادية معظم شركات الأسهم القيادية أعلنت عن أرباحها هذا الأسبوع، حيث أعلنت سابك عن أرباح تبلغ نحو 4.6 مليارات ريال للربع الثاني من هذا العام بارتفاع بنحو 10% عن الربع الأول، أي أنها حققت أرباحاً صافية للنصف الأول من عام 2006 بلغت 8.8 مليارات ريال. وبمقارنتها بأرباح النصف الأول من العام الماضي 2005، يتضح انخفاضاً في ربحية الشركة. وحقق سهم السعودية للكهرباء خلال الربع الثاني من هذا العام أرباحاً بنحو 728 مليون ريال مقارنة بخسائر تقدر بحوالي 436 مليون ريال خلال الربع الأول منه. في المقابل، حافظت شركة الاتصالات على الاستقرار في مستويات أرباحها، حيث حققت أرباحاً بنحو 6.8 مليارات ريال. بالتحديد، فإن غالبية الشركات القيادية أحرزت نتائج أعمال إيجابية، إلا أن الأمر المستغرب أن هذه النتائج الإيجابية لم تتمكن من التأثير على المؤشر بالشكل المرضي أو المأمول، فلا يزال هناك تركيز على أسهم المضاربة وهجرة لأسهم العوائد، وما يثير مزيداً من الاستغراب أن معظم أسهم المضاربة أحرزت نتائج سلبية خلال الربع الثاني مقارنة بالربع الأول، أكثر من ذلك، فإن الأسهم القيادية ذاتها باتت تمثل ضغوطاً كبيرة لنزول المؤشر. السوق يفقد كافة مكاسبه خلال الشهر الماضي ويعود لنقطة البداية الجدول (1) بعد الخسارة التي لحقت بالقيمة السوقية للأسهم المتداولة في الأسبوع الماضي بنحو 179.1 مليار ريال، حقق السوق هذا الأسبوع خسارة أكبر تقدر بحوالي 208.2 مليارات ريال، بما يعني أن السوق قد خسر حوالي 387.3 مليار ريال خلال الأسبوعين الماضيين. الأمر الذي يعيد السوق مرة أخرى إلى مستواه المتدني جداً خلال نهاية شهر مارس الماضي، وبما يجعل حجم الخسائر الكلية منذ 25 فبراير الماضي تعود لمستوياتها التي تناهز التريليون ونصف التريليون ريال. أداء كافة القطاعات السوقية في ظل التراجع الحاد لمؤشر السوق، شهدت غالبية القطاعات السوقية هذا الأسبوع تراجعاً بنسب كبيرة، حيث تراجع قطاع الزراعة بنسبة 10.6%، في حين تراجع قطاع الخدمات بنسبة 7.7%، يليه القطاع الصناعي بنسبة 6.1%، ثم الكهرباء بنسبة 3.95%، ثم الأسمنت بنسبة 1.57%. في المقابل أحرزت قطاعات أخرى أداء إيجابياً طفيفاً، حيث أحرزت الاتصالات ارتفاعاً بنسبة 1.7%، والتأمين بنسبة 0.34%، وأخيراً البنوك بنسبة 0.15%. أما من حيث مساهمة القطاعات في السيولة المتداولة، فلا تزال الصناعة تأتي على قمة القطاعات بنسبة 45.03%، والخدمات بنسبة 29.9%، يليها الزراعة بنسبة 9.38%. باختصار، هذا الأسبوع ارتفعت أسهم شركتي تهامة وسامبا، في حين انخفضت أسهم 79 شركة، منها 68 شركة هبطت بنسب تفوق 10%، جاءت على رأسها شركات الفنادق والعقارية ومعدنية والشرقية الزراعية والمجموعة السعودية. ويتوقع خلال الأسبوع القادم وفي ظل عدم انتظار أي قوى دافعة أو محفزة للسوق أن يدخل السوق في مسار تذبذبي ضيق أقرب للنزول، وبخاصة مع بدء الاكتتابات، ويحتمل بقوة أن يدخل المؤشر مرة أخرى مساره الصفري، والذي كل التمني أن يحدث بعيداً عن مزيد من الضغوط على الأسهم الاستثمارية الكبرى التي أفقدت السوق سماته الاستثمارية. محلل اقتصادي ومالي [email protected] **** التغير في قيمة رسملة السوق البيان القيمة إغلاق 12 يوليو 1.781.8 إغلاق 19 يوليو 1.573.6 الخسارة في الأسبوعين 387.3 الجدول 1 *** أداء القطاعات السوقية خلال الستة أيام الماضية البيان قيمة المؤشر نسبة التغيير كمية التداول تراكمي البنوك 30.299.18 0.15 27.701.743 الصناعة 21.686.71 -6.13 524.164.173 الأسمنت 6.688.01 -1.57 24.198.445 الخدمات 3.335.48 -7.65 98.943.925 الكهرباء 1.858.60 -3.95 161.971.067 الاتصالات 3.849.37 1.72 31.360.294 التأمين 2.043.12 0.34 3.098.437 الزراعة 5.075.54 -10.57 142.030.684 الجدول 2 ***** البيان قيمة المؤشرفي النهاية التغير نسبة التغير 19-07-06 10,485.06 -707.3 -6.32 18-07-06 11,192.36 -155.13 -1.37 17-07-06 11.347.49 904.23 8.66 16-07-06 10.443.26 -314.35 -2.92 15-07-06 10.757.61 -1.110.81 -9.36 الجدول 3