اطلعت على ماكتبه الأخ عبدالرحمن السماري بتاريخ 28 ربيع الاول الفائت حول ديوان المظالم وأنه من أحسن المرافق دقةً وتنظيماً وأن مشايخه المتمكنين هم واجهة مشرقة للقضاء في بلادنا. ولا شك أن الأخ الكاتب في ثنائه على هذا الجهاز إنما يعبر في نفس الوقت عن وجهة نظر غيره فكل من ذكر عنده هذا المرفق يثني عليه ويدعو للعاملين فيه بخير ولا غرابة فهو بحق مرفق قضائي عريق ومتميز بين أجهزة العدل والقضاء على مستوى العالم وقد أثبت طوال عمره المديد الذي يربو على الثمانين عاماً قدرته على رد الكثير من المظالم والحقوق إلى أصحابها والفصل في الكثير من القضايا والإشكاليات التي نشأت بين الجهات الحكومية أو الخاصة من جهة وبين العاملين فيها أو المتعاملين معها من جهة أخرى وقد راجعت الديوان عدة مرات في السنوات الثلاث الأخيرة فلم ألاحظ أي اختلاف في المواعيد أو أن القاضي مشغول عنا بقضية أخرى أو أنه غير متواجد في الموعد المحدد أو غير ذلك من حالات عدم الانضباط المعهودة التي تواجه أصحاب القضايا لدى بعض المحاكم وتعكر المزاج، وما لاحظته كان يتعلق بأمور عامة كلها تقريباً محسوبة للديوان وليست عليه ومن أبرز ذلك: 1- كثرة المراجعين ولا أدري هل ذلك دليل على كثرة المظالم أم دليل على كثرة المتظلمين وهذا هو الراجح لأن بعض الناس وبخاصة الموظفون لا يبالون في التظلم من أتفه الإجراءات التي تتخذها إداراتهم بحقهم مستغلين كون الديوان لا يرد أي دعوى ولا يضع قيوداً على ذلك تسهيلاً من المسؤولين فيه جزاهم الله خيراً على كل من يطالب بحق أو يرد مظلمة. 2 - القضايا التي ينتهي نظرها من قبل الديوان يصدر الحكم بقبولها لصالح المدعي أو رفضها لصالح الجهة المُدعَى عليها ولا يترتب على المدعي بسبب رفض دعواه أية تبعة أو مسؤولية كأن تعتبر دعواه كيدية كما في حال بعض الدعاوى التي يرفعها أصحابها إلى بعض الجهات الإدارية فتتحول على يد بعض المحققين إلى شكوى كيدية تعرض صاحبها في نهاية الأمر لبعض العقوبات التأديبية. 3 - تأخر البت في القضايا المنظورة لدى الديوان عدة سنوات بما في ذلك القضايا العادية ويعود ذلك إلى أسباب منها كثرة القضايا التي بلغت في عام واحد أكثر من 15 ألف قضية وفقاً للإحصاءات المقدمة من الديوان إلى مجلس الشورى مؤخراً. ثم هناك سبب آخر للتأخير وهو قلة الفروع ومركزيتها وانعدامها في المناطق البعيدة التي تحتاج إلى فروع خاصة بها. والسبب الثالث هو حرص المشايخ على إصدار أحكام سليمة ودقيقة ومنصفة لأطراف كل قضية. 4 - في قضاء الديوان لا تشعر بأي شكل من أشكال الرهبة المعهودة في قضاء المحاكم فالقاضي في ديوان المظالم لا يزجر أحداً ولا ينهره ولا يسكته ولا يطلب إخراجه ولا تلمس منه غير السماحة وخفة النفس والمعاملة الإنسانية الحسنة بكل معنى الكلمة. فليت هذا أن يسود في دوائر المحاكم التي ينبغي أن تتحمل مسؤوليتها في كونها قدوة في نظر الناس ومثالاً يحتذى في حسن التعامل وضبط الأعمال والمواعيد والمحافظة على أوقات الدوام. 5 - بالرغم من كثرة المصاعد واتساعها إلا أنها تبدو مزدحمة في بعض الأحيان وقد يساعدك أحد المراجعين فيفسح لك في المكان كما حدث بالنسبة لي ويبدو أن الرجل الذي ساعدني من ذوي الشخصيات غير العادية ولم يكتفِ بإفساح المكان والضغط على نفسه بل شد على يدي يحييني بطريقة غير مألوفة بين مراجعين لا يعرف بعضهم بعضاً لكن هذه الحفاوة لم تدم طويلاً، فقد كان يظنني أحد مشايخ الديوان فلما علم أنني مراجع مثله أشاح بوجهه عني. وأخيراً فقد بحثت في شبكة المعلومات - الإنترنت - لعلي أجد شيئاً من المعلومات أو الإحصائيات المقارنة عن نشاط الديوان طوال السنوات الماضية فلم أجد ذكراً للديوان برمته ولا أدري كيف يغيب اسم هذا المرفق الهام في عالم القضاء ولا يكون له وجود في هذه الساحة المهمة من ساحات الإعلام الحديث.