كان خطاب خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - الذي ألقاه في مجلس الشورى بتاريخ الثالث من شهر ربيع الأول لعام 1427ه والمنشور نصه في العديد من الصحف الوطنية ومنها جريدة الجزيرة بتاريخ الأحد 4 - 3 - 1427ه الموافق 2 - 4 - 2006 خطاباً شاملاً ووافياً، تعرض فيه - سلَّمه الله - لمعظم ما يجول في خواطرنا تجاه بلادنا الغالية. وكان قد أشار في معرض خطابه إلى حرص الدولة - رعاها الله - على الاهتمام بالمناطق التي لم تحصل على نصيبها من التطور الذي حظيت به العديد من مناطق الوطن الأخرى، وكان مجلس الوزراء الموقّر برئاسة خادم الحرمين الشريفين والمنعقد في يوم الاثنين الموافق 20 - 2 - 1427ه قد دعا العديد من الجهات الحكومية إلى الاستفادة الكاملة مما خصص لها من مبالغ مالية من فائض إيرادات الميزانية خلال السنوات الماضية والحالية والبالغ أكثر من 121 مليار ريال. ونظراً لكوني أحد أبناء هذا الوطن ولكوني ممن يعنيهم هذا الأمر بالدرجة الأولى فقد رأيت أن أكتب هذه الأسطر للفت نظر المسؤولين وأصحاب القرار في وزارات الدولة ومؤسساتها وهيئاتها (مع يقيني بأن الأمر لم يغب عنهم ولكنه من باب التذكير فإن الذكرى تنفع المؤمنين) إلى محافظة من محافظات هذا الوطن هي في أمس الحاجة إلى الاهتمام والرعاية من خلال تأسيس البنى التحتية وتنفيذ المشاريع الحيوية مما سيسهم في استثمارها واستثمار أبنائها على المدى البعيد.. فهذه المحافظة هي محافظة الداير بني مالك تلك المحافظة الحالمة التي تجثم في جنوب الوطن وتتربع فوق قمم الجبال الشاهقات، والتي تعتبر قلب محافظات الجبال في منطقة جازان لوقوعها في مكان متوسط فيما بينهن، فالواقع أن تلك المحافظة في أمس الحاجة إلى لفتة كريمة من قبل الجهات المعنية، فالمحافظة ذات مساحة واسعة وتعداد سكاني كبير إلا أنها وللأسف الشديد تفتقر إلى العديد من الخدمات المهمة والحيوية والتي تتطلبها أي بقعة في العالم كي تلحق بركب النمو والتطور، فالبنية التحتية في هذه المحافظة شبه معدومة إن لم تكن معدومة، إذ إنها تفتقر إلى شبكات الهاتف، وشبكات المياه، والخدمات البلدية بشكل عام، كما أنها تعاني من غياب مراكز الترفيه والملاعب والصالات الرياضية، والصالات الثقافية، كما تعاني هذه المحافظة من قلة المراكز الصحية وتردي مستوى خدماتها. أما تعليم ما بعد الثانوي ككليات تعليم البنات والمعاهد والكليات الصحية والمعاهد المهنية والفنية فلا وجود له، وزيادة على ذلك فبعض نواحي وقرى المحافظة لم تعرف بعد الكهرباء التي هي عصب الحياة في هذا العصر. كما تعاني هذه المحافظة من سوء شبكات الطرق في المحافظة على الرغم من اعتماد بعض المشاريع الحديثة التي كان يعلّق عليها الآمال للنهوض بالمحافظة وخصوصاً أنها محافظة ذات طبيعة خلاَّبة وأجواء رائعة وآثار تاريخية تؤهلها لأن تكون إحدى مناطق الجذب السياحي بالجنوب، ولكن وللأسف الشديد كان تنفيذ تلك المشاريع عكس المتوقع، وذلك لغياب الرقابة الفعلية من الجهات المعنية على تنفيذ مثل تلك المشاريع التي تحسب على المشاريع الوطنية وهي في الواقع (عار عليها)، طريق جبل طلان كمثال. غياب مثل تلك الخدمات الأساسية والحيوية يؤثّر وبلا شك على إنسان تلك المحافظة، خصوصاً الشباب الذين هم عماد الأمة، فلكم أن تتخيلوا حالهم في ظل غياب تعليم ما بعد الثانوي، وغياب الفرص الوظيفية في المحافظة، وانعدام وسائل الترفيه وصالات الرياضة والثقافة التي من شأنها احتواؤهم واستثمار أوقات فراغهم، وزيادة على ذلك موقع المحافظة الحدودي الذي فتح المجال أمام ضعاف النفوس للتلاعب بأبنائنا (العاطلين وغيرهم) وإغراقهم في وحل المخدرات وغيرها من الفتن التي ستتفاقم وتتطور مستقبلاً. أملنا في الله ثم في حكومتنا الرشيدة ممثلة في وزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها أن تلتفت إلى تلك المحافظة من خلال تعاونها مع سمو أميرنا المحبوب الذي لا يألو جهداً في سبيل خدمة المنطقة بأكملها ومحافظاتها الجبلية بشكل خاص وذلك للنهوض بمحافظتنا وأخواتها من محافظات الجبال النائية والتي لم تحظَ بنصيبها من الخدمات والتطور حتى الآن، أملاً في أن تلحق بركب النمو المطرد الذي تشهده بلادنا الغالية بإذن الله. محمد المالكي