لو أننا تأملنا في كثيرٍ من الأزمات التي تأخذ اليوم بخناق مجتمعنا، أو نظرنا في معظم قضايانا المحلية التي يتناولها إعلامنا لوجدنا أن حلول تلك القضايا والأزمات تخرج غالباً من تحت عباءة التربية والتعليم.. فعندما تظهر مشكلة الغلو والتطرُّف بين الشباب فسوف نجد العلاج عند التربية، وعندما يعاني المجتمع من التهور المروري وإزهاق الأرواح البريئة فالحل لدى التربية، وعندما يشيع في المجتمع النفاق والفساد فإن التربية هي الحل، وعندما تتوجه انتماءات الناس نحو العشيرة والقبيلة والعصبة على حساب الوطن فابحث عن الحل عند التربية، وعندما تتواضع وتتخلف قدرة الشباب على التفكير إلى حد رهنهم عقولهم عند الآخرين ليفكروا نيابة عنهم، فالحل تجده عند التربية، وعندما يغيب الحوار المنطقي العقلاني بين الناس ويحل العنف بديلاً له فإن الحل تصنعه التربية. لكن ماذا لو أن التربية عجزت عن تقديم الحلول المأمولة منها، بل ماذا لو أن التربية نفسها أصبحت تساهم في إنتاج وتوليد أزمات مجتمعية بدلاً من أن تقدم حلولاً لها. عندما يحدث هذا تكون نذر الخطر العظيم القادم قد بلغت ذروتها، عندئذٍ يصبح واجباً وطنياً مُلحاً على كل المفكرين التربويين أن يحذِّروا الناس وصانعي القرار التربوي والسياسي من مغبة العواقب الوخيمة التي قد تحل بالمجتمع إن لم يستشعر الجميع خطورة الوضع ولم يهبوا لإعادة صياغة التربية من جديد.