علمتني تجربتي الطويلة نسبياً في مجال التربية والتعليم أنه يجب أن يكون لدى القائد التربوي من عمق الرؤية وبعدها ونضجها والإيمان العميق بها ما يجعله ويجعل من حوله مقتنعين وواثقين تماماً بسلامة الاتجاه وصحة المنهج الذي اختاره القائد للوصول إلى الهدف. وعندما يفتقد القائد التربوي إلى مثل هذه الرؤية فسوف تتبعثر الجهود ويتبلد الناس ويكثر التردد ويسود الغبش والتخبط وتقل المبادرات الفردية ويصبح العمل مجرد خليط من المحاولات والأخطاء. لكن رؤى القائد التربوي قد تكون أحياناً مصدر خلل يصيب المؤسسة، يحدث هذا عندما يكون القائد مؤدلجا تربويا.. أي مسكون بأفكار تربوية معينة ومحددة إلى الحد الذي يعميه عن رؤية الأفكار والطروحات التي يبديها الآخرون، بل وتعميه عن رؤية حقائق الواقع التي تتعارض مع طرحه التربوي، هنا يتعثر الحوار بين القائد ومن حوله، وقد يصل به الأمر إلى التقليل من طرح رؤى الآخرين أو تجاهلها. يجب أن يكون للقائد التربوي من اتساع الرؤية وبعدها ما يسمح للناس بطرح مرئياتهم ويكشف لهم عن نبل وسمو الهدف النهائي ما يعزز إيمانهم به ويثير حماسهم للوصول إليه، أما تقرير أفضل الأساليب للوصول إلى ذلك الهدف فيتركها لما يستقر عليه حوار مفكري وقياديي المؤسسة.